كان لافتاً يوم الأربعاء الماضي خبر عقد قران طفلة في العاشرة، على شاب هذه المرة في السادسة والعشرين، ومعلوم أن الرقم 26 / 10 هو المقاس الأكثر استخداماً لدبابيس الدباسات، يليه في كثرة الاستخدام مقاس 24 /10، وربما كانت الزيجة المقبلة تحمل هذين العمرين، ويبدو أن «تدبيس» الصغيرات في الزواج ما قبل المبكر له علاقة بكثرة طلبات المعلمات، فيؤثر والدها تزويجها ليتحمل الزوج بقية نفقات الدراسة. لماذا يتزوج كبار السن بالصغيرات؟ سؤال تكرر كثيراً وأشبع «صحافة»، ولم يشبع بحثاً اجتماعياً، واقتصادياً، وقانونياً، أما لماذا يتزوج الشاب من طفلة، فهذه ربما تكون جديدة نسبياً، وتبريراتها أكثر تعقيداً. هل تذكرون تقارير صحية، لم يسلّط عليها الضوء كثيراً، تفيد بأن الأطعمة «الجنك» تسرّع بشكل غير طبيعي من علامات البلوغ، وأن هناك تسجيلاً لحالات اختلال هروموني كثيرة نتيجة إدمان بعض الأطفال لهذا النمط من الغذاء وبشكل يومي، وهل يمكن في هذا السياق ربط ذلك بأفكار أو عادات لدى بعض الأسر أو المجتمعات الريفية بتزويج الفتاة حالما تصل إلى سن البلوغ؟ بعبارة أوضح هل يمكن أن تكون هناك ملامح أنوثة ظاهرية على طفلة تصيب أهلها بالرعب، فيعتقدون أنها «فايرة» فيباركون تزويجها، أو ربما يسعون له؟ أو تكون هذه الملامح التي هي في الأساس إشارة إلى مشكلة صحية هي من جذبت العريس أو أهله – في حالة الشباب – إلى خطبة الفتاة؟ كل هذا نظرية أو هاجس يتداخل مع أشياء وعوامل كثيرة، لكنه ممكن، والواجب دراسته، لأننا في ما يبدو مقبلون على مشكلات عميقة. الهاجس الآخر هو «الوسواس» وضعف الثقة بالنفس فبعض الرجال، كبروا أو صغروا، يعتقدون أنهم بالزواج من طفلة لم تكتمل أنوثتها، فإنهم بذلك يضمنون أن يتفتح وعيها العاطفي والجسدي عليهم، وأن في ذلك ضماناً لأقل قدر من احتمالات الخيانة الزوجية التي يسمعون عنها، إضافة إلى النظرية القديمة القائلة بالزواج من صغيرة لتربيتها «على مزاجك»، وما علموا أن هذه الصغيرة تشب ويكتمل نضجها وتصل إلى قمتها النفسية والذهنية في الوقت الذي ينحدر فيه الزوج، لتبدأ هي في تربيته «على كيفها». وأخيراً فإن التعاطي الإعلامي مع هذه «الحوادث» الاجتماعية قد لا يكون دقيقاً، وبالتالي أظن أنه من المناسب مناقشة الفكرة، كمبدأ، وليست الحادثة كحدث، لأننا لا نعلم يقيناً إن كان المنقول خبرياً دقيقاً لجهة الأعمار أو الظروف، كما يجب التفريق بين عقد القران، وبين الزواج الفعلي، لأن العقد يمكن أن يأتي في سياقات عائلية، أو تجارية، أو ظرفية لا يعلمها إلا طرفا العلاقة.