عقدت قمة دول الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية ودول حوض البحر الكاريبي في مدريد، في الثامن عشر من أيار (مايو)، وشاركت فيها 60 دولة من القارتين. والاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شركاء أميركا اللاتينية، وأكبر مستثمر في المنطقة. وفي العقد الماضي، موّلت أوروبا أكثر من 450 مشروعاً في القارة اللاتينية تجاوزت قيمتها 4.5 بليون دولار. وظروف العلاقات الدولية اليوم أكثر تعقيداً مما كانت عليه في اللقاءات السابقة. فالانقلاب العسكري في هندوراس قسم المنطقة فريقين. ونُكبت هايتي بزلزال. ورسخت الصين موطئ قدم في المنطقة. وهي، قد تزيل أوروبا عن مكانتها. وقياساً على قمة 1998، انقلب الوضع: نجت أميركا اللاتينية، مع بعض الاستثناءات، من الأزمة العالمية فيما تعمل أوروبا على انجاز اصلاحات مؤلمة. وشارك الزعماء الأوروبيون في القمة غداة أسبوع من أكثر الأسابيع إيلاماً منذ الانتقال الى اليورو. فلا عجب في أن ينصرف الاتحاد الأوروبي، مضيف القمة هذه المرة، الى معالجة مشكلاته الداخلية الخطيرة. وأدت كولومبيا دوراً رئيساً، مع البيرو، في تبني معاهدة التبادل الحر التي تشارك فيها أميركا الوسطى. وأما حال مجموعة «ميركوسور» (المجموعة الاقتصادية لبلدان أميركا الجنوبية) فأكثر تعقيداً وعلى رغم استئناف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي و «ميركوسور»، بعد ست سنوات من الانقطاع، تعارض فرنسا، وسبعة بلدان أوروبية أخرى، الاتفاق، وتراه حاجزاً دون صادراتها الزراعية. وغاب بعض الزعماء عن القمة. وأبرز الغائبين الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز. وكان، هو والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، من المبادرين الى مقاطعة رئيس هندوراس الجديد، بوفيريو لوبو. عُدّ امتناع الحكومة الإسبانية عن توجيه الدعوة الى لوبو قرينة على تعاظم النفوذ البرازيلي. والرئيس الكولومبي، ألفارو أوريبي، يرجع من قمة القارتين، وهي الأخيرة التي يشارك فيها كرئيس دولة، متأبطاً اتفاقاً تجارياً. وهذه ثمرة طيبة في السياق الديبلوماسي الذي تميز بالإعلانات الطنانة والضامرة. والتوسع الأوروبي ييمم صوب الشرق. وعدد كبير من دول الاتحاد السبع والعشرين علاقاتها بأميركا اللاتينية هزيلة. والى هذا، فالأزمة الاقتصادية تحول دون حظوة المنطقة باهتمام أكبر من الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، على رغم الجهود الحالية للحكومة الإسبانية التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. الافتتاحية، عن «إل تيمبو» الكولومبية، 18/5/2010، إعداد حسام عيتاني