يتصدر الأسمنت الكثير من المنتجات العراقية التي تعاني من ظاهرة الإغراق السلعي المستورد. فالأسمنت العراقي معروف بأنه الأجود من حيث الكفاءة ويغطي الحاجة المحلية وهو المفضل لدى شركات البناء والإعمار على رغم ارتفاع سعره مقارنة بأسعار الأسمنت المستورد خصوصاً الإيراني والهندي. ويرى متخصصون أن صناعة الأسمنت في العراق تعاني من سياسة إغراق السوق بالأسمنت المستورد غير المطابق للمواصفات القياسية، وحضّوا في الوقت ذاته على تطبيق حلول لحماية صناعته المحلية. وأكد رئيس مجلس المديرين في «شركة الدوح العراقية للصناعات الأسمنتية»، حاتم الخوام، ضرورة مراعاة مصلحة القطاع الصناعي خصوصاً والاقتصاد الوطني عموماً من خلال تفعيل قوانين حماية المنتج الوطني والمستهلك، إضافة إلى التعرفة الجمركية، والمنافسة ومنع الاحتكار وقانون دعم القطاع الخاص، مشدداً على توفير البنى التحتية للمشاريع الصناعية لتكون متكاملة مع مصانع الأسمنت مثل توفير الكهرباء وتزفيت الطرق وربط الموانئ بالسكك الحديد، إلى جانب التمويل. وشدد على تفعيل المبادرة الصناعية التي أقرها مجلس الوزراء أخيراً لتمويل المشاريع القائمة ذات الجدوى الاقتصادية مثل صناعة الأسمنت. ولاحظ أن انخفاض أسعار الوقود المجهز لمصانع الأسمنت في الدول المجاورة والمدعوم من حكوماتها، يؤدي إلى إغراق السوق المحلية بالأسمنت الأجنبي، في مقابل تحديات فائض الإنتاج المحلي عن حاجة السوق وضعف القدرة على التصدير لارتفاع أسعار الوقود والطاقة، ما انعكس على المنافسة أيضاً. وأشار إلى ضرورة الإفادة من عقود التأهيل والتشغيل بطريقة الاستثمار في المشاركة بالإنتاج في مصانع أسمنت وزارة الصناعة والمعادن وتشغيلها وعدم تركها للتهالك، ما يعود بمردود إضافي على خزينة الدولة. وأشار المدير العام ل "الشركة العامة للأسمنت العراقية»، ممثل العراق في «الاتحاد العربي للأسمنت» ناصر المدني، إلى أن هذه الصناعة تعاني من مسألتين، الأولى هي مشكلة الطاقة التي تعد عنصراً رئيساً واعتمادها على النفط بالدرجة الأساس، ما يشكل عائقاً أمام هذه الصناعة، وارتفاعاً للكلفة على رغم تراجع أسعار النفط واستبداله بالفحم، والثانية تتمثل في الانعكاسات البيئية على رغم الإجراءات المتخذة في هذا الشأن. وعزا المدني التفاوت الكبير بين الطاقات التصميمية والإنتاج الفعلي واستهلاك الأسمنت إلى الظروف التي يمر بها العراق وتوقف بعض المصانع عن العمل وتراجع الإنتاج، لافتاً الى أن تراجع الصناعة المحلية وعدم قدرتها على الصمود يتطلبان اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه الصناعة من قبل الدولة. وشدد على ان الاتحاد يعمل على استخدام بدائل الوقود المستعمل في هذه الصناعة من خلال عقد الدورات التدريبية بالتعاون مع الجهات المتخصصة لاستخدام المخلفات الصناعية. وتظهر أرقام أن الإنتاج العالمي من الأسمنت بلغ 4.2 بليون طن سنوياً وبلغ حجم التجارة 195 مليون طن، أما على النطاق العربي فقد سجلت هذه الصناعة قفزة كبيرة، اذ بلغ عدد المصانع والشركات 185 كما بلغت الطاقات التصميمة 340 مليون طن عام 2014. أما في مجال الإنتاج الفعلي فقد بلغ 213 مليون طن وهو أقل كثيراً من الطاقات التصميمية، في حين سجل الإستهلاك 234 مليون طن مستكملاً حاجة السوق بالاستيراد لسد الثغرة بين الإنتاج والإستهلاك.