في خطوة استباقية وتضامنية مع الحكومة الأفغانية، وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارة غير مقررة الى كابول ناقش فيها تقليص الخلافات المتفاقمة بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية (رئاسة الوزراء) عبدالله عبدالله، في شأن مسؤولية إفشال مساعي الحوار مع حركة «طالبان»، ومعالجة مشكلات الوضع الأمني الداخلي. وقال كيري بعد لقائه غني: «تحدّثنا عن هدفنا المشترك المتمثل في بدء محادثات سلام مع «طالبان»، وهناك بالطبع أمل بالسلام، لذا ندعوها إلى الدخول في الحوار»، وهو ما ترفضه الحركة في ظل وجود قوات أجنبية في أفغانستان. وأثرت الخلافات بين غني وعبدالله على مواقف الدول المانحة للمساعدات، مع تلويح بعضها بتجميدها، ما يصعّب مواصلة كابول دفع رواتب الموظفين خصوصاً العسكريين في الأشهر المقبلة، علماً أن الأمين العام للحلف الأطلسي (ناتو) أندريس فوغ راسموسن ومسؤولاً بارزاً في الاتحاد الأوروبي أعلنا خلال زيارتهما كابول الشهر الماضي، أن بقاء الحكومة حتى نهاية السنة «سيمثل إنجازاً كبيراً». وقدِم كيري إلى كابول بعد زيارته بغداد، حيث ناقش وسائل التصدّي المشترك لتنظيم «داعش» واحتمال إرسال قوات أميركية خاصة إلى العراق وسورية، علماً أن أفغانستان تشهد تزايداً في نشاط فروع «داعش» بخراسان (شرق) وولايات أخرى. لكن الخطر الأكبر الذي تواجهه قواتها مصدره عناصر «طالبان» التي تستعد لشنّ عمليات الربيع، والذي يترافق مع تراجع معنوياتها خسارتها مراكز أمنية أخيراً. وعززت الحركة قدراتها وبنيتها الداخلية من خلال إعلان الملا عبد القيوم ذاكر، أحد أهم قادتها العسكريين، تأييده زعامة الملا أختر منصور بعدما عارضها سابقاً، وتعيين الملا محمد يعقوب، نجل الزعيم الراحل للحركة الملا محمد عمر، منسّقاً عسكرياً لعناصرها في جنوبأفغانستان. وكذلك تعيين الملا عبد المنان، شقيق الملا عمر، عضواً في مجلس شورى الحركة. وجاء ذلك بعد أقل من شهر على قبول الملا محمد رسول، زعيم جناح منشق عن «طالبان»، رغبته في العودة إلى صفوف الحركة، وإنهاء الانقسام الداخلي فيها. وطالب الملا عبد القيوم قيادة «طالبان» بتحديد موقفها من المفاوضات مع كابول والعلاقة المستقبلية مع الولاياتالمتحدة وجيران أفغانستان وباقي الدول، وتوضيح وضع المقاتلين الأجانب في صفوفها وبينهم أنصار لتنظيم «القاعدة» وجماعات إسلامية في أوزبكستان والشيشان. واعتبرت كابول أن مطالب الملا عبد القيوم تحض على إجراء مفاوضات معها. على صعيد آخر، أعلنت كابول مقتل أكثر من 30 مسلّحاً في غارات شنّتها طائرات بلا طيار على مواقع في منطقة برمال بولاية بكتيكا (شرق)، لكن الرئيس السابق حميد كارزاي ندد بمقتل مدنيين في الغارة، ومواصلة الغارات الجوية الأميركية الليلية على المنازل التي ستزيد المشاعر المعادية للقوات الأجنبية في أفغانستان ومطالب رحيلها. في المقابل، زعمت «طالبان» انضمام مئات الجنود الأفغان إلى صفوفها في سانغين ومناطق جنوبية أخرى، فيما اعترفت كابول بتزايد نشاط مقاتلي الحركة في الشمال بعد سيطرتهم على غالبية ولاية هلمند الإستراتيجية (جنوب)، ما قد يسمح لهم بالتمدد شمالاً نحو هيرات، وشرقاً نحو قندهار.