أكد رئيس «اتحاد رجال الأعمال العراقيين» راغب بليبل، أن الصناعة العراقية التي تعاني اختلالات كبيرة، لا تمثل سوى 2 إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولم تستطع وزارة الصناعة تحريك عجلة الصناعة المحلية، إذ غابت الرؤى واتسم التخطيط بالضعف، في وقت انتشرت ظاهرة الإغراق السلعي التي ألقت بظلالها على المعامل والمصانع، خصوصاً في القطاع الخاص، عبر ظاهرة استهلاك السلع والبضائع المستوردة. وقال بليبل في مقابلة مع «الحياة» على هامش ورشة العمل التي نظمها الاتحاد حول القطاع الصناعي والاستثمار، إن «التخطيط العام للقطاع امتاز بالضعف بعد عام 2003، إلا في ما يتعلق بالمبادرة الصناعية والتعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار وإعلان بعض الاستراتيجيات المهمة، بينها استراتيجية تنمية القطاع الخاص وتطويره، والاستراتيجية الصناعية والقروض الصناعية، والتي تعاني أيضاً من ضعف آليات التنفيذ». وأشار إلى أن بعض المحاولات الحكومية لتفعيل الاستثمار، اصطدم بالفساد المالي والإداري والبيروقراطية وضعف تطبيق القوانين الداعمة للصناع. وأضاف بليبل: «أجندة الأعمال في المحافظات الثماني التي تشملها الورشة بحثت في إمكان تنمية الوعي والارتقاء بالتخطيط». ولفت إلى أن «المبادرة الصناعية التي أطلقتها الحكومة أخيراً تضمنت مبادئ وحيثيات جيدة قادرة على تطوير القطاع الصناعي وتفعيل دور القطاع الخاص، ولكن على مستوى التنظير فقط، إنما آليات التطبيق ومسارات التنفيذ لم تكن بالمستوى المطلوب وهي بطيئة جداً على رغم مرور أكثر من 6 أشهر على إعلان المبادرة الصناعية من قبل الحكومة». وأضاف أن «مسارات التنفيذ ما زالت متلكئة وغير جادة، في وقت تحتاج البلاد بشدة إلى قطاع صناعي فاعل كبديل عن قطاع النفط وكمصدر تمويل آخر يمكنه رفد الموازنة». ولفت إلى أن «النتائج الايجابية المتوقعة، ستساهم في تحريك عجلة الإنتاج وامتصاص ظاهرة البطالة ولجم ظاهرة الإغراق السلعي وإعادة الحياة إلى المنتجات العراقية، ولذلك فإن الضرورة تقضي حالياً بتفعيل المبادرة الصناعية ورسم خارطة طريق للتنفيذ السريع والأمثل». وأوضح بليبل أن «تشريع عدد من القوانين الحاكمة للسوق، مثل قوانين التعرفة الجمركية وحماية المستهلك ومنع الاحتكار وحماية المنتجات العراقية، تعثر بالإرادات السياسية، إذ لم تدخل هذه القوانين حيز التطبيق، على رغم أهميتها للسوق». وأشار إلى «تعديلات شملت فقرات في قانون الاستثمار، تعطي فسحة كبيرة للمستثمرين والشركات الاستثمارية المحلية والأجنبية في استثمار الفرص المتاحة والتي تتضمنها الخارطة الاستثمارية، وهي كانت أحد أهم معوقات الاستثمار في المحافظات الثماني». وحذر من «ظاهرة الفساد المالي والإداري التي تواجه القطاع الصناعي، وتحديداً في ما يتعلق بالابتزاز في تنفيذ المشاريع الاستثمارية من قبل المستثمرين والصناعيين، والتي تعتبر من أبرز المعوقات التي تواجه تحسين بيئة الأعمال». واعتبر بليبل «تخصيص شركات القطاع العام خطوة نحو تطوير الاقتصاد وزيادة النمو من خلال مواكبة التكنولوجيا العالمية»، مضيفاً أن «من ضمن توجهات القطاع الخاص أن يكون له دور مهم في رسم السياسة الاقتصادية والانتقال نحو اقتصاد السوق». وقال أن «دولاً نامية تبنّت سياسة التخصيص لأسباب عدة، بينها مشاكل التمويل الناتجة من العجز التجاري في ميزان المدفوعات والموازنات العامة، إذ تحول بعض وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، خصوصاً أن التخصيص يشمل تغيرات جذرية في منهج الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أدت إلى تغيير في سلوك الإنتاج والخدمات». وشدد بليبل على أن «التخصيص يجب أن يكون مبنياً على أسس ناجحة، من دون اتباع إجراءات سريعة تسبب مشاكل في المجتمع، كما يجب أن نأخذ في الاعتبار فائض اليد العاملة في المشاريع المتحولة، لاسيما أن القطاع الخاص يعمل وفق الجدوى الاقتصادية ومدى نجاح المشروع». وناقشت الورشة التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006، والمبادرة الصناعية والآلية الخاصة بمنح القروض وسبل تعزيز النمو من خلال تبسيط الاستراتيجيات والسياسات والقوانين والأنظمة وتيسيرها وتنفيذها، وتطبيق الشفافية واعتماد المحاسبة على الأداء وتعزيز التنافسية.