افتتح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مدينة نيس أمس، القمة الافريقية - الفرنسية الخامسة والعشرين التي يتشارك في رئاستها مع نظيره المصري حسني مبارك، وذلك بحضور قادة 39 دولة بين رئيس أو رئيس وزراء. واستقبل ساركوزي الذي يرأس هذه القمة للمرة الاولى، ضيوفه (33 رئيس دولة وخمسة رؤساء حكومات) في قصر الاكروبوليس في المدينة. ودعا ساركوزي في كلمته الافتتاحية المجتمع الدولي، الى «إتاحة مكان لتمثيل افريقيا في إدارة العالم»، معتبراً ان «القارة الافريقية تمثل مستقبل أوروبا». وقال في كلمة افتتاح القمة الفرنسية - الإفريقية ال25 في نيس (جنوبفرنسا) انه ما من مشكلة من المشاكل الكبرى التي يواجهها العالم يمكن ان نجد حلاً لها من دون مساهمة نشيطة من القارة الافريقية. وستكون ثلاثة مواضيع رئيسية في صلب القمة التي تختتم ظهر اليوم، وهي مكانة افريقيا في الادارة العالمية والامن ورهانات البيئة المرتبطة بالتقلبات المناخية. وأفاد ديبلوماسيون افارقة ان تمثيل القارة السمراء في مجلس الامن، كان موضع نقاشات حادة بين وزراء الخارجية خلال جلسات التحضير للقمة الأحد. وأفادت تقارير ان القادة الافارقة مارسوا ضغوطاً لدى افتتاح القمة للحصول على دعم باريس لزيادة نفوذهم في المحافل الدولية وفي مقدمها مجلس الامن. وقال رئيس الكونغو - برازافيل دنيس ساسو نغيسو انه لم يعد مقبولاً ان تبقى افريقيا «مهمشة» في هذا المجلس. واضاف في تصريح الى اذاعة «فرانس انفو» انه «لا يمكن ان يبقى تمثيل افريقيا في مجلس الامن كما تقرر بعد الحرب العالمية الثانية». وصرح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بعد اجتماع مع نظرائه الافارقة دام ست ساعات، بأن هذه المسألة تثير نقاشات «متوترة». وقال لوكالة «فرانس برس» واذاعة «ار اف اي» الفرنسية: «لم نجد حلاً. وجدنا طريقة لان نحصل على وسائل تسمح لنا بأن نكون اكثر واقعية». ومكانة افريقيا في المحافل الدولية من المواضيع الرئيسة التي ستناقش في القمة، والتي كان النقاش حولها بين الوزراء «حاميا» واحيانا «قاسياً جداً». وقال ديبلوماسي غابوني: «لم يبدأ النقاش على نحو جيد. وشكّك البعض في شرعية فرنسا لاطلاق النقاش». وكان وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط قال في حديث الى «الحياة» ان «الأساس في هذا المؤتمر هو ان كل ما يطرح فرنسياً لا تقبله افريقيا بالضرورة». وأضاف انه بالنسبة الى توسيع مجلس الأمن، من المطروح فرنسياً ومن قبل بعض القوى الغربية، ترتيبات انتقالية بالنسبة الى هذا الموضوع، أي الموافقة على دخول ألمانيا واليابان والهند والبرازيل مثلاً، حتى تتفق الأطراف الأخرى بين بعضها. وتابع أبو الغيط ان افريقيا ليست في هذا المنهج وأنها تتمسك بما يسمى اتفاق ازيلويني ومصر تتمسك به ايضاً ولا يمكن ان تقبل بتغيير الموقف الافريقي في قمة نيس. ومضى يقول ان هناك حديثاً بين مصر وفرنسا، مفاده انه لا يمكن ان نحكم على المسائل قبل البدء في النقاش العام في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مطلع حزيران (يونيو) الحالي. وعن الخلاف بين مصر وجنوب افريقيا الذي حال دون اتفاق افريقيا على مقعدين في المجلس، قال أبو الغيط ان «افريقيا تصمم على مقعدين في مجلس الأمن والولايات المتحدة والغرب يطرحان مقعداً واحداً، وإذا تمسكا بذلك فإنهم لا يأخذان المصالح الافريقية في الحسبان». وأشار الى ان العرب الأفارقة «يدفعون خمسين في المئة من موازنة الاتحاد الافريقي وبالتالي، فإن البعد العربي - الافريقي الذي يسدد نصف موازنة الاتحاد، لا يقال له فلتغادر وتترك القارة». وعبّر عن شكه البالغ بتعديل الموقف الأفريقي في نيس، مشيراً الى انه إذا حدث ذلك فإن مصر لا يسعها ان تلتزم به. مبارك وعبّر الرئيس مبارك في كلمته الافتتاحية عن رؤية مصر لتطوير التعاون الفرنسي - الافريقي، من خلال «تطوير الإطار المؤسسي لهذا التعاون». واقترح على هذا الصعيد ان تركز القمة على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، الى جانب الملفات السياسية، بحيث يصدر عنها «إعلان سياسي واقتصادي جامع» يحدد مجالات التعاون وأهدافه. ودعا مبارك القمة الى اعتماد «خطة عمل» تنص على مشاريع محددة في مجالات البنية الأساسية وقطاعات الإنتاج والخدمات، وإلى إنشاء آلية متابعة تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الفرنسية المعنية وسفراء الدول الافريقية المعتمدين في فرنسا، ترفع تقارير الى المستوى الوزاري ومنه الى القمة. وأكد ضرورة دعم القطاع الخاص، وتمويل مشاريع بالتعاون بين حكومات الجانبين والمؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة، واقترح إنشاء صندوق خاص لتمويل مشاريع تعاون في مجال التنمية البشرية. وعلى هامش القمة، عقد ساركوزي لقاء ثنائياً مع رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما، أكد الرئيس الفرنسي خلاله أهمية إصلاح الأممالمتحدة ومجلس الأمن. وأشار ساركوزي الى ان فرنسا تريد إجراء إصلاح موقت من أجل إزالة العراقيل وتمثيل افريقيا في مؤسسات الدولة.