تصاعدت حدة المواجهات في مصر بين مرشحي الحزب الوطني (الحاكم)، من جهة، وبين مرشحي جماعة «الإخوان المسلمين»، من جهة أخرى، قبل أيام من فتح أبواب مراكز الاقتراع لانتخاب نصف مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان). واعتقلت أجهزة الأمن أمس مرشح «الإخوان» في محافظة الشرقية (دلتا النيل) محمود سيف صبح خلال مسيرة للترويج لبرنامجه. ودعت اللجنة القضائية العليا المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى والتي تلتئم مطلع الشهر، الناخبين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع صباح الثلثاء المقبل للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي يتنافس فيها 446 مرشحاً على 74 مقعداً في 55 دائرة انتخابية على مستوى الجمهورية. وأشارت إلى فوز 14 مرشحاً بالتزكية، وطالبت الناخبين والمرشحين بالتزام الإجراءات التي تم وضعها لإجراء الانتخابات بهدف توفير مناخ آمن لسير العملية الانتخابية والبعد عن إثارة ما يعرقل سيرها، وهو الأمر الذي قالت اللجنة إنها ستواجهه بإجراءات رادعة. وعلى رغم تكثيف القنوات التلفزيونية الرسمة والخاصة من حملتها التي أطلقت قبل أسبوع تحت عنوان «شارك» لدعوة المصريين إلى المشاركة بفاعلية لاختيار من ينوب عنهم في مجلس الشورى، غير أن تلك الحملة لم تلق على ما يبدو صدى كبيراً في الأوساط المصرية. إذ أن الاعتقاد الغالب لدى كثيرين أن «أصواتهم ليس لها قيمة خصوصاً في ظل مخاوف متزايدة من عملية تزوير للانتخابات». وتؤكد المؤشرات الأولية إلى أن الحزب الحاكم سيكتسح غالبية المقاعد في ظل غياب المنافسة من قبل أحزاب المعارضة، في حين سيكون أمام «الإخوان» الفرصة سانحة لحصد ما لا يقل عن ثلاثة مقاعد في الشورى، للمرة الأولى في تاريخهم. ويرى مراقبون أن غياب المنافسة سيؤدي بالتبعية إلى غياب الناخبين، ويتوقع هؤلاء ألا تخرج الانتخابات المقبلة عن سابقتها: سيطرة الحزب الوطني و «مناوشات» من قبل «الإخوان» في مقابل غياب تام لأحزاب المعارضة. لكن عدداً من المحللين يتوقعون أن يسمح الحزب الحاكم بزيادة أحزاب المعارضة رقعتها البرلمانية حتى تكون حاضرة في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في خريف العام المقبل. وبينما باتت شبكة الانترنت ساحة خلال الأيام الماضية للصراع بين الحزب الوطني وجماعة «الإخوان»، حسم الحزب الوطني الصراع سلفاً لمصلحته بعدما تمكن من حصد 14 مقعداً بالتزكية - نتيجة انسحاب منافسيه - من إجمالي 88 مقعداً يُفتح الباب للاقتراع عليهم الثلثاء المقبل. وتتجه جماعة «الإخوان»، في المقابل، إلى وضع أول قدم لها في مجلس الشورى بعد استبعاد القضاء المرشحة المنافسة ل «الإخوان» في محافظة كفر الشيخ هدى الطبلاوي (الحزب الوطني) لثبوت إدانتها في قضية جنائية. وبهذا يسجل منافس الطبلاوي الوحيد مرشح جماعة «الإخوان» محمد وهبي إسماعيل فوزه بأول مقعد في مجلس الشورى في تاريخ «الإخوان». لكن مصادر قضائية قالت إن مرشحة «الوطني» طعنت في الحكم ضدها وأشارت إلى أن المحكمة ستنظر في هذا الطعن خلال اليومين المقبلين (قبل بدء الاقتراع). وأشارت ل «الحياة» إلى أن فوز مرشح «الإخوان» يظل معلقاً إلى حين صدور النظر في الطعن الذي تقدمت به الطبلاوي. وشهدت الأيام الماضية حرباً ضروساً على الشبكة العنكبوتية بين «الوطني» و «الإخوان»، ففي ما يشبه اللعب بأعصاب المنافسين سعت الجماعة من خلال موقعها الإلكتروني طوال الأسبوع الماضي إلى تأكيد مدى صدقية مرشحي «الإخوان» وتعاطف الناخبين معهم، إذ أكدت مع كل جولة انتخابية يقوم بها أحد المرشحين على التفاف المواطنين حوله وتأييده في شدة بل ومبايعته في الانتخابات. وفي المقابل، ظل «الوطني» طوال الوقت يشكك في البرنامج الانتخابي لجماعة «الإخوان» واتهمها ب «الإفلاس» وانها دفعت بمرشحين سبق صدور أحكام قضائية في حقهم، في إشارة إلى اعتقال عدد من مرشحي «الإخوان» مرات عدة على ذمة قضايا مختلفة، وهو أمر اعتبرته الجماعة وساماً على صدور مرشيحها. وبدأ عدد من الشبان المنتمين إلى «الوطني» في اطلاق حملات وتجمعات على موقع «فايسبوك» الشهير للترويج لبرنامج الحزب الحاكم ومرشحيه، فيما ظهرت في شوارع القاهرة وعدد من المحافظات لافتات كبيرة وضعت في الميادين الرئيسية تروّج إلى البرنامج الانتخابي للوطني. وتتسم الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى بكبر حجمها عن نظيرتها بالنسبة إلى مجلس الشعب، إذ إن كل 3 دوائر من مجلس الشعب تمثل دائرة واحدة في الشورى، ما يتطلب من المرشح بذل جهود ونفقات أكبر في الدعاية الانتخابية نظراً إلى اتساع نطاق الدائرة، وهو الأمر الذي يفوق القدرات المادية لأحزاب المعارضة. وأكد نائب مرشح «الإخوان» الدكتور رشاد البيومي قدرة جماعته على «حصد مزيد من النجاحات على رغم القيود التي تواجه مرشحينا»، لكنه شكك في أن تتسم العملية الانتخابية بالنزاهة والشفافية. وقال في تصريحات خاصة إلى «الحياة»: «في حال كانت الانتخابات التي تجرى الثلثاء المقبل شفافة نحن قادرون على المنافسة بقوة وتحقيق نجاحات كبيرة». في المقابل، كثّف الحزب «الوطني» من زيارات قادته الميدانية والتي تهدف إلى مساندة مرشحيه. وقام أمين السياسات جمال مبارك أول من أمس بزيارة إلى محافظة المنيا (صعيد مصر) أكد خلالها سعى «الوطني» إلى الحصول على ثقة الناخب، مؤكداً أن برنامج الحزب الانتخابي يسعى إلى «مجابهة التحديات والمشاكل مستمرة التي نعاني منها»، في حين يستعد أمين التنظيم المهندس أحمد عز لجولات ميدانية في عدد من المحافظات والتي بدأت أمس بزيارة محافظة القليوبية (دلتا النيل).