حذّرت منظمة «أوكسفام» من أن «يفاقم الصراع المدمّر في اليمن أزمة مصرفية برزت ملامحها في الأفق، وتنذر بخطر دفع الملايين نحو المجاعة». وأفادت في بيان لمناسبة مرور عام على تصعيد العنف والاقتتال في اليمن، بأن «تدمير المزارع والأسواق والحصار الفعلي المفروض على الواردات التجارية، وتفاقم أزمة الوقود المستمرة منذ فترة طويلة، عوامل أفضت إلى انخفاض معدّلات الإنتاج الزراعي وشحّ الإمدادات التموينية وارتفاع لافت في أسعار الغذاء». كما ألحقت الحرب أضراراً بطرق الإمداد الرئيسة، ومستودعات المعونة الغذائية، والمركبات التي تحمل الإمدادات الإنسانية، ما أدّى إلى تفاقم أزمة الغذاء. وأوضحت «أوكسفام» أن مع دخول النزاع عامه الثاني، «باتت المصارف الدولية أكثر تردّداً في توفير الائتمان للمستوردين، ما يعني أن التجّار في اليمن ربما يضطرون إلى وقف الشحنات الغذائية. وفي الوقت ذاته، يعاني المصرف المركزي اليمني بهدف تحقيق استقرار الأسعار في سوق المواد الغذائية». إذ رأت أن ذلك «يمكن أن يؤدي في بلد يستورد 90 في المئة من غذائه، إلى ارتفاع في الأسعار على نحو يؤثّر في ربع السكان، الذين وصلوا فعلاً إلى حافة الموت جوعاً». وخلص مسح ميداني أجرته منظّمة «أوكسفام» في شباط (فبراير) الماضي حول الغذاء، شمل 250 شخصاً في شمال غربي اليمن، إلى أن «ثلثي الأسر اليمنية تقريباً تعتمد على الائتمان المالي لشراء الأغذية. لكن، نظراً إلى العدد القليل من الناس القادرين على تسديد ديونهم، تزايدت عدم رغبة المقرضين في تقديم التسليفات للأسر الفقيرة». وأورد البيان أن كل الأدلة «تشير إلى عجز اليمنيين الأكثر فقراً عن التكيّف أمام هذه الأزمة المالية لفترة طويلة». إذ أكد جميع المستَطلعين في المسح، أنهم «ينفقون شهرياً أكثر ممّا يقدرون على كسبه من رزق». وقال مدير مكتب «أوكسفام» في اليمن، سجّاد محمد ساجد، في تصريح إلى «الحياة»، إن «النزاع القائم يُضاف إلى الأزمة المتفاقمة والموجودة في الأصل، وهي عبارة عن تراكم كارثة فوق أخرى، ما أدّى إلى خلق واحدة من أكبر حالات الطوارئ الإنسانية في العالم اليوم، وعلى رغم ذلك لا يعي العالم الخارجي الدراية الكافية بحجم الأزمة». وفي ظل النزاع القائم، لفت إلى أن الرجال والنساء والأطفال «يجدون أنفسهم وسط الحرب والقصف العشوائي من على الأرض، مع عدم وجود مكان آمن للاختباء». وكشف ساجد أن «نحو 14.4 مليون شخص في اليمن يعانون من الجوع، أي أكثر من نصف عدد السكان، إذ لن يكونوا قادرين على تحمّل أعباء ارتفاع أسعار الغذاء، في حال عجز المستوردون عن مواصلة التجارة نتيجة شلل النظام المالي الذي يلوح في الأفق». واعتبر أن اليمنيين وحتى قبل الأزمة الحالية، «كانوا يعانون بالفعل من مستويات كبيرة جداً من الحاجة الإنسانية الملحّة. وصُنّفت 10 محافظات من أصل 22 في حزيران (يونيو) عام 2015، بأنها «تبعد خطوة واحدة من المجاعة، وتحتاج إلى مساعدة عاجلة لإنقاذ الأرواح». ولفت ساجد إلى أن «الوضع ازداد تفككاً بعد مرور ثمانية أشهر. إذ أظهر مسح أجرته الأممالمتحدة حول النشاطات التجارية في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) من العام الماضي، أن مستودعات 64 في المئة من أصحاب الأعمال تسجّل نقصاً حاداً في المخزون، فيما لن يتبقى لدى أولئك الذين لديهم مخزون سوى ما تقلّ قدرته عن شهرين من الإمدادات». وأبلغ سكان مدينة تعز الواقعة على خط النزاع الأمامي، منظّمة «أوكسفام» في شباط الماضي، أن الخضر وحليب الرضّع المجفّف «لم تعد متاحة في الأسواق». كما أفادوا بأن «أسعار المواد الغذائية زادت بنسبة 200 في المئة في بعض المناطق». وأكد كثر في تعز أنهم يأكلون «وجبة فقط في اليوم، لتوفير ما يكفي من الغذاء لأطفالهم». وقال البعض إنهم «ظلوا من دون طعام لمدة 36 ساعة في فترات النزاع الكثيف». وتوقّف المصرف المركزي اليمني في شباط الماضي، عن ضمان أسعار الصرف المواتية لواردات سلعة السكّر، ما ينذر بأن المركزي قد يكون على وشك القيام بالإجراء ذاته بالنسبة إلى الأرز والقمح. وأثار عدم الاستقرار في القطاع المالي توتّر المستوردين، ويُرجّح أن يؤدّي إلى تقليص تدفّق السلع الأساسية، ما يدفع إلى ارتفاع في الأسعار في شكل أكبر. وبهدف درء خطر انهيار اقتصاد اليمن، حضّت «أوكسفام» المجتمع الدولي على «تقديم دعم عاجل إلى المصرف المركزي اليمني، فضلاً عن دعم المصارف الخاصة والمستوردين من القطاع الخاص». ودعت «إلى «إبقاء كل الطرق البرية والبحرية والجوية إلى اليمن مفتوحة، للسماح بتدفّق منتظم وثابت للإمدادات التجارية، من المواد الغذائية والوقود والأدوية، لتخفيف حدّة الأزمة الإنسانية». وأكدت أن «من دون تحقيق السلام، يواجه اليمن خطر الانزلاق نحو المجاعة، لكن إصرار البعض على تأجيج النزاع يبدو أكبر من اهتمامهم بوقفه».