للمرة الأولى في تاريخ الأممالمتحدة سيخضع المرشحون لمنصب الأمين العام لجلسات استماع أمام الجمعية العمومية لإعلان ترشيحاتهم والدفاع عنها وإقناع مندوبي هذه المنظمة الدولية بها، وتشبه هذه الجلسات مقابلات الحصول على المنصب الذي أعلن ثمانية أشخاص حتى الآن ترشحهم له، أربعة رجال وأربع نساء، على أن تكون مدة الاستماع ساعتين لكل منهم يعرضون فيها مفهومهم لمنصب كبير الديبلوماسيين، ويردون على أسئلة البلدان الأعضاء ال193. وطوال عقود، كان الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الذي يضم (الولاياتالمتحدةوروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا)، يختارون الأمين العام في جلسة مغلقة، لكن شددت الجمعية العمومية هذه المرة على أن تتسم العملية بمزيد من الشفافية، ظاهرياً على الأقل، لأن الكلمة الاخيرة هي للدول الخمس الكبرى. وستبدأ عملية الاختيار فعلياً في تموز (يوليو) بين الأعضاء الخمسة عشر للمجلس، من خلال دورات عدة للانتخاب السري، وفي أيلول (سبتمبر)، سيطرح المجلس اسماً واحداً على الجمعية العمومية للمصادقة عليه. وستطلب الجمعية العمومية من كل مرشح أن يقدم ترشيحه خطياً، على أن يرفقه بنبذة عنه، وبين أبرز المرشحين مديرة «اليونيسكو» البلغارية إيرينا بوكوفا، ورئيسة الوزراء النيوزيلاندية السابقة هيلين كلارك التي ترأس برنامج الأممالمتحدة للتنمية والمفوض السابق للأمم المتحدة للاجئين، البرتغالي أنطونيو غيتيريس. وما زال السباق مفتوحاً، لأن ديبلوماسيين ينتظرون بروز مرشحين آخرين في الأشهر المقبلة، بمن فيهم شخصيات كبيرة تتحين الوقت المناسب، وغالباً ما تطرح أسماء المفوضة الأوروبية كريستالينا جورجيفا، وهي بلغارية أيضاً، ووزيرة الخارجية الأرجنتينية سوزانا مالكورا، المديرة السابقة لمكتب بان كي مون. وقال السفير البريطاني ماتيو ريكروفت، إن جلسات الاستماع ستكون بمثابة عملية اختيار أولى، وأضاف أنه «إذا لم يكن لدى المرشحين رؤية مقنعة، ولا يتحدثون بطريقة لافتة أو لا يظهرون مواهب قيادية، فسيكون من الصعب على أعضاء المجلس تشجيعهم». وقال ديبلوماسي آخر في المجلس فضل عدم كشف هويته: «يمكن أن تحصل مفاجآت»، مضيفاً: «إنها مناظرات تلفزيونية إلى حد ما، يمكن أن نستمع إلى مرشح يبدو بارزاً، أو إلى مرشح آخر يتمتع على ما يبدو بشخصية جيدة، لكنه قد ينهار خلال جلسات الاستماع»، وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين: «سنستمع إلى أفكار الناس حول مختلف المرشحين، ومن المهم أن يحصل الأمين العام المقبل على أكبر دعم ممكن من الدول الأعضاء». وأيد خمسة وستون بلداً، منهم اليابان وألمانيا، نداء وجهته كولومبيا لإيصال امرأة إلى منصب الأمين العام، بعدما تولى هذا المنصب حتى الآن ثمانية رجال، وتشدد روسيا على أن يكون الأمين العام المقبل من أوروبا الشرقية، المنطقة الوحيدة التي لم تشغل بعد هذا المنصب. وإضافة إلى البلغارية إيرينا بوكوفا، ترشح حتى الآن كل من الرئيس السلوفيني السابق دانيلو تورك وأربعة وزراء خارجية سابقون او حاليون، هم فيسنا بوسيتش (كرواتيا) وناتاليا غرمن (مولدافيا) وسرجان كريم (مقدونيا) وإيغور لوكسيتش (مونتينيغرو)، ويأتي انتقال السلطة هذا فيما تواجه الأممالمتحدة أخطر أزمات اللاجئين في تاريخها، وحروباً في كل من سورية واليمن وجنوب السودان. ويعتبر النقاد أن الأممالمتحدة عاجزة عن التأقلم مع التطورات وعن إجراء اصلاح داخلي، ولطخت سمعة قواتها مجموعة من فضائح التجاوزات الجنسية في أفريقيا. وفي هذه الظروف، يطالب بعض الديبلوماسيين بانتخاب شخصية مشهورة تتسم بالحيوية والفصاحة، وقال أحدهم: «نريد جنرالاً أكثر مما نريد أميناً عاماً».