لوحات فنية تشكيلية رسمت بطريقة حرفية وأعمال يدوية نحتية وزخرفية، قد لا تشد انتباهك إذا أقيمت في اي معرض في أرجاء المدينة، لكنك ستتوقف عندها مطولاً عندما تعرف أن من قام بصنعها فنياً هو سجين محكوم عليه بالمؤبد أو الإعدام وأحد نزلاء سجن عدرا في دمشق. الغرفة المحاذية لأحد مداخل السجن والتي تطل عليها مهاجع المساجين والمخصصة عادة للتفتيش، تحولت الى معرض افتتحه وزير الداخلية السوري سعيد سمور أمس في سجن عدرا وضم 160 عملاً فنياً هي نتاج ثلاثين سجيناً تفاعلوا مع عدد من الفنانين التشكيليين المتطوعين في ورشة العمل التي اقامتها مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الداخلية على مدى شهرين. وأكد سمور ان المعرض سيكون نواة وبداية لإعادة تأهيل السجون وتطويرها لتصبح أفضل، لافتاً الى «ان التجربة ستعمم على كل المؤسسات العقابية وستتحول الى مشروع استثماري بالنسبة إلى المساجين، كل بحسب هوايته». ولم تكن الحرية والتوق للخروج من السجن هي الموضوع السائد في الاعمال، بل تنوعت الأفكار كأي معرض آخر. وما كان يحتاج إنجازه الى أسابيع أنجز في ايام قليلة نتيجة توق المساجين للهروب من ملل الوقت والخروج من مهاجعهم. والفنان التشكيلي عمر نمير، أحد المتطوعين الذي عمل على تدريب السجناء اعتبر المعرض «فرصة وفسحة للمساجين للخروج من روتين السجن والجو القاتل الذي يسببه الملل». وأضاف: «لم يعد المساجين يفكرون في همومهم ومشاكلهم بل باللون واللوحة وماذا سيرسمون وهذا كان هدفنا الى إخراج السجين من همومه ومشاكله وسجنه الداخلي وادخال اللون الى عالم السجين يؤدي الى توازن نفسي وهو من احدث العلاجات السلوكية». بدوره وصف النحات مصطفى علي فكرة المعرض بأنها «حضارية» لأن تشكل التفاتة الى هؤلاء الذين دخلوا السجن لأسباب متعددة لملء فراغهم بتجربة فنية سيكون لها دور في حياتهم داخل السجن وعند العودة الى حياتهم مستقبلاً». الورشة التي هدفت الى استغلال وقت السجين بطرق ممنهجة من طريق توجيهه نحو عمل يفيده على الصعيد النفسي والنفعي ويكون له عوناً في المستقبل، أكد القائمون عليها انها ستصبح سنوية بمشاركة اكبر عدد من السجناء.