الأميركي ماجد أبو غربيّة، المتخصّص في العلوم الصيدلانيّة وبحوثها في جامعة «تامبل» الأميركيّة ويشغل فيها منصب نائب العميد لشؤون البحوث العلمية، أول في نوعه مع جريدة «الحياة». إذ التقته أيضاً في «مؤتمر مؤسّسة قطر السنوي - 2013» (أنظر «الحياة» في 10 كانون أول - ديسمبر- 2013). وحينها، لم يخفِ البروفسور أبو غربيّة، ضيقه بحال العلوم عند العرب حاضراً. وتوقّع أن تُسوّق علاجات جينيّة لمرض السكري من النوع الثاني، خلال 3-5 سنوات مقبلة. وأوضح أن العلاج الجيني عموماً كان منطلقاً بقوة قبل عشر سنوات، عندما حدثت حال وفاة لمريض أثناء علاج من تليّف في الرئة. وبعدها، توقّف مسار العلاج بالجينات، لكنه عاود الانطلاق بفضل بحوث حديثة متنوّعة. ولفت إلى أن بعض علاجات سكري البالغين تتعامل حاضراً مع حمض وراثي في نواة الخليّة، ما يعني أنها تتناول الشق الجيني من السكري. وأشار إلى أن الشركات عندما تتعامل مع الأدوية التي تتفاعل مع آليات جينية، كحال الأدوية المتطوّرة للسكري، فإنها تتعامل على ما يناسب أوروبا بشقيّها وآسيا (من دون العرب)، فتركّز على التركيب القوقازي الشائع غرباً. وفي دورة العام 2016 للمؤتمر ذاته، تكرّر اللقاء مع ذلك العالم الذي ينجح في رمي ابتسامة على وجهه، مهما كانت جسامة ما يتحدث عنه. واستهل الحديث بتذكيره ب «وعده» بظهور علاج للسكري من النوع الثاني يتعامل مع الجينات. وبابتسامة، بيّن أبو غربيّة أنّ ذلك النوع من الأدوية مازال في مرحلة التجربة الإكلينيكيّة (السريريّة) التي تشمل مرضى متطوّعين، وهي المرحلة الثالثة من التجارب في ابتكار الأدويّة، بعد مرحلتي التجارب في المختبر على الأنسجة التي تليها التجارب على الحيوان. ويعني ذلك أن حفنة من السنين تفصل مرضى السكّري من النوع الثاني («سُكّري البالغين») عن تلك الأدوية الواعدة. وقاد ذلك إلى استعادة تجربة أبو غربيّة ذاته في اكتشاف دواء لعلاج الكآبة المرضيّة Clinical Depression، هو «إيفكسور» الذي كان أول عقار يعمل على مادتين كيماويتين في الدماغ يعتقد بأنهما يتّصلان بالكآبة، وهما «سيروتونين» Serotonin و«نورإيبينفرين» Norepinephrine. ونال جوائز عدّة عن ذلك الابتكار الذي فتح حقلاً جديداً في علاج الكآبة، بل قلّدته شركات دوائيّة كبرى. ويقدّر أن عشرين مليون شخص يستعملون الدواء حاضراً، ودخل اليابان أخيراً بعد مرور سنوات طويلة على إطلاقه في تسعينات القرن الماضي. ولفت إلى مجموعته البحثية التي أطلقت دواء «بريستيك» Pristiq في أميركا، الذي يتميّز بأن جرعته موّحدة لمعظم مرضى الكآبة. وأشار إلى رفض مجتمعات كثيرة «الاعتراف» بانتشار مرض الكآبة فيها وهو معروف بشدّة انتشاره، وتندرج المجتمعات العربيّة ضمن ظاهرة رفض الاعتراف بالمرض النفسي. وشدّد على أنّ الدواء يتعامل أساساً مع البعد الجسدي، وضمنه الأعصاب والدماغ، وفي المرض النفسي الذي يمتلك بعداً نفسيّاً يحتاج إلى مقاربة متخصّصة يديرها الطبيب النفسي.