وضعت وزارة التجارة 3 شروط أمام شركات الأسمنت لإعادة السماح بالتصدير، ليس من بينها بيع الكيس ب10 ريالات، وفي الوقت الذي برّأ مسؤولون في الشركات شركاتهم من مسؤولية ارتفاع الأسعار التي حدثت في 2008، ووجّهوا أصابع الاتهام إلى الموزعين، وجهت جمعية حماية المستهلك نقداً شديداً إلى مصانع الأسمنت ووصفتها بأنها أنانية وتصر على الإضرار بالبيئة وعدم مراعاة مسؤوليتها الاجتماعية، والتمسك بأسعار مرتفعة لا يوجد لها مبرر في ظل الأرباح الكبيرة التي تحققها. وشهدت الندوة التي أقيمت أمس في «غرفة الشرقية» بعنوان: «صناعة الأسمنت: الآفاق والتطلعات»، وحضرها وكيل وزارة التجارة، وممثلون عن شركات الأسمنت، وحماية المستهلك، مساجلات من أكثر من جهة، كانت أكثرها حدة التي وقعت بين شركات الأسمنت من جهة، ولجنة حماية المستهلك من جهة أخرى، إذ وجهت «اللجنة» اتهامات مباشرة ومحددة للمصانع، من بينها الإضرار بالبيئة، وإلحاق الأذى بالإنسان من خلال التلوث الشديد التي تسببه، وعدم التزام بعض المصانع بالحد من الملوثات التي تنتج من المصانع، وكذلك الإضرار بالمياه الجوفية. كما اتهمت جمعية حقوق الإنسان المصانع بعدم تحملها للمسؤولية الاجتماعية، وتمسكها ب 12 ريالاً لكيس الأسمنت، في الوقت الذي لا يوجد فيه مبرر لهذا السعر في ظل الكلفة المتدنية، والدعم الكبير من الحكومة، من خلال التسهيلات التي تمنح لهم. من جهتهم، دافع ممثلو شركات الأسمنت عن موقفهم، مؤكدين قيامهم بدور في العمل الاجتماعي، وقالوا إن الأسعار تحددها السوق، مشيرين إلى أن حجم الإنتاج في المصانع السعودية سيبلغ 63 مليون طن في 2011 مع دخول مصانع جديدة، وخطوط إنتاج جديدة في المصانع الموجودة، ما يرفع الفائض في الإنتاج إلى 20 في المئة. وشددوا على أن المصانع في الوقت الجاري تعمل بنحو 80 في المئة من طاقتها فقط، بسبب الوضع الحاصل في السوق، موضحين أنهم لم يكونوا سبباً في ارتفاع الأسعار الذي حدث العام الماضي، وأنهم اكتشفوا أذون تصدير مزورة بأسماء المصانع، كان يتم التصدير من خلالها، ولا علاقة لهم بها، مطالبين بالكشف عن هذا الأمر. وقال وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة الدكتور خالد السليمان: «إن الوزارة تعطي اهتماماً كبيراً لاستيفاء حاجة السوق المحلية من مادة الأسمنت، وتسعى إلى توفير مخزون استراتيجي من هذه المادة الاستهلاكية، ووجود سلسلة من الإمدادات تتمثل في إعطاء الوزارة المعلومات الدقيقة لكميات الإنتاج وشبكة الموزعين والأسعار، وهي الشروط الثلاثة التي وضعتها للسماح بإعادة التصدير». وأشار السليمان إلى أن الدولة مهتمة بوضع المستثمر المنتج لمادة الأسمنت، ومهتمة بتقديم السلعة الأفضل إلى المستهلك، لذلك تسعى إلى لتنظيم السوق بحيث يكون أكثر كفاءة بما يحقق وفرة بأسعار معقولة، ويحقق عائداً جيداً للشركات. وأضاف أننا نتطلع إلى إيجاد تجمعات صناعية لمواد البناء، والاستفادة من فائض الأسمنت في بناء الطرق السريعة الداخلية، مشيداً بأداء شركات الأسمنت وقدرتها على تلبية الطلب المحلي، والذي سيتضاعف في السنوات المقبلة، بعد دخول عدد من الشركات الجديدة لقطاع العمل والإنتاج، وإحداث التوسعة لبعض الشركات الحالية. من جانبه، توقع للمدير العام لشركة أسمنت السعودية محمد بن على القرني أن يكون عام 2009 عاماً صعباً على قطاع الأسمنت في العالم، وليس في المملكة فقط، بسبب زيادة الفائض، فضلاً عن تراجع الطلب في بعض الدول، ما سيؤدي بدوره إلى خلق بيئة تنافسية على الأسعار، التي يتوقع لها أن تنخفض في أكثر من بلد في العالم. وذكر القرني أن حظر تصدير الأسمنت في حزيران (يونيو) 2008، وهو وقت ينخفض الطلب عادةً على الأسمنت محلياً، تزامن مع انتهاء بعض المصانع الوطنية من عمليات التوسعة، ما أدى إلى زيادة الفائض، والضرر طاول 3 شركات هي: أسمنت الشرقية، وأسمنت السعودية، وأسمنت الجنوب، وهي الأكثر تصديراً بين شركات الأسمنت، مشيراً إلى أن القرار جاء في هذا التوقيت متوافقاً مع الأزمة العالمية، ما أدى إلى صعوبة مهمة الشركات في تصريف الإنتاج الضخم لديها. وشدد القرني على ضرورة حماية المنتج والمستهلك، لأن تدهور صناعة الأسمنت سيقود إلى خسائر فادحة على المستهلك نفسه، إذ سيقلل الإنتاج، وربما أسهم في رفع الأسعار. وذكر أن بعض المصانع أوقف بعض خطوط إنتاجه، وخسرت جميع المصانع أسواقها خارج المملكة، التي بنتها على مدار أكثر من 25 عاماً، كما أن ثقة المستوردين بالشركات المحلية تعرضت لبعض الاهتزاز، بسبب تراجع أوضاع السوق العالمية أيضاً. وقال: «إن مهمتنا في الوقت الحاضر هي إعادة الثقة لأسواقنا بعد مسلسل الخسائر التي تتعرض لها خطوط الإنتاج في عدد من الشركات جراء وقف التصدير»، داعياً إلى استمرار الحوار المباشر بين الجهات المعنية بهذا القطاع، وكذلك ترك الأسعار لمنطق العرض والطلب، وحماية صناعة الأسمنت من خلال فرض الرسوم على أي صادرات من الأسمنت ترد من الخارج بحكم وجود الفائض لدينا. أما المدير العام لشركة أسمنت المنطقة الشرقية الدكتور زامل المقرن فنفى أن تكون شركات اأسمنت رفعت الأسعار، أكد أن من قام بذلك هم الموزعون، إضافة إلى حال هلع في سوق الأسمنت دفعت بالمستهلكين إلى إجراء سحوبات كبيرة، كان لها دور في رفع الأسعار، وصادف أن ثلاثة مصانع تعرضت إلى عطل في بعض خطوط انتاجها، فكان ذلك سبباً في ارتفاع الأسعار خلال عام 2008. وبين المقرن أن الشركات لا تملك صلاحية خفض أو رفع الأسعار، وإنما منطق السوق هو الذي يتحكم في ذلك، ومن قام برفع الأسعار هم الموزعون. وتحدث خلال الندوة رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد الحمد، وقال إننا نتطلع إلى نمو صناعة الأسمنت، ولكن مع الحفاظ على البيئة، وتحقيق نسبة أعلى من السعودة في الشركات، وطالب بإجراءات صارمة لحماية البيئة والتقليل من مخلفات المصانع التي تحدث أضرارا بالغة بالبيئة المحيطة بها. من جهته، أكد رئيس «غرفة الشرقية» عبد الرحمن الراشد أن الأسمنت من أهم السلع الحيوية لاقتصادنا الوطني، بل ويشكل واحدة من أهم السلع في أي اقتصاد على مستوى العالم، ولعب دوراً كبيراً في خدمة خطط التنمية والبناء خلال ال30 عاماً الأخيرة. وأشار إلى أن قطاع الأسمنت ساعد على نجاح المشاريع التنموية والحضارية التي أقامتها الدولة، ولاسيما ما يتصل منها بالبنية التحية وإنشاء المرافق الأساسية، وفي مقدمها مئات الطرق والجسور والكباري التي جعلت المملكة أكثر دول الشرق الأوسط تمتعاً بشبكة واسعة وضخمة من البنية التحتية، إضافة إلى الصروح والأبنية الضخمة لعدد من المؤسسات والمرافق، وكلها يشهد بما حققته المملكة من تفوق في مجال العمارة والعمران وما حققته من تقدم حضاري.