قال مرجع سياسي لبناني ل«الحياة» إن مسايرة زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون بتقديم إجراء الانتخابات النيابية على إنهاء الشغور الرئاسي ليست حلاً مضمون النتائج إذا بقي الجنرال مصراً على أنه المرشح الوحيد الذي يفترض أن يتبوأ سدة الرئاسة بحجة أنه الأكثر تمثيلاً للمسيحيين بعد أن تبنت «القوات اللبنانية» ترشيحه في وجه دعم زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط ورئيس البرلمان نبيه بري ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية. وأوضح المرجع رداً على سؤال عما يمنع اللجوء إلى هذا المخرج إذا كان يؤمن الخروج من مأزق الفراغ الرئاسي، وطالما أن العماد عون يقبل، كما قال الوزير السابق سليم جرصاتي أكثر من مرة، إجراء هذه الانتخابات المبكرة على أساس قانون الانتخاب الحالي أي قانون الستين، إزاء الخلافات بين الكتل على وضع قانون انتخاب جديد، أن نتائج انتخابات كهذه لن تغير من واقع ميزان القوى الحالي أصلاً، فضلاً عن أنها تحمل مخاطر المزيد من التعطيل في مؤسسات الدولة. وبالتالي ستبقى الحاجة إلى نزول كتلتي الجنرال و»حزب الله» إلى البرلمان لتأمين نصاب الثلثين قائمة مثلما هي الحال الآن بعد 37 دعوة إلى جلسة الانتخاب التي تغيب نواب الكتلتين عنها. ويقول رافضو فكرة تقديم الانتخابات التشريعية على الرئاسية أنه إذا كانت الحجة أن عند المآزق أو الأزمات يتم اللجوء إلى هذا الخيار في أي دولة ديموقراطية، فإن الوضع المعقد في لبنان يطرح السؤال ما إذا كان عون والفريق الداعم له سيلتزم انتخاب رئيس الجمهورية بعد تجديد المجلس النيابي. وتقول مصادر قيادات في قوى 14 آذار درست هذا الخيار: «إذا انتخب اللبنانيون مجلساً نيابياً بعد تقصير عمر المجلس الحالي الممدد له، واشترط فريق عون انتخابه هو للرئاسة، وإلا رفض انتخاب رئيس جديد للبرلمان هو الرئيس بري، بحجة أن عدم الموافقة على انتخاب الأكثر تمثيلاً للمسيحيين في الرئاسة الأولى، يبرر له عدم الموافقة على انتخاب الأكثر تمثيلاً لرئاسة السلطة التشريعية، يكون البلد وقع في دوامة جديدة من التعطيل للمؤسسات والمزيد من الفراغ والمآزق لأن الدستور ينص على أن تعتبر الحكومة مستقيلة عند قيام برلمان جديد فتتحول الحكومة الحالية إلى وضعية تصريف الأعمال في شكل يحول دون اتخاذها القرارات بحكم الدستور. «أما البرلمان فاحتمال بقائه بلا رئيس، على رغم أنه يمكنه الاجتماع برئاسة رئيس السن ومن دون الحاجة إلى نصاب الثلثين، وارد، إذا توافقت القوى المسيحية على شرط الميثاقية الذي يصر عليه الجنرال، في اختيار الرئاسات كما يطرح الجنرال منذ مدة. وهذه الاحتمالات قد تنقلنا من فراغ رئاسي إلى فراغ نيابي وحكومي وبالتالي انهيار المؤسسات بالكامل». وتعتبر المصادر إياها أنه بصرف النظر عن نتائج أي انتخابات نيابية تسبق الرئاسية فإنه لا يمكن الركون إلى التزام عون و»حزب الله» انتخاب رئيس الجمهورية من بعدها، لأن تجربة انتخابات عام 2009 أثبتت ذلك. فقد استبقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بالإعلان أن من يربح هذه الانتخابات يشكل الحكومة وفقاً للأكثرية، لكن فريق 8 آذار انقلب على هذا الالتزام في حينها وأصر على أن يحصل على الثلث المعطل في الحكومة التي شكلها الحريري، من أجل إطاحتها عام 2010. ويطرح هذا الأمر مجدداً العمل على تفعيل المؤسسات في انتظار حصول اختراق ما ينهي الشغور الرئاسي، مع ما يحمله هذا التوجه من صعوبات إزاء مواقف الكتل النيابية المسيحية برفض التشريع لأن الوظيفة الدستورية للبرلمان هي انتخاب الرئيس قبل أي شيء آخر، والذي تراعيه كتل إسلامية منها كتلة «المستقبل»، خصوصاً أن الحريري كان التزم عدم حضور أي جلسة نيابية إن لم يكن على رأس جدول أعمالها قانون الانتخاب. «المستقبل» والمشروع الثلاثي وأشارت مصادر نيابية في هذا الصدد إلى أن الرئيس بري وافق على مراعاة هذا المطلب وطلب إلى اللجنة النيابية المصغرة دراسة تضييق شقة الخلاف حول قانون الانتخاب لكن التقرير الذي وضعته بعد شهرين من الاجتماعات لم يحمل جديداً لأن خلاصته هي تحديد نقاط الخلاف حول أي صيغة يمكن اعتمادها لمشروع قانون مختلط يجمع بين النظامين النسبي والأكثري، وتوزيع المقاعد والدوائر على كل منهما. فالمعلوم أن مشروع بري يقترح المناصفة بين النظامين، فيما المشروع الذي توافق عليه «المستقبل» و»القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي يلحظ 68 مقعداً على الأكثري، و60 على النسبي. ويواجه التوافق على أي منهما صعوبات، إذ أوحى بعض الفرقاء بإمكان القبول بإدخال تعديلات على المشروع الثلاثي فيما تؤكد مصادر «المستقبل» أن قيادته لن تقبل بتغيير أي تفصيل فيه مهما كانت المبررات. وبموازاة ذلك ينتظر أن يسعى الرئيس بري إلى طرح موضوع قانون الانتخاب على هيئة الحوار الوطني الأربعاء المقبل وكذلك تفعيل عمل البرلمان بعدما وعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإقرار الاتفاقيات التي وقعت مع البنكين الدولي والإسلامي كي يتمكن لبنان من تلقي المساعدات لاقتصاده ومواجهة عبء النازحين السوريين.