أظهرت بيانات اقتصادية ألمانية وأوروبية حديثة أن منطقة اليورو استعادت بالفعل القدرة على الانتعاش بعد ركود استمر خمس سنوات. وأشار «المكتب الأوروبي للإحصاءات» (يوروستات) إلى أن الناتج القومي السنوي لمنطقة اليورو، التي تضم 18 دولة، نما بمعدل 0.3 في المئة خلال الربع الرابع 2013، ما فاق توقعات خبراء. والأهم من ذلك أن المنطقة سجلت نمواً للربع الثالث على التوالي، ما يعتبره خبراء دليل عافية واستمرارية. وللمرة الأولى منذ سنوات سجلت الدول الاقتصادية الأكبر في أوروبا، أي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وفرنسا، ارتفاعاً في النمو في وقت واحد. ويعتبر خبراء أن معظم المؤشرات الآن تظهر أن منطقة اليورو أصبحت على سكة الانتعاش بعدما سجل معدل النمو السلبي فيها 0.4 في المئة خلال السنوات الأخيرة. وفي ما خص ألمانيا وفرنسا، الاقتصادين الأكبر في المنطقة، فسجلتا نمواً بلغ 0.4 و0.3 في المئة على التوالي خلال الربع الرابع العام الماضي. وتوقع خبراء أن تسجل ألمانيا نمواً يراوح بين 1.7 و1.9 في المئة هذه السنة، وفرنسا 0.9 في المئة. يشار إلى أن اليورو سجل خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملموساً بعد تأكيد المصرف المركزي الأوروبي أن المنطقة لا تواجه مشكلة انكماش في الأسعار، وذلك بعد قراره تجميد سعر الفائدة عند 0.25 في المئة، وانتظار المزيد من البيانات قبل التحرك لمواجهة الوضع. ولم يكن تجميد أسعار الفائدة الرئيسة السبب في ارتفاع العملة الأوروبية أمام الدولار والين والجنيه الإسترليني، إذ اعتبر خبراء أن سبب الارتفاع نفي رئيس المصرف المركزي ماريو دراغي وجود مشكلة انكماش في الأسعار. وكانت الأسواق المالية تراهن على عكس ذلك، متوقعة إما انخفاضاً في أسعار الفائدة، أو إشارة قوية إلى احتمال حدوث ذلك. يذكر أن العملة الأوروبية انخفضت مطلع شباط (فبراير) الماضي إلى أدنى مستوى في شهرين، ولم يحصل الدولار في حينه على دعم يذكر بفعل انخفاض عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانة بطالة في الولاياتالمتحدة بمقدار 20 ألف طلب. وفيما جمد المصرف المركزي الأوروبي خلال اجتماعيه الأخيرين أسعار الفائدة، متفادياً بذلك اتخاذ إجراء جديد للتصدي لخطر انكماش الأسعار كما يطالب بعضهم، توقع مراقبون إعلان توقعات جديدة خلال الشهر الجاري. وكان قرار الإبقاء على سعر الفائدة متوقعاً من قبل معظم الاقتصاديين، ولكن ثمة من كان ينتظر المزيد من التيسير النقدي للتصدي لمحذور حصول انخفاض حاد في معدل التضخم الذي بلغ 0.7 في المئة خلال الخريف الماضي، وتكرر من جديد مطلع السنة الحالية، ما زاد من أخطار الانكماش الاقتصادي.