أعلنت إسرائيل أمس أنها ستحقق في الهجوم الدامي الذي شنته قواتها على «أسطول الحرية» الأسبوع الماضي، وستبحث في وسائل بديلة لتنفيذ حصارها لغزة، فيما تمسكت تركيا ب «معاقبة إسرائيل دولياً»، ورهنت إعادة تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية بقبولها إجراء تحقيق دولي في الاعتداء. وأعلنت الجامعة العربية أن أمينها العام عمرو موسى سيزور القطاع الأسبوع المقبل، فيما طرحت فرنسا وبريطانيا إعادة نشر مراقبين أوروبيين في منافذ غزة لتخفيف الحصار، مع ضمان عدم تهريب أسلحة. ومع تزايد الضغوط الدولية والداخلية على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للتحقيق في الهجوم، أعلن وزير دفاعه إيهود باراك إجراء تحقيق خلال جلسة برلمانية مساء أمس، رداً على اقتراح بسحب الثقة قدمته أحزاب معارضة بسبب الغارة، بعد يوم من رفض تل أبيب اقتراح الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة رئيس حكومة نيوزيلندا السابق جيفري بالمر وعضوية الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا، خشيةً من «سابقة خطيرة». ولم يحدد باراك طبيعة هذا التحقيق الذي يسود اعتقاد بأنه سيكون «طاقم فحص» أو «تقصي حقائق»، لا لجنة تحقيق، يضم خبراء إسرائيليين في القانون الدولي معروفين دولياً ينضم إليهم رجلا قانون أو ثلاثة دوليون «بموافقة إسرائيل» من دون أن تكون لهم صلاحيات في الفحص أو التحقيق، وتكون المهمة الرئيسة للطاقم فحص قانونية الحصار البحري على غزة وسبل تنفيذه، وفحص أحداث اعتراض السفن، «شرط عدم التحقيق مع المقاتلين الإسرائيليين من الوحدة البحرية 13» أو مع أي من القادة العسكريين. وزادت الضغوط على نتانياهو المطالب الداخلية بالتحقيق في الهجوم الإسرائيلي، مع ارتفاع مزيد من الأصوات التي تنتقد الحكومة على سلوكها، وتقديم رئيسة حزب «كديما» المعارض تسيبي ليفني للكنيست أمس اقتراحاً بحجب الثقة عن الحكومة «التي تحاول التهرب من مسؤوليتها عن مواجهة قافلة السفن وتحميلها للجنود وقادتهم». من جهتها، دعت تركيا إلى معاقبة إسرائيل دولياً على هجومها، مشددة على أنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل إذا رفضت إجراء تحقيق دولي في الاعتداء. وهيمن الاعتداء الإسرائيلي الذي خلف تسعة قتلى أتراك والحصار على غزة، على أعمال «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا» الذي بدأ أعماله أمس في اسطنبول، بمشاركة زعماء روسيا وسورية وإيران وباكستان وأفغانستان. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوري بشار الأسد في اسطنبول أمس، إن إسرائيل «ستدفع ثمن شهداء أسطول الحرية»، لافتاً إلى أن بلاده «ستتابع الجهود لفتح تحقيق دولي مستقل في الجريمة». ودعا الى «عدم السماح بمرور هذه الجريمة من دون عقاب، ويجب أن تكون هناك ردود فعل حازمة». وعرض أداء «دور نشط» للتوصل إلى مصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس»، موضحاً أن «حماس» رحبت بأن تؤدي أنقرة دور الوسيط. وأضاف: «المسؤولون في حماس أعطونا التفويض المطلوب في هذه القضية ويقولون لنا إنهم يريدون حل المشكلة. نريد أن نرى المقاربة نفسها من فتح، وسأجري اجتماعاً معهم بعد فترة قصيرة»، في إشارة إلى لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أنقرة أمس. وجاءت هذه التطورات في وقت تواصلت ردود الفعل العربية والدولية المطالبة برفع الحصار عن غزة والتحقيق في الهجوم. واقترح وزيرا الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والبريطاني وليام هيغ أن يتولى الاتحاد الأوروبي مراقبة منافذ غزة «في شكل صارم جداً... وتفتيش حمولات السفن المتوجهة إلى القطاع». وقال هيغ: «نعتقد أن من المهم جداً إجراء تحقيق فوري ومحايد وموثوق به وشفاف... ونعتقد أنه لا بد من أن يكون هناك تواجد دولي بحد أدنى في هذا الاستجواب أو التحقيق، وهذا ما قلته للحكومة الإسرائيلية مجدداً». وفي طهران، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية أمس عزمها على إرسال ثلاث سفن وطائرة محملة بالمساعدات الانسانية إلى غزة «في نهاية الأسبوع». وقال المدير الدولي للهلال الأحمر عبدالرؤوف أديب زاده لوكالة الأنباء الرسمية: «نحن في طور استئجار سفينتين ستنقل احداهما 70 عاملاً إنسانياً من ممرضين وأطباء، والثانية الأدوية والأغذية وستبحران في نهاية الأسبوع، بالتنسيق مع الحكومة التركية». وأضاف أن الهلال الأحمر سيرسل «طائرة محملة 30 طناً من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر». وسيزور عمرو موسى غزة الأسبوع المقبل. وأكد رئيس مكتبه السفير هشام يوسف أن «الزيارة تأتي تضامناً مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار، ولتأكيد ضرورة الإسراع بتحقيق المصالحة الفلسطينية».