على الطريق المؤدية إلى مدينة جزين وبلدات قضائها تصطف السيارات وراء بعضها بعضاً مشكلة صفاً طويلاً. من نوافذ عدد منها ترفرف رايات «القوات اللبنانية»، فيما يتجمع في وسط الطريق شبان وشابات بلباس برتقالي ورايات «التيار الوطني الحر» يوزعون كتيبات كرتون عليها «جزين التغيير»، ومن الجهة الخليفة أسماء مرشحي «التيار الوطني الحر» إلى الانتخابات البلدية والاختيارية في المدينة. مشهد إزدحام السيارات على مدخل بلدات القضاء وقراه، يلخص الطابع العام للمعركة، خصوصاً في مدينة جزين حيث المعركة المسيحية - المسيحية محتدمة بين «التيار» من جهة وبين النائب السابق سمير عازار و «القوات اللبنانية» و «الكتائب» من جهة ثانية، في حين بقي النائب السابق ادمون رزق على الحياد. وتعكس زحمة السير على الطريق، زحمة الناخبين امام اقلام الاقتراع. وعلى رغم تأكيد ناخبين كثيرين أن الطابع العام للمعركة هو «انمائي، لا سياسي»، فإن متابعين لسير العملية يؤكدون أن المعركة هنا ل «حسم المرجعية، فالتيار يحاول من خلال معركة جزين التي تمثل ثقلاً مسيحياً في الجنوب، أن يقول إن باستطاعته الحسم من دون الاستعانة بحليفه الشيعي، وبذلك يكون هو المرجعية وليس طارئاً على المدينة». أما منافسوه في لائحة «جزين حلوة وأحلى» فيسعون الى «تثبيت أقدامهم» في ارض جزين، وان بدوا أكثر ميلاً الى التشديد على البعد الانمائي - الخدماتي للمعركة. والتنافس الانمائي - السياسي في جزين، بدا محتدماً أمام «ثانوية جزين الرسمية» منذ الصباح، على مرأى من القوى الامنية التي نفذت انتشاراً كثيفاً أمام اقلام الاقتراع وعلى الطرق. ففي حين لم تتخط نسبة الاقتراع 11 في المئة عند العاشرة صباحاً، ارتفعت في اقلام الثانوية الى 40 في المئة قبيل الثالثة عصراً. ولوحظ أن عدداً كبيراً من الناخبين الذين كانوا متواجدين أمام مركز الاقتراع، فضلوا الانتظار حتى العصر للادلاء بأصواتهم. أما السبب، فيقول أحد مؤيدي لائحة «جزين التغيير» ممازحاً: «دورنا يأتي لاحقاً، الآن علينا ان نعمل لتشجيع غيرنا على الاقتراع... لكن فقط اذا كان سيصوت لمصلحتنا». وتؤكد مندوبة للائحة «جزين أحلى» انه على رغم الزحمة امام مركز الاقتراع، فإن شيئاً لم يعكر هدوء اليوم الانتخابي. وتلفت الى أن «كثيراً من الناخبين الذين قصدوا المركز لا نعرفهم. كثيرون منهم من ابناء جزين المغتربين، او الذين يعملون ويعيشون خارج المدينة». الطابع المسيحي للمعركة في جزين المدينة، يتحول مختلطاً في بلدة كفرحونة التابعة للقضاء. على مدخل البلدة ترتفع صورة للقيادي في «حزب الله» الذي اغتيل في سورية عماد معنية، وعلى بعد امتار منه صورة أخرى لرئيس المجلس النيابي نبيه بري والامام المغيب موسى الصدر وشعار حركة «أمل». فكفرحونة على عكس جزين المدينة، يضم مجلسها البلدي 8 اعضاء مسيحيين و7 شيعة، وتتنافس فيها لائحة «الانماء والوفاء والاصلاح» المدعومة من «التيار» وحليفه «حزب الله» و حركة «أمل» ولائحة «عائلات كفرحونة». وعلى رغم أن المدرسة الرسمية بدت شبه خالية من المقترعين ظهراً، يقول رئيس القلم في الغرفة الاولى ان الامر طبيعي، ومن المتوقع ان تعود الحركة لتنشط بعد الظهر، مشيراً الى أنه حتى الثانية عشرة لم يقترع في قلمه الا 50 ناخباً من اصل 525. أما في بلدة روم المختلطة، فلا يبدو للمعركة أثر، بعد ما تردد انسحاب اللائحة التي يرأسها رئيس البلدية الحالي جرجي حداد الذي أمضى نحو 40 عاماً في رئاسة البلدية. وعلى رغم تأكيد رئيس أحد اقلام الاقتراع أن انسحاب اللائحة شفوي ولم يعلن رسمياً، فإن مندوبي لائحة حداد غابوا عن مراكز الاقتراع، واقتصر الحضور فيها على مندوبي لائحة «روم للكل» المدعومة من «التيار» وعائلات. غير أن البارز في روم ان خبر الانسحاب لم يؤثر على نسبة الاقتراع التي بلغت عصراً 49 في المئة في قلم الناخبين الشيعة في الثانوية.