ذكرت النيابة العامة المصرية، أن الوفد المصري، القضائي والأمني، الذي عاد من روما أمس، اختلف مع الجانب الإيطالي بخصوص طلب الأخير منحه سجل مكالمات تخص ما يقارب مليون شخص، هم السكان في محيط مكان سكن الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في وسط القاهرة ومكان اختفائه في حي الدقي ومكان العثور على جثته على طريق صحراوي قرب ضاحية السادس من أكتوبر عند أطراف القاهرة، فيما أعلنت وزارة الخارجية المصرية إنها تلقت أمس مذكرة رسمية من سفارة إيطاليا في القاهرة، تشير إلى أنه تم استدعاء سفير إيطاليا في القاهرة ماوريتيزو ماساري إلى روما «لإجراء بعض المشاورات مع الحكومة الإيطالية». وأوضح النائب العام المساعد في مصر المستشار مصطفى سليمان، أن طلب سجل المكالمات أثار الخلاف بين الجانبين، لافتاً إلى أن النيابة المصرية رفضت الأمر لأنه يخالف الدستور. وسئل سليمان عن طلب الجانب الإيطالي أرقام الهواتف في هذا المحيط وليس تسجيل مكالمات الأفراد، ما يعني أنه لا يمس الخصوصية، فأجاب أن «الجانب الإيطالي يطالب الجانب المصري باتخاذ إجراء مع أبرياء، ولا يجوز اتخاذ مثل هذا الإجراء. لا يجوز الحصول على معلومات تمس خصوصية أفراد يقارب عددهم مليون شخص، ما يمثل مساساً بالدستور. ومتى قامت دلائل على ارتكاب جريمة يجوز للنيابة العامة أن تصدر قراراً يتعارض مع الحريات الشخصية، بما فيها الوقوف على اتصالاته، إنما هذا الإجراء محظور على غير من قامت ضده دلائل ومرتكبه يتعرض للعقاب». وأوضح أن مصر نفذت 98 في المئة من مطالب الجانب الإيطالي عدا هذا الطلب، لأنه غير قانوني وغير دستوري. وقال المستشار سليمان إن المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس هدفه عرض حقائق وتفاصيل الزيارة التي قام بها الوفد القضائي والأمني المصري لروما، من دون التطرق إلى تفاصيل القضية، لافتاً إلى أن التعاون القضائي بين مصر وإيطاليا يتم بشكل إيجابي، فإيطاليا من أبرز الدول التي تتعاون قضائياً مع مصر ومن هذا المنطلق كنا حريصين على التعاون القضائي معها». وأوضح النائب العام المساعد، أن نتائج «تشريح جثة ريجيني من الطب الشرعي الإيطالي اتفقت مع تقرير الطب الشرعي المصري في جملته، ولا توجد اختلافات شديدة أو جذرية بينهما». وقال : «تطرق الجانب الإيطالي إلى سجل المكالمات الخاصة بالمجني عليه، وأكد أن الجانب المصري نفذ غالبية الطلبات، إلا أن هناك طلباً أرسل من طريق الإنتربول لم ينفذ، وهذا الطلب لم يصلنا ولم نعلم به إلا خلال جلسة المباحثات في روما، وهو عبارة عن سجل مكالمات 3 أشخاص، وأكدنا أنه سيتم موافاة الجانب الإيطالي به خلال يومين». وقال سليمان إن «الجانب الإيطالي كان طلب أيضاً تفريغ كاميرات المراقبة في مكان اختفاء ريجيني في محطة مترو حي الدقي، وكانت النيابة العامة المصرية طلبت الأمر ذاته، وتبين لأسباب تقنية أن كاميرات المراقبة في محطة المترو يتم مسح مادتها أوتوماتيكياً كل فترة، فاتصلنا بالشركة المُصنعة تلك الكاميرات، وهي شركة أميركية، فأفادت بأن هناك برنامجاً يتم استخدامه في استرجاع المشاهد التي حذفت تلقائياً، وهو برنامج باهظ التكاليف تُنتجه شركة ألمانية، ونسبة النجاح في استرجاع المشاهد تبلغ 50 في المئة، فأبلغنا الجانب الإيطالي بهذا الأمر، وأننا لا نملك تكنولوجيا تتيح استرجاع هذه المشاهد، وطلبنا منه مساعدتنا في ذلك، وسنحاول التواصل معه على تحقيق هذا الأمر». وتابع سليمان: «يظل الطلب محل الاختلاف هو سجل المكالمات الخاصة بجميع المشتركين في مكان مسكن ريجيني واختفائه والعثور على جثته. الجانب المصري رفض الأمر ليس من قبيل التعنت وليس من قبيل الإخفاء وإنما إعمالاً للدستور والقانون، لأن هذا الطلب يتعارض ويتنافى مع الدستور ويشكل جريمة في حق من يفعله. شرحنا بالتفاصيل للجانب الإيطالي أسباب عدم قبول هذا الطلب، لكنه أصر عليه، وفي النهاية قال إن استمرار التعاون القضائي وإصدار بيان مشترك مرهون بالاستجابة لهذا الطلب. فأكد الوفد المصري رفضه التام، وشدد على أن هذا الطلب لن يُنفذ تحت أي شرط أو قيد، وانتهى اللقاء بصورة طيبة». وشدد المستشار مصطفى سليمان على أن الوفد القضائي المصري أبلغ الجانب الإيطالي بأن «القضاء المصري لا علاقة له بالسياسة ولا العمل السياسي ولا أي مواءمة سياسية»، لافتاً إلى أنه تم اتخاذ قرار بتقديم موعد عودة الوفد إلى القاهرة بسبب «الإضراب في المطارات الإيطالية». إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، إن الوزارة تلقت أمس مذكرة رسمية من سفارة إيطاليا في القاهرة تشير إلى أنه تم استدعاء سفير إيطاليا في القاهرة ماوريتيزو ماساري إلى روما «لإجراء بعض المشاورات مع الحكومة الإيطالية». وكانت وزارة الخارجية قالت مساء أول من أمس، إنها لم تبلغ رسمياً بقرار إيطاليا استدعاء سفيرها لدى مصر للتشاور معه حول قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة. وقال المتحدث باسم الخارجية إن الوزارة تنتظر الاستماع إلى فريق التحقيق المصري وتقييمه نتائج الاجتماعات في روما، وما قد يصدر عن الجانب الإيطالي بشأن نتائج الاجتماعات التي عقدت في روما على مدار اليومين الماضيين، وعلى ضوء ذلك سيتم تقييم الموقف بشكل متكامل. وعاد إلى القاهرة مساء أول من أمس، وفد قضائي وأمني مصري أجرى على مدار يومين جلسات مع نظرائه الإيطاليين تخص نتائج التحقيقات التي توصلت إليها السلطات المصرية عن مقتل ريجيني، الذي عُثر على جثته وعليها آثار تعذيب، ملقاة على طريق متاخم للقاهرة، في بداية شهر شباط (فبراير) الماضي، بعد اختفاء استمر نحو أسبوع. وظهر أن المباحثات بين المحققين الإيطاليين والمصرين قد باءت بالفشل، إذ قررت روما استدعاء سفيرها للتشاور قبل مغادرة الوفد المصري إيطاليا بساعات. وأعلنت وزارة الداخلية قبل أيام قتل أفراد عصابة قالت إنهم تخصصوا في سرقة الأجانب، ثم أعلنت أنها عثرت على متعلقات ريجيني في منزل شقيقة زعيم العصابة، لكنها لم تُجزم بأن أفرادها متورطون في قتل الباحث الإيطالي. ورفضت السلطات الإيطالية رواية الداخلية المصرية، وأصرت على «كشف حقيقة» ملابسات مقتله، وسط اتهامات إعلامية لأجهزة الأمن المصرية بقتله، وهو ما نفته السلطات مراراً.