في 14 نيسان (أبريل) 2010 ثار بركان «إيّافيالّايوكول» في «آيسلندا» للمرة الثانية في شهرين، بعد أن خمد لقرابة 200 عام. وقذف حمماً بركانية ورماداً إلى طبقة ال «ستراتوسفير»، فحملتها الرياح العاتية نحو شمال أوروبا وغربها. وبضربة واحدة تلقّت أوروبا بسبب ذلك البركان كارثة تجارية كبيرة، إذ أغلقت مطاراتها وألغيت الرحلات الجوية لأسابيع. وبمطالعة السجلات التاريخيّة للثورات البركانية التي ضربت أوروبا وآسيا وغيرت في شكل أو آخر جغرافية المنطقة المنكوبة وتاريخها، يتبيّن وجود مناطق تشكّل مصدراً للقلق من عودتها إلى سابق سيرتها في ثورات البراكين وآثارها المدمرة، ومن بينها: بركان طوبا: (أندونيسيا)، ثار قبل 76000 سنة، قوّته لامست 8 درجات، أصدر 2800 كيلومتر مكعّب من الحمم. بركان تمبورا: (أندونيسيا)، ثار قبل 200 سنة، لامست قوّته 7 درجات، أخرج 150 كيلومتراً مكعباً من الحمم، وتسبب بوفاة عشرات الآلاف. بركان ثيرا: (شرق المتوسط، 110 كيلومترات شمال جزيرة كريت )، ثار في العام 1630 ق.م. قوّته عند الدرجة 7، أخرج 60 كيلومتراً مكعباً من الحمم. بركان كراكاتاو: (بين جزيرتي سومطرة وجاوة في أندونيسيا)، ثار في العام 1883، قوته على الدرجة 6، أطلق 18 كيلومتراً مكعّباً خلال عشرة أيام، وقضى على 163 قرية وقتل 40 ألف نسمة. بركان لاكي: (آيسلندا)، ثار عام 1783، قوّته عند الدرجة 6، أطلق 14 كيلومتراً مكعّباً من الحمم التي وصلت إلى 70 كيلومتراً فوق الجبل. بركان فيزوف: (إيطاليا قرب مدينة نابولي)، ثار سنة 79 ميلادية، قوته عند الدرجة 6، أطلق 4 كيلومترات مكعبة من الحمم، وطمر مدينتي بومبي وهركولانيوم تحت أمتار من الرماد والحمم، وقتل 16 ألف نسمة. بركان جبل سانت إيلين، (في ولاية واشنطن الأميركية)، ثار عام 1980، قوته عند الدرجة 5، أطلق كيلومتراً مكعباً من الحمم، وترافق مع زلزال بقوة 5.1 درجة على مقياس ريختبر، قتل 57 نسمة. بركان إتنا: (صقلية - إيطاليا)، ثار مرات عدة في التاريخ، أكبرها في العام 1669 وأدّى إلى وفاة 20 ألف شخص. بركان مونت بيليه: (جزيرة المارتينيك، من جزر الأنتيل في أميركا الوسطى)، ثار عام 1902، قوّته عند الدرجة 3، أطلق 0.03 كيلومتر مكعب من الحمم لكنه دمّر مدينة سان بيار في غضون دقائق وتسبّب بمقتل 40 ألف نسمة. العرب ليسوا آمنين على رغم أن منطقتنا العربية لم تشهد نشاطاً بركانياً منذ 760 عاماً، أيام ثورة بركان «جبل الملساء» جنوب شرقي المدينة المنوّرة في المملكة العربية السعودية، إلا أن بصمات مئات البراكين الخامدة لا تزال تذكّر بالماضي الجيولوجي العنيف الذي عانته المنطقة الممتدة من اليمن جنوباً حتى الهضبة السورية عند جبل العرب شمالاً. إذ لا تزال الحَرّات البركانية ماثلة في مناطق الخليج العربي، بل تظهر 13 منها في شكل واضح عبر الأقمار الاصطناعية، وتحظى حاضراً باهتمام البعثات الجيولوجية، وبعضها بات مزاراً سياحياً مقصوداً. أكبر تلك الحرّات هي حرّة «رهط» جنوب مدينة مكةالمكرمة، وتقدّر مساحتها بحوالى 20 كيلومتراً مربعاً، وتحتوي على ما يفوق ال 700 فوهة بركانيّة خامدة. ويعتقد الجيولوجيون بأن براكين المنطقة العربية خامدة وليست ميتة، بمعنى أنها ربما تعود إلى الثوران في مستقبل مجهول. ويقع مرفأ عدن القديم في حفرة بركان خامد، ويمتد على شكل شبه جزيرة منخفضة. يستحيل التنبّؤ بموعد ثوران ال «سوبر فولكانو». ولم يتسنّ لعلماء البراكين إلى الآن، أمر متابعة «طبخة» بركان من ذلك المستوى أو ما يقاربه، وفق جان فيليب بيريللا، وهو عالم جيولوجيا في «مرصد علوم الأرض» في مدينة ليون في فرنسا. «ما زلنا نجهل الإشارات البركانية على سطح القشرة الأرضية التي تدلّ على موقع الانفجار المقبل لل «سوبر فولكانو» ودرجته وموعد حدوثه التقريبي»، يتابع بيريللا. كل ما يستطيع علماء البراكين فعله حاضراً هو مراقبة بعض المواقع التي كانت لها بصماتها في تاريخ الجيولوجيا الأرضية، كحديقة «يلوستون» في الولاياتالمتحدة. وفي تلك المنطقة، قاس الباحثون ارتفاعاً في القشرة الأرضية بلغ قرابة 60 سنتيمتراً خلال 50 عاماً. كذلك يجري رصد موقع بركاني في بوليفيا، في منطقة ترتفع قشرة الأرض فيها بنسبة تتراوح بين 1 و2 سنتيمتر سنويّاً، منذ 1992. وقرب مدينة نابولي في إيطاليا التي شهدت ثورة بركان بدرجة 7 قبل 39000 عام ، يلاحظ علماء البراكين كيف تنتفخ قشرة الأرض وتنخفض بانتظام منذ العام 1950، بل يصل أعلى انتفاخ لها إلى 3.5 أمتار! ربما تعني تلك التشوّهات أن كميّات ضخمة من ال «ماغما» تتراكم في الأعماق. ومن يدري، فقد نكون على موعد مع كارثة على مستوى الكوكب في مستقبل مازال مجهولاً.