يشهد الاستثمار في قطاع الطاقة تركيزاً شديداً على النفط والغاز، باعتبارهما من أهم الموارد الطبيعية التي ظلت تحتكر مجال الطاقة التقليدية، قبل أن يبدأ الحديث عن ضرورة رفع حجم تلك المنتجة من المصادر المتجددة في دول العالم. ورأت شركة «نفط الهلال» في تقرير أسبوعي، أن أسعار النفط المرتفعة «ساهمت في إضعاف نمو الاقتصاد العالمي، وزادت صعوبة التعامل مع تحديات استمرار تقلّب الأسعار والعائدات ومؤشرات النضوب، التي سبقت بدء الإنتاج التجاري للنفط الصخري». وبين ضرورات تعزيز إنتاجية قطاع الطاقة المتجددة وانخفاض أسعار النفط والغاز، «تتزايد التحديات والصعوبات أمام تحقيق إنجازات اقتصادية مهمة ومستدامة للدول المصدرة والمستهلكة للنفط». ولاحظ التقرير أن تركيز الدول المستهلكة للنفط «ينصبّ على تشجيع الاستثمارات الأجنبية في الطاقة المتجددة، نظراً إلى عدم قدرتها على توفير الدعم والتمويل الداخلي على رغم تراجع الأعباء المالية عند الأسعار الحالية»، فيما يساهم انخفاض الأسعار في «تقلّص استثمارات الطاقة المتجددة، لأنها «باتت غير مجدية ومكلفة مقارنة بالأسعار الرخيصة أو المعقولة لمصادر تلك التقليدية، وهذا يعني تدني جدوى مشاريع المتجددة حالياً». ويتزامن ذلك وفق التقرير مع «ازدياد مؤشرات تراجع الاستثمارات في الطاقة المتجددة والتقليدية، لأن النفط الرخيص لن يدفع الدول غير المنتجة إلى البحث عن بدائل لها، كما أن العائدات المنخفضة لن تدعم الدول المنتجة في تنفيذ مشاريع جديدة لتعزيز إنتاجها من النفط والغاز». وتبقى الفرصة متاحة للجانبين مع «ظهور مؤشرات تحسن أسعار النفط على رغم استمرار تخمة المعروض، فيما تتجه الأنظار إلى اتفاق مرتقب للمنتجين حول تجميد سقف الإنتاج عند حدود معينة، تكون قادرة على إحداث تغيير إيجابي في الأسعار المتداولة وبدعم خطط الإنفاق والاستثمار». في المقابل، تبرز مؤشرات «إيجابية» وفق «نفط الهلال» تتصل ب «تكاليف الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وفي مقدمها الرياح والشمس، حيث تتساوى أو تقل تكاليف إنتاجها عن كلفة إنتاج الغاز الطبيعي». واعتبرت أن «خيارات الإنتاج من المصادر البديلة هي الأفضل لتوليد الطاقة مقارنة بتلك المنتجة من الأحفورية». ولم يغفل التقرير أن المؤشرات الرئيسة «تعكس تراجع معايير الجدوى والكفاءة التشغيلية، ولن تتمكن التشريعات والقوانين المتطورة من تجاوز التحديات والعقبات أمام تسجيل قفزات استثمارية في قطاع الطاقة عموماً على المدى القصير». وعن أهم الأحداث في قطاع النفط والغاز، أعلن الرئيس التنفيذي ل «أرامكو السعودية»، أن الشركة «تواصل العمل في مشاريع المنبع والمصب في السعودية من دون إلغاءات». ولم يستبعد «بدء تشغيل مشروع الخريص عام 2018». وأوضح أن العمل على مشروع الوقود النظيف في راس تنورة «مستمر»، فيما «سيُستكمل توسيع حقل نفط الخريص عام 2018». وأفاد بأن الشركة «تقوّم حوض الجافورة للغاز غير التقليدي، الذي تتوافر فيه كميات واعدة»، في وقت «تخطط المملكة لتعزيز إنتاج الغاز المستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء وصناعات الكيماويات». وفي الإمارات أعلنت شركتا «دانة غاز» و «نفط الهلال»، نتائج تقرير الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الذي أعدته «برايس ووتر هاوس كوبرز» حول تأثير استثماراتهما في مشروعهما غاز إقليم كردستان العراق، بالشراكة مع ائتلاف «بيرل بتروليوم». وأظهر أن هذه الاستثمارات «حققت ولا تزال مساهمة كبيرة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إقليم كردستان العراق، بما يدعم أولويات السياسة والتنمية الاستراتيجية لحكومته على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وتخطت قيمة استثمارات الائتلاف 1.2 بليون دولار حتى الآن، تركزت في تطوير حقلي خور مور وجمجمال، ما يمثل أحد أضخم استثمارات القطاع الخاص في مجال النفط والغاز العراقي». ويتيح إمداد محطات توليد الطاقة بالغاز لتوليد 1750 ميغاواطاً من الكهرباء ما وفرها بكلفة زهيدة لملايين السكان في إقليم كردستان. وأتاحت هذه الاستثمارات للحكومة توفير أكثر من 3.4 بليون دولار سنوياً من موازنات الإقليم المخصصة لاستيراد الوقود لتوليد الطاقة، إلى جانب توفير نحو 16 بليون دولار منذ بداية المشروع عام 2008 وحتى عام 2014. وتُضاف إلى ذلك المزايا البيئية المتمثلة في تقليص انبعاثات الغاز المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، نتيجة استخدام الغاز الطبيعي كوقود نظيف في محطات توليد الطاقة. وبلغت قيمة خفض هذه الانبعاثات نحو 300 مليون دولار سنوياً. ولاحظ التقرير أن مشروع الغاز «أتاح ضخ استثمارات إضافية من القطاع الخاص في الإقليم زادت على 30 بليون دولار، وساهمت في تحقيق نمو كبير في الناتج المحلي». ويُقدَّر التأثير الاقتصادي للنشاطات الفرعية المرتبطة بالغاز «بمبلغ يتراوح بين 9.6 بليون دولار و15.5 بليون، أي بنسبة 40 إلى 66 في المئة من الناتج المحلي للإقليم عام 2011». في الكويت، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «البترول الوطنية» أن الكلفة الإجمالية لمشروع إنشاء مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال في منطقة الزور تبلغ نحو 2.9 بليون دولار». وقال إن الكلفة الإجمالية للمشروع «تتضمن 142 مليون دولار للمرحلة الهندسية و965 مليوناً للتوريد و1.67 بليون لمرحلة الإنشاء». ولفت إلى أن المشروع يشمل «إنشاء مرافق دائمة تسمح بتوريد 3 آلاف بليون وحدة حرارية بريطانية يومياً من الغاز الطبيعي، لتصل عبر الشبكة الوطنية إلى المستهلكين لتلبية الطلب المحلي المتزايد». وتوقع «تشغيل المشروع بالكامل في الربع الأول من عام 2021».