1 تتزايد وتتنوع كل يوم أدوات التزوير والتزييف في العالم، لكن يبقى «الإعلام» هو أقوى وسيلة في عصرنا هذا، للتزييف والتزوير! 2 كثيراً ما يقوم الإعلام، من خلال تغطياته الإخبارية، ب (تغطية) الحقيقة عن عيون المشاهدين أو المستمعين أو القراء. يزيّف الإعلام الحقائق .. حين يجعل إيران هي الملاذ الآمن والمخلّص من الأطماع الإسرائيلية في المنطقة، لكنه يكون أكثر تزييفاً و تزويراً حين يصف إيران، من جانب آخر، بأنها هي الخطر الحقيقي والأول علينا، وأن إسرائيل أقل خطراً وضرراً وعدواناً منها! يزيِِّف الإعلام الحقائق .. حين ينتج برامج إعلامية دعائية براقة عن الإنجازات التي تمت في سبيل تكوين البنية التحتية للوطن، ثم بزلزال خفيف أو أمطار وسيول منعشة تقلب البنية التحتية عاليها سافلها، وتنكشف حقيقة أن التحتية هنا هي بمعنى: سفلية! يزيّف الإعلام الحقائق، حين ينسب إلى أشخاص أعمالاً لم يعملوها بل عملها غيرهم. إذ هناك دوماً، وعلى مدار تاريخ البشر، أناس يعملون وأناس يقولون. والإعلام، بكينونته القولية، يحتفي بالذين يقولون أكثر من احتفائه بالذين يعملون. والناس ثلاثة أنواع: إنسان يقول ويعمل .. وهو الإنسان الطبيعي السليم، وإنسان يعمل ولا يقول .. وهو إنسان مثالي ونادر، وإنسان يقول ولا يعمل .. وهو الإنسان المزيّف المخادع. وهذا الأخير هو الذي يستغل شهية التقوّل عند الإعلام، فيجعل من الإعلام وسيلة له لتزييف وتزوير الوقائع وتغطية الحقائق. ونحن نكرر كثيراً مقولة: أن الحقائق دوماً ما تنكشف في النهاية، وهذا قول نعزي به أنفسنا لكنه غير صحيح، إذ لو كانت الحال كذلك لارتدع كثير من أولئك خوفاً من انكشافهم لاحقاً أمام الملأ. لكن (النهاية) ليست دائماً بيضاء مفرحة، كما في الأفلام الهندية، بل كثيراً ما تأتي (النهاية) .. والحقائق ما تزال مغطاة، بأمر المخرج! كل إنسان سوي له طموح .. ولكن له أخلاق أيضاً، وطموحه ينبغي أن لا يتفاقم حتى يتجاوز حدود أخلاقه أو حقوق الآخرين. لا يمكن لأحد أن يدّعي التجرد المطلق من النزعات الشخصية في عمله، فالطموح فطرة بشرية، لكن من العيب أن نجعل الأولوية لتحقيق أمجادنا الشخصية من خلال أعمالنا المناط بنا القيام بها .. فكيف بمن يريد تحقيق أمجاده الشخصية من أعمال الآخرين؟! 3 الإعلام كالنار .. تحتاج إليها لإنضاج طبختك، لكن إن»أشعلتها» أكثر من اللازم احترقت الطبخة! كما أن الإعلام كالنار .. تستضيء بنورها، لكنك كلما اقتربت أكثر، طمعاً في المزيد من النور.. أوشكت أن تقع في النار! خذوا من الإعلام نوره .. وابتعدوا عن ناره. * كاتب سعودي [email protected]