وضع لبنان يده على شبكة تجسس إسرائيلية جديدة أمس، ليرتفع عدد الشبكات التي جرى كشفها الى 6 شبكات في غضون شهرين، وبلغ عدد الموقوفين من أعضائها 17 متهماً ومشتبهاً به، أحيل معظمهم على القضاء العسكري، فيما يتواصل التحقيق مع الآخرين في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني تمهيداً لإحالتهم على المحكمة العسكرية. ورفعت حركة الكشف عن الشبكات مستوى التنسيق بين مخابرات الجيش وفرع المعلومات و «حزب الله» الى درجة عالية، فيما قرر رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة تزويد الديبلوماسية اللبنانية بالمعلومات عن هذه الشبكات لإبلاغها الى الأممالمتحدة باعتبارها خرقاً فاضحاً للقرار الدولي الرقم 1701. وقفز اكتشاف الشبكة الجديدة التي تضم 5 أشخاص، خلافاً للشبكات السابقة التي أوقف عناصرها في الأسابيع الماضية، والتي كانت تضم بين شخص وثلاثة، الى صدارة الاهتمام على رغم انغماس اللبنانيين بالحملات الانتخابية التي تطغى على الحياة السياسية، ما دفع أوساطاً مراقبة الى القول انه «زمن تساقط الشبكات الإسرائيلية»، فيما أكدت مصادر أمنية متعددة ل «الحياة» أن من غير المستبعد وضع اليد على عملاء جدد ل «موساد» الإسرائيلي في الأيام والأسابيع المقبلة، يجري رصد حركتهم بفعل الاشتباه بهم منذ مدة من قبل مخابرات الجيش و «المعلومات» و «حزب الله». ويبلغ عدد الشبكات التي اكتشفت الى الآن 8 شبكات، منذ اكتشاف شبكة علي ويوسف الجراح في البقاع الغربي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واللذين رصدهما «حزب الله» وأوقفهما ثم سلمهما الى مخابرات الجيش. وأعقب ذلك توقيف تاجر السيارات مروان الفقيه، من قبل الحزب والذي كان يبيع المحازبين والكوادر سيارات زرعت فيها أجهزة تنصت وبث متصلة مباشرة بالأقمار الاصطناعية. وكشفت الشبكة الجديدة التي انضمت أمس الى لائحة الشبكات المتهم أفرادها بالتعامل مع العدو الإسرائيلي في لبنان حين دهمت قوة من فرع المعلومات منزل الأخوين محمود أحمد شهاب وحسين أحمد شهاب في بلدة الغازية على الساحل جنوب لبنان، وأوقفتهما للاشتباه في تعاملهما مع اسرائيل عبر اقامة شبكة تجسس واستعلام لمصلحتها. كما أوقفت معهما منى هاني قنديل زوجة حسين شهاب، وصادرت الدورية المداهمة من منزل شهاب سيارة «باجيرو» وجهاز كومبيوتر ومعدات لها علاقة بالاستطلاع وتحديد مواقع ارسال الرسائل وتلقيها. والاخوان شهاب من بلدة بني حيان القريبة من مدينة النبطية، ويقطنان في بلدة الغازية. وفور توقيف الثلاثة، توجهت قوة ثانية من فرع المعلومات الى مدينة بنت جبيل في الجنوب، حيث أوقفت الأخوين ش.ن. عباس وح. ن. عباس وربيع عيسى وثلاثتهم من آل بزي، وأذيعت أسماؤهم وفق الكنية. ورجحت معلوات ل «الحياة»، أن الأخوين عباس هما وراء تجنيد الأخوين شهاب وربيع عيسى في الشبكة. وأفاد تلفزيون «المنار» الذي أذاع نبأ مداهمة فرع المعلومات لمنزل الأخوين شهاب أن أحدهما اعترف ببدء تعامله مع اسرائيل منذ ما قبل العام ألفين وزار اسرائيل، وأنهما أقرا بسفرهما الى عدد من البلدان الأوروبية ومنها رومانيا وايطاليا وهولندا وأن مهمتهما كانت تقديم مسح لمنازل مسؤولي المقاومة، وأفصحا عن أماكن كانا يتسلمان فيها الأموال موزعة بين جبل لبنان واقليم الخروب. كما أفاد «المنار» أن منزلهما يقع على بعد 50 متراً من مكان استهدفته طائرة اسرائيلية في حرب 2006 مرتكبة مجزرة راح ضحيتها 8 أشخاص من 3 عائلات. وفيما تكتمت المصادر الأمنية على علاقة الشبكات الخمس التي أوقفت بعد توقيف العميد المتقاعد في الأمن العام أديب العلم (في 11 نيسان/ ابريل الماضي) وزوجته حياة الصالومي وابن شقيقه المؤهل في الأمن العام جوزف العلم في 17 نيسان الماضي، علمت «الحياة» من مصادر مواكبة للتوقيفات في الجنوب، أن كل الشبكات التي أوقفت حتى الآن، بما فيها شبكة العلم تعمل بالطريقة نفسها وتسعى الى بنك الأهداف نفسه، وتملك الى حد ما معدات تستخدم للأغراض نفسها في الاستطلاع وتحديد المواقع وتلقي الصور وارسالها. كما كشف وضع اليد على شبكة المتهم العلم إضافة الى التحقيقات والتحاليل التي أجريت لخطوط الاتصال المستخدمة (وجد في حوزة العلم 11 خطاً هاتفياً، بينها واحد بريطاني) طريقة عمل هذه الشبكات، ما سهل تساقطها واحدة تلو الأخرى ووضع اليد عليها، خصوصاً أن كلاً منها تتألف من عدد محدود من الأفراد، يتبعون الأسلوب نفسه في العمل. وأدت التحقيقات الى وضع اليد على مجموعة خطوط خلوية لبنانية كان يستخدمها جهاز «موساد»، وتم تأمينها من خلال إحدى الشركات وتوزيعها عبر أوروبا، وقد اعتبرتها إسرائيل خطوطاً أمنية لا تستعمل إلا لهذه الأغراض. وإذا أكدت المصادر الأمنية ل «الحياة» العثور على بطاقات الهاتف الموضوعة سلفاً في منزل الأخوين شهاب، أشارت أيضاً الى العثور على حافظ ذاكرة الكترونية (Flash) لا يفتح إلا بكلمة سر. ولفتت مصادر مواكبة للتحقيق في شبكات التجسس الى ان تفكيك هذه الشبكات أدى حتماً الى تعطيل مفعول «بنك الأهداف» الذي كان «موساد» يقوم بتجميعه من خلال هذه الشبكات، عن منشآت وأهداف عسكرية للمقاومة وقادتها، خصوصاً بعد حرب تموز 2006. واعتبرت المصادر نفسها ان تعطيل «بنك الأهداف» يفترض ان يعيق أي عملية عسكرية عدوانية يمكن أن تشنها إسرائيل في المستقبل، لا سيما إذا كانت نوعية ومحدودة. نظراً الى انكشاف حصول إسرائيل على معلومات عنها ما سيدفع بها الى البحث عن طريقة أخرى وأساليب جديدة غير تلك التي أصبحت معروفة ومكشوفة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية. وتابعت المصادر ان القبض على شبكات التجسس النائمة التي كانت تعمل لمصلحة الموساد سيدفعه الى استنباط أفكار جديدة لإعادة بناء خطة على قاعدة العمل من أجل تجنيد عناصر جديدة بأفراد محدودين، بحيث لا يتجاوز عدد أعضاء كل شبكة أكثر من ثلاثة أشخاص. وقالت ان «موساد» يأخذ في الاعتبار عند تجنيد الشبكات، أن لا يعرف كل من أعضائها مهمات الأعضاء الآخرين. وهذا ما تبين من التحقيقات الأولية، وآخرها مع الأخوين شهاب اللذين يجهل كل منهما ما يقوم به شقيقه. وذكر مواكبون للتحقيقات مع عناصر الشبكات ان الاخفاقات الإسرائيلية في المعلومات وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق اصابات قاضية للمقاومة، ودراسته امكان تنفيذ عملية نوعية في المستقبل في ظل وجود قوات «يونيفيل» دفعت «موساد» الى تحريك مجموعات عميلة له نائمة في شكل مكثف بعد العام 2006، فضلاً عن تجنيد مجموعات جديدة لإحياء القدرة الاستخبارية الإسرائيلية. وأفادوا أن العملاء الذين تمكن «موساد» من تجنيدهم زار بعضهم اسرائيل وبعضهم خضع لتدريبات على وسائل تقنية متطورة وعلى أجهزة كومبيوتر مشفرة ووسائل ارسال لصور ومعلومات عن مواقع في لبنان وسورية متطورة ومخبأة في قلب أدوات منزلية مثل راديو وهاتف عادي وبراد صغير نقَّال، بالإضافة الى استعمال بطاقات هاتف أجنبية ومحلية كان بعضها يستخدم في المنطقة الحدودية الجنوبية. وأن معظم هذه الوسائل كانت ترسل المعلومات عبر الأقمار الاصطناعية. وأشاروا الى أن التدريبات في معظمها تمت في دول أوروبية أو مجاورة مثل قبرص وتركيا، حيث كانوا يلتقون ضباطاً من «موساد». وشكل توقيف العميد المتقاعد العلم في نيسان مقدمة لتساقط عدد من الشبكات في أيار (مايو) الجاري. إذ أوقفت مخابرات الجيش بعد نحو أسبوع، رجلاً يدعى ج.م. وهو رتيب متقاعد في الأمن العام يملك باصاً لنقل الركاب بين رميش وبيروت. وأدت التحقيقات مع العلم الى كشف صلته بأشخاص تشكل علاقته معهم اختراقاً محتملاً مؤذياً بالصفوف المقاومة. وفي 26 نيسان، وضع فرع المعلومات يده على خلّيتين مرتبطتين ب «موساد»، تتألف الأولى من روبير إدمون كفوري من زحلة، ويسكن في منطقة دبين القريبة من مرجعيون ويعمل مع أشقائه في تأجير الجرافات والآليات والرافعات الثقيلة، والفلسطيني الذي جنده كفوري في الشبكة محمد ابراهيم عوض، الذي يقيم في محلة الفيلات في صيدا، ويعمل في إحدى شركات مستلزمات البناء في الزهراني. أما الخلية الثانية التي أوقفها الفرع، فتضم اللبناني علي حسين منتش من بلدة زبدين ويقيم في النبطية ويملك فرناً وملحمة. وأسفر توقيف الثلاثة عن ضبط أجهزة كومبيوتر وأقراص مدمجة وهواتف خليوية دولية اسرائيلية، كما صودرت سيارات المتهمين وهي: من أنواع «فولفو» و «رابيد» و «ب.م.ف» تحتوي على أجهزة G.P.R.S متطورة تختص بكشف إحداثيات المناطق المنوي مراقبتها. وفي أواخر نيسان، أوقف فرع المعلومات بناء لطلب مخابرات الجيش منزل الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي ه. سحمراني في منطقة برج البراجنة. وكانت مديرية المخابرات تشتبه به منذ مدة طويلة وترصد تحركاته. وأخضع لتحقيق اعترف خلاله بأنه يعمل منذ سنوات طويلة في اطار الرصد وجمع المعلومات حول ما يتصل بحركة الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله وبعض القيادات الحزبية القريبة منه في الضاحية الجنوبية. كما اعترف بأنه جند زوجته مقابل مبالغ مالية، فتم اعتقالها، وأشارت بعض المعلومات الى أن ما زوّد به الإسرائيليين مكنهم من قصف بعض المواقع في الضاحية، وفي أواخر شهر آذار (مارس) أوقف «حزب الله» مصطفى عواضة الذي يعمل في تجارة السيارات وتبين أنه كان يجمع معلومات عن منازل قيادات المقاومة ومكاتبها وكان يتنقل بين لبنان وبلجيكا ودول أفريقية. وأعقب ذلك توقيف 3 أشخاص من بلدة حبوش ولم يُعرف مدى الشبهة عليهم. وفي 4 أيار أدت عملية مطاردة قامت بها فرقة من فرع المعلومات في بلدة عيناثا الى توقيف الأخوين ج. ي وح. ي وهما من بلدة السلطانية، اضافة الى شخص يدعى ح.ح من بلدة دير انطار بتهمة تشكيل شبكة للتعامل مع «موساد». ويشار الى أن الأخوين يملكان مشغلاً لتصليح عوادم السيارات وأن أحدهما كان على علاقات قديمة مع منظمات فلسطينية. وبعد عملية التفتيش ضبطت لدى ج.ي أجهزة اتصال ومراقبة متطورة، في حين لم يعثر لدى الآخرين على أي أجهزة.