تواصلت ردود الفعل العربية والدولية المطالبة برفع الحصار عن غزة والتحقيق في الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية». وفي وقت عرضت فرنسا وبريطانيا رقابة أوروبية على منافذ غزة لتخفيف الحصار، قررت إيران إرسال ثلاث سفن وطائرة مساعدات إلى القطاع. وأعلنت الجامعة العربية أن أمينها العام عمرو موسى سيزور غزة الأسبوع المقبل. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير: «كنا في فترة ما مكلفين معبر رفح. ويمكننا أن نقترح مجدداً أن يتولى الاتحاد الأوروبي وأن تتولى الدول الأوروبية مراقبة هذا المعبر في شكل صارم جداً... في مقدورنا تماماً تفتيش حمولات السفن المتوجهة إلى غزة. يمكننا القيام بذلك، ونود القيام به، وسنقوم به بسرور كبير. وينبغي أن يشارك الاتحاد الأوروبي أكثر مما يفعل حالياً، عملياً وسياسياً ومادياً، وأن ينخرط أكثر على طريق السلام». ورأى أن «الوضع في غزة لا يحتمل بالنسبة إلى الناس المحاصرين منذ فترة طويلة. ومن يستفيد من هذا الوضع؟ إنهم أولئك الذين يمررون بضائع في الانفاق، والذين يفرضون ضرائب على المنتجات التي تدخل. لا يمكن الاستمرار على هذا النحو»، مؤكداً في المقابل «انني أفهم ضرورة ضبط الأسلحة». من جهته، قال هيغ الذي بدأ جولة في عواصم أوروبية يزور خلالها روما وبرلين ووارسو إنه عقد محادثات مكثفة مع شركائه تناولت كيفية ضمان «إمكان تدفق المعونات والمساعدات الاقتصادية العادية إلى غزة من دون إتاحة تدفق أكبر للسلاح. وأعتقد أن في إمكان الاتحاد الأوروبي المساعدة في ذلك مثلما فعل في الماضي». ودعا الوزيران إسرائيل إلى قبول تحقيق دولي في اعتراض «أسطول الحرية». وقال هيغ: «نعتقد أن من المهم جداً إجراء تحقيق فوري ومحايد وموثوق به وشفاف... ونعتقد أنه لا بد من أن يكون هناك تواجد دولي بحد أدنى في هذا الاستجواب أو التحقيق، وهذا ما قلته للحكومة الإسرائيلية مجدداً». وشدد كوشنير على أن إجراء تحقيق دولي واسع في مصلحة إسرائيل. وأضاف: «الرد متروك لهم، لكنني أعتقد أن الأميركيين والفرنسيين والأممالمتحدة قدموا اقتراحاً دقيقاً تماماً بالفعل»، في إشارة إلى اقتراح تشكيل لجنة برئاسة رئيس وزراء نيوزيلندا السابق. وقال: «هذا التحقيق هو حكم دولي لأن دولاً عدة ضالعة فيه... كان ردنا في الاساس أنه يعود للأمين العام للامم المتحدة ان يختار شكل هذا التحقيق. سمعنا كلاماً عن الصليب الاحمر الدولي، عن تحقيق تقوده الاممالمتحدة ولكن بمشاركة أطراف دولية عدة، وهذا ما نحن عليه الآن». وقالت مصادر فرنسية مطلعة ل «الحياة» إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس، بأن «من مصلحته الموافقة على التحقيق إن لم يكن لديه ما يخفيه». وأشارت إلى أن ساركوزي الذي يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإثنين المقبل، دعا نتانياهو إلى «الاستجابة لطلب مجلس الأمن القيام بتحقيق غير منحاز ويحظى بصدقية في ظروف العملية الإسرائيلية على أسطول الحرية، معرباً عن استعداد فرنسا للمشاركة في التحقيق»، وأوضح له أنه «إذا كان يعتبر أن تنظيم الأسطول كان فخاً هدفه إثارة مشكلة فإن التحقيق سيظهر ذلك» كذلك، أكد ساركوزي «الحاجة الملحة إلى إنهاء الحصار عبر آليات تسمح لإسرائيل بضمان أمنها، وتزويد غزة بما تحتاجه مع احترام السلطة الفلسطينية». وأوضحت المصادر أنه «لا بد من إيجاد مخرج لإنهاء الحصار، لأن سفن مساعدات أخرى ستتوجه إلى غزة، وإذا تزايدت هذه السفن، فإن الحل الوحيد سيكون تخفيف الحصار، على أن تتولى الدول المانحة وإسرائيل ومصر تنظيم وصول المعونات عبر نقاط العبور». المساعدات الإيرانيةلغزة وفي طهران، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية أمس عزمها على إرسال ثلاث سفن وطائرة محملة بالمساعدات الانسانية إلى غزة «في نهاية الأسبوع»، بينما حذرت اسرائيل من أنها ستمنع تقدم اي سفينة تحاول كسر الحصار. وقال المدير الدولي للهلال الأحمر عبدالرؤوف أديب زاده لوكالة الأنباء الرسمية: «نحن في طور استئجار سفينتين ستنقل احداهما 70 عاملاً إنسانياً من ممرضين وأطباء، والثانية الأدوية والأغذية» إلى سكان غزة. وأوضح أن «السفينتين ستبحران في نهاية الاسبوع»، وان العملية ستجري «بالتنسيق مع الحكومة التركية، كما سنرسل سفينة مستشفى الى سواحل غزة في المستقبل القريب». وأضاف أن الهلال الأحمر الإيراني سيرسل «طائرة محملة 30 طناً من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر... ويمكن للمتطوعين الذين يريدون الذهاب إلى غزة ومساعدة شعب فلسطينالمحتلة المستضعف تسجيل أسمائهم على موقع الهلال الأحمر». وذكرت وكالة الانباء «فارس» نقلاً عن المسؤول في الهلال الأحمر أبو الحسن فقيه أن عشرين ألف متطوع سجلوا في الأيام الثلاثة الماضية للمشاركة في الرحلة. وأكد اديب زاده أن قرار إرسال هذه المساعدات اتخذ بعد اجتماعات مع وزارة الخارجية والأمانة العامة «للجنة الايرانية للدفاع عن الشعب الفلسطيني». وأعلن الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمنباراست أن «إرسال هذه السفن عبر بلدان مختلفة سيتحول إلى حركة احتجاج على حصار غزة وجرائم النظام الصهيوني. وفي ذلك أحد أهم إخفاقات هذا النظام». زيارة موسى للقطاع في غضون ذلك، أعلنت الجامعة العربية أمس أن أمينها العام عمرو موسى سيزور غزة الأسبوع المقبل. وأكد رئيس مكتب الأمين العام السفير هشام يوسف أن «الزيارة تأتي تضامناً مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار، ولتأكيد ضرورة الإسراع بتحقيق المصالحة الفلسطينية»، كما تأتي «في ضوء ما ناقشه اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير لكسر الحصار وللتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة والوقوف على حقيقة الوضع والتعرف على حاجات الفلسطينيين وكيفية العمل على تجاوز الوضع الحالي». وأشار إلى أن موسى «سيبحث خلال الزيارة في كيفية تحقيق المصالحة الفلسطينية»، مؤكداً أن «الانقسام الفلسطيني يمثل العقبة الكبيرة ويؤثر سلباً على صورة القضية الفلسطينية وكيفية تعامل المجتمع الدولي معها». ورأى أن «من المهم أن نبحث في كيفية إحراز تقدم في عملية المصالحة في ضوء الجهود التي تبذلها مصر في هذا الشأن». وأوضح أن الزيارة ستتم خلال أيام بعد إتمام موسى زيارته إلى تركيا خلال الفترة من 9 إلى 11 حزيران (يونيو) الجاري لحضور اجتماعات المنتدى العربي - التركي. وأشار إلى أن «الجامعة بدأت الاتصالات والمشاورات لترتيب الزيارة، إذ أجرى الأمين العام اتصالات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وتتم حالياً ترتيبات مع مصر بالنسبة إلى معبر رفح». ومن المقرر أن يزور الأمين العام عدداً من المنشآت التي تم تدميرها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وتعذرت إعادة بنائها بسبب الحصار، كما سيلتقى القيادات الفلسطينية في القطاع، ويزور مقر وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين «أونروا». العاهل الأردني يريد تحقيقاً مستقلاً من جهة أخرى، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس ضرورة إجراء «تحقيق دولي مستقل» في الهجوم الاسرائيلي الدامي على «أسطول الحرية». وقال الديوان الملكي الأردني في بيان إن الملك أكد في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي عبدالله غُل «ضرورة إجراء تحقيق دولي ومستقل في الهجوم الذي يشكل جريمة مرفوضة وخرقاً واضحاً للقانون الدولي». وأعرب الملك خلال الاتصال عن «تعازيه ومواساته بوفاة المواطنين الأتراك الذين استشهدوا خلال العدوان الاسرائيلي على اسطول قافلة الحرية الاسبوع الماضي»، كما بحث الزعيمان في «العلاقات بين البلدين، إضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة وسبل التعامل معها بما يخدم القضايا العربية والإسلامية». وفي سياق موازٍ، قال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال الناطق باسم الحكومة نبيل الشريف أمس إن سفارة بلاده في إسرائيل تواصل اتصالاتها بالجهات الإسرائيلية المعنية لاسترداد جوازي سفر ناشطين أردنيين كانا في «أسطول الحرية». وأضاف في بيان أن السفارة «ما زالت تواصل جهودها واتصالاتها بالجهات الإسرائيلية لمعرفة مصير جوازي السفر الأردنيين المتبقيين». وبحسب نقابيين أردنيين، فإن اسرائيل كانت صادرت تسعة جوزات من ناشطين أردنيين كانوا على متن «اسطول الحرية». وأضاف الشريف أن «جوازات السفر وثائق محمية بموجب القانون الدولي ولا يجوز احتجازها لأي سبب كان». ماليزيا تدين سلوك «العصابات» من جهته، وصف رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق أمس الإسرائيليين بأنهم «رجال عصابات عالميون»، وطالب بمحاكمة المسؤولين عن الهجوم على «أسطول الحرية» أمام محكمة العدل الدولية. وقال رزاق أمام البرلمان إن «ماليزيا ستطلب من مجلس الأمن إدانة الاعتداءات الإسرائيلية والعمل على محاكمة مرتكبيها أمام محكمة العدل الدولية». وطلب من الولاياتالمتحدة ممارسة أقوى الضغوط على إسرائيل. وأكد أن «فرق الكوماندوس الإسرائيلية أطلقت النار على الناشطين من قرب وحتى على ظهورهم في عمل جبان لا يمكن الصفح عنه». وتابع أن «سلوكاً كهذا أصبح ممكناً لأن رجال العصابات العالميين، إسرائيل، يعرفون أنهم محميون من قبل قوة عالمية». ووافق البرلمان الماليزي بالإجماع على مذكرة الإدانة التي طرحها رئيس الوزراء. وكان وزير الخارجية الماليزي حنيفة إمام طلب من مجلس الأمن أن يكون أكثر قسوة حيال إسرائيل. وعبر عن أسفه لأن «العالم، بما في ذلك الدول الاوروبية، اتخذ موقفاً قوياً جداً، لكن ما قالته الأممالمتحدة ضعيف جداً جداً». تظاهرة في السنغال إلى ذلك، نفذت جمعيات نسائية أمس تجمعاً في دكار للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على «أسطول الحرية». وهتفت نحو 50 مشاركة: «افرجوا عن غزة! إسرائيل مجرمة!» أمام مقر وزارة الخارجية في وسط دكار قرب السفارة الإسرائيلية. وارتدت غالبية المتظاهرات الأبيض وحملن لافتات كتب عليها: «من أجل حل نهائي للمسألة الفلسطينية»، و «لا لإفلات اسرائيل من العقاب». وفي ختام التظاهرة التي واكبتها الشرطة من دون حوادث، تلت المشاركات بياناً يطالب «الأممالمتحدة بتبني عقوبات قاسية من أجل رفع الحصار عن غزة فوراً». «غزة الحرة» تغلق مكاتبها في قبرص على صعيد آخر، أعلنت «حركة غزة الحرة» التي تدعو إلى كسر الحصار أمس إغلاق مقرها في قبرص احتجاجاً على عدم تعاون الحكومة القبرصية معها. وأعلنت المنظمة التي ساعدت في تنظيم «أسطول الحرية» أنها ستغلق مكاتبها اليوم وتنتقل إلى لندن في وقت لاحق. وكانت الحكومة القبرصية منعت عدداً من السفن والركاب من مغادرة الجزيرة والالتحاق ب «أسطول الحرية» الذي توقف قبالة سواحل الجزيرة قبل أن يتوجه إلى غزة. وقال اودري بومسي العضو في المنظمة: «سنغادر الثلثاء وسيغلق المكتب لأننا نشعر بأن لم يعد مرحب بنا في قبرص، وقد أوضحت الحكومة ذلك في شكل جلي». وأكدت أنه لم يتم إبلاغ المنظمة مسبقاً بالأمر التنفيذي «السري» الذي يحظر استخدام قبرص نقطة انطلاق للسفن التي كانت متوجهة لكسر الحصار على غزة. وقالت: «لو كنا نعلم ذلك لما كنا أحضرنا نواباً أوروبيين إلى قبرص للانضمام إلى الأسطول... إذا كانت هذه هي الطريقة التي تعامل بها قبرص المنظمات الخيرية فيها، فذلك يعني انه آن لنا أن نغادر هذا المكان».