تحولت عاصمة محافظة مأرب (شمال شرق العاصمة صنعاء) والوديان والمناطق المحيطة بها منذ الساعات الأولى من صباح أمس إلى ساحة حرب، وشهدت مواجهات بين قبائل عبيدة، إحدى أكبر قبائل المنطقة، وبين قوات الجيش والأمن اليمنية المرابطة في المحافظة، سقط بنتيجتها عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، بعدما هاجم مسلحون قبليون مواقع عسكرية ومراكز حكومية بمختلف أنواع الأسلحة وفجروا محطات لتوليد الكهرباء وأنبوباً للنفط وحاولوا اقتحام معسكر تابع للقوات الجوية ومبنى القصر الجمهوري في مدينة مأرب التي تحولت مدينة أشباح خلت شوارعها من المارة واغلقت متاجرها، فيما أصوات الاشتباكات تدوي داخلها وفي محيطها. وجاءت هذه التطورات وتداعياتها الخطيرة بعد ساعات قليلة على مقتل نائب المحافظ والأمين العام للمجلس المحلي في مأرب الشيخ جبار بن علي الشبواني من قبيلة عبيدة، وأربعة من مرافقيه، في غارة شنها الطيران اليمني ليل الاثنين - الثلثاء في منطقة وادي عبيدة، بينما كان الشبواني يجري مفاوضات مع عناصر مطلوبة أمنياً بتهمة الانتماء الى تنظيم «القاعدة» في اليمن، لتسليم أنفسهم إلى السلطات طوعاً حقناً للدماء. وأكدت مصادر متطابقة في محافظة مأرب ل «الحياة» ان مقتل الشبواني لا يزال يلفه الغموض وأن المواجهات التي تلته وقعت بسبب اعتقاد أبناء قبيلة عبيده بأنه راح ضحية حادث مدبر، على رغم أن اللجنة الأمنية اليمنية العليا سارعت إلى إصدار بيان رسمي ابدت فيه اسفها لمقتله وقالت ان الغارة الجوية كانت تستهدف عناصر «القاعدة». وابدت مصادر قبلية اعتقادها بأن الغارة نفذتها طائرة اميركية بدون طيار. وقالت ان شقيق المطلوب الأمني زعيم «القاعدة» في مأرب محمد بن سعيد بن جميل الذي كان برفقة الشبواني في عملية التفاوض مع شقيقه محمد بن سعيد بن جميل، أصيب بجروح طفيفة. وتبع بيان اللجنة الأمنية توجيهات أصدرها الرئيس علي عبد الله صالح بتشكيل لجنة تحقيق في ملابسات الغارة وتزامنها مع وساطة الشبواني، برئاسة وزير الداخلية اللواء ركن مطهر رشاد المصري وعضوية محافظ مأرب ووكلاء الأجهزة الأمنية المختصة وعدد من مشايخ قبيلة عبيدة وقبائل مأرب. ووصل المصري لاحقاً الى مأرب لمباشرة اتصالاته فيما قطع الرئيس صالح جولته في عدد من المحافظات وعاد إلى العاصمة صنعاء. واشارت المصادر الى ان حالا من التوتر الشديد لا تزال تسود في المنطقة، فيما انتشرت آليات عسكرية ودبابات على مشارف المدينة، وان وجهاء قبليين بدأوا وساطة لتهدئة الوضع. من جهة ثانية، أفرج امس عن الزوجين الاميركيين اللذين خطفا الاثنين غرب صنعاء، وتم تسليمهما الى النائب في البرلمان اليمني محمد عبدالله القاضي. وكان مسلحون من قبيلة الحيمة في منطقة بني منصور (70 كلم غرب صنعاء) خطفوا الاميركيين ثم اقتادوهما الى قرية الحمرا في المنطقة نفسها، للمطالبة بالافراج عن موقوف في السجن المركزي في صنعاء منذ عدة سنوات يدعى حمود شردة.