لا تزال أزمة تشكيل الحكومة العراقية تراوح مكانها بعد نحو شهرين ونصف شهر على الانتخابات التشريعية بسبب استمرار الخلافات بين القوى السياسية على رئاسة الحكومة، فيما فشلت المساعي التي تبذل من أجل عقد لقاء يجمع زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء نوري المالكي مع زعيم ائتلاف «العراقية» اياد علاوي وسط اتهامات متبادلة حول مسؤولية كل طرف عن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة. وعلمت «الحياة» أن الاجتماع الذي كان مقرراً بين المالكي وعلاوي أمس السبت في ضيافة رئيس «تيار الاصلاح الوطني» ابراهيم الجعفري أُلغي على خلفية اشتراط «دولة القانون» تنازل «العراقية» عن رئاسة الوزراء، وهو ما رفضه علاوي بشدة. وقال مصدر رفيع المستوى في الائتلافين الشيعيين المتحالفين «الائتلاف الوطني» و «ائتلاف دولة القانون» ل «الحياة» إن «فشل عقد لقاء بين علاوي والمالكي يعود إلى عدم اعتراف علاوي بحق الائتلافين في تشكيل الحكومة بعد اعلان تحالفهما المشترك». ولفت إلى أن «رئيس ائتلاف العراقية رفض تقديم أي مرونة في هذه القضية، ودعا الائتلافين إلى منحه فرصة تشكيل الحكومة. وفي حال فشل في ذلك، فسيشارك في أي حكومة يتم تشكيلها، وهو ما يرفضه الائتلافان، لا سيما دولة القانون، وتعتبره مضيعة للوقت». ولفت المصدر إلى أن «اصرار العراقية على موقفها بتشكيل الحكومة يعرقل الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة، فيما يزيد فشل الائتلافين في تقديم مرشح توافقي في ما بينهما لمنصب رئاسة الحكومة، الأمور تعقيداً». وشدد على ضرورة اسراع الائتلافين في تسمية مرشح نهائي يحظى بقبول الفرقاء السياسيين». ويعد اللقاء بين علاوي والمالكي، والذي كان مقرراً أمس، الثالث من سلسة محاولات لعقد لقاء بينهما جرت بوساطة عدد من القوى السياسية، إلا أن كلها باءت بالفشل، ويتبادل الطرفان المسؤولية عن ذلك. واتهم راسم العوادي القيادي في «حركة الوفاق الوطني» القريب من علاوي «ائتلاف دولة القانون» بإفشال اللقاء الذي كان مقرراً اليوم (امس) في منزل الجعفري. وقال في تصريح إلى «الحياة» إن «دولة القانون ألغى الاجتماع من دون معرفة الأسباب». ولفت إلى أن «العراقية تعد هذا الاجراء محاولة من دولة القانون لعرقلة تشكيل الحكومة المقبلة واطالة أمد الحكومة المنتهية ولايتها». وأكد أن «العراقية» ما زالت «تطالب بمنحها الحق الدستوري في تشكيل الحكومة وفقاً للاستحقاق الانتخابي». وتعد عقدة الأحقية في تشكيل الحكومة من أهم الأمور التي تحول دون لقاء المالكي وعلاوي على رغم عدد من تصريحات أدلى بها كل من الرجلين عن إجراء اللقاء. من جهته، ربط «ائتلاف دولة القانون» لقاء زعيمه المالكي بعلاوي بوضع أسس وملفات سياسية يجري البحث فيها، وضرورة تجاوز اشكالية رئاسة الحكومة لمصلحتها. وقال القيادي في «ائتلاف دولة القانون» خالد الأسدي في تصريح إلى «الحياة» إن «المالكي ليس لديه مانع من لقاء علاوي، لكن يجب أن تكون هناك أسس لعقد الاجتماع». وأوضح أن «على اللقاء أن يستند إلى حوارات بين الكتلتين ودرس الملفات التي يجب مناقشتها ليكون اللقاء مثمراً وايجابياً»، وشدد على ضرورة أن «يتركز الحوار على مناقشة الملفات الشائكة والمعقدة والشروع في مفاوضات تشكيل الحكومة». وكان أحد قادة «العراقية» أعلن قبل أيام ان المالكي وعلاوي سيلتقيان السبت (أمس) في منزل الجعفري. لكن علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء اكد ان المالكي لا يعلم شيئاً عن هذا اللقاء ولم يُحدد موعد للاجتماع. وأضاف الموسوي لوكالة «فرانس برس» ان «اشاعة الخبر من دون اعلام الطرف الآخر يحمل نيات غير جادة، ونعبر عن عدم ارتياحنا ازاء ادارة الموضوع بهذه الطريقة». وتابع ان «الغرض من ذلك اعطاء فكرة ان هناك موعداً والمالكي لم يحضر، وهذا مؤشر غير جيد يؤثر على الحوار اذا كان الامر بهذه الطريقة». من جهته، قال النائب الفائز عن «العراقية» حسن العلوي «كنت في اجتماع مع المالكي مساء الجمعة وفوجئنا نحن الاثنين بهذا الأمر». واضاف ل «فرانس برس» ان «الجعفري وجه لقادة الكتل دعوة الى الغداء اليوم (أمس) وكنت تمنيت عليه ان يقرب وجهات النظر بين الطرفين نظراً الى علاقته الوثيقة بحزب الدعوة لكنني لم اطلب اي موعد» يجمع بين الرجلين. وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني دعا قادة الكتل السياسية الى غداء يوم الخميس الماضي سعياً وراء التقارب بينهم، لكن علاوي اعتذر عن عدم الحضور. ويعول البعض على مساهمة اللقاء بين المالكي وعلاوي على اذابة الجليد بين الجانبين وتسهيل مهمة تشكيل الحكومة، التي تراوح مكانها منذ شهرين ونصف الشهر على الانتخابات التشريعية بسبب الجدل الحاد حول احقية ذلك دستورياً، إضافة الى آلية اختيار رئيس الوزراء ضمن التحالف الشيعي. وفازت 4 كتل رئيسية بالانتخابات التشريعية التي أجريت في 7 آذار (مارس) الماضي، وتصدرت «العراقية» بحصولها على 91 مقعداً يليها «دولة القانون» ب79 نائباً ثم «الائتلاف الوطني» ب 70 مقعداً و «التحالف الكردستاني» ب43 نائباً. ويتركز الجدل بين الكتل الفائزة حول الاحقية الدستورية لتشكيل الحكومة. ففي الوقت الذي ترى «العراقية» انها الأحق في ذلك كونها الفائز الاكبر، يصر «دولة القانون» على ان التحالف الجديد بينه و «الائتلاف الوطني» الذي تشكل بعد الانتخابات هو من سيتولى تشكيل الحكومة باعتباره الكتلة الأكبر (159 نائباً). وعلى رغم التحالف بين «دولة القانون» و «الوطني العراقي»، لم يتفق الطرفان على آلية اختيار رئيس الوزراء. وكانت المحكمة الاتحادية ذكرت رداً على استفسار «دولة القانون» حول تفسير نص الدستور المتعلق بتكليف الكتلة البرلمانية الاكبر عدداً تشكيل الحكومة، ان الكتلة الاكبر عدداً هي تلك التي تشكلت قبل الانتخابات او بعدها. يشار الى ان المحكمة الدستورية المعنية بتفسير نصوص الدستور وشرحها لم تتشكل حتى الآن. لذا، يلجأ السياسيون الى المحكمة الاتحادية لطلب رأيها حول النصوص الغامضة او تلك التي تحتمل اكثر من تفسير.