بعد موسم أوّل واستثنائي من برنامج «ذا فويس كيدز»، فازت اللبنانية لين الحايك، من فريق كاظم الساهر، ليُسدل الستار على رحلة فنية جميلة أبطالها صغار شغلوا بمواهبهم وأصواتهم العالم العربي، بكباره وأطفاله، جمهوره ونقاده، بُسطائه ومثقفيه، فكان البرنامج أشبه باستراحة مُقتطعة من حياة صاخبة أعادت إلينا أملاً مفقوداً في زمن الحرب والشتات. شكلّت كلّ حلقة من حلقات «ذا فويس كيدز» حدثاً في ذاتها، إن على مستوى المشاهدة أو التفاعل، فكانت ردود الأفعال تلتقي حيناً وتتصادم أحياناً. الأصوات فوق المتوقّع، والأعداد محدودة، الأمر الذي كان يُثير عاصفة من التعليقات على البرامج التلفزيونية الأخرى ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما استحال «ذا فويس كيدز» على قناة «أم بي سي» محطة ثابتة في روزنامة المشاهد العربي مساء كل سبت. لكنّ فوز لين الحايك لم يُثر ضجةً كتلك التي صاحبت استبعاد بعض المشتركين، كما أنه لم يُطابق التوقعات ولم يخالفها. ولا أظن أن فوز أي مشترك آخر كان ليُثير ذاك الجدل المعهود، كأنّ الجمهور استسلم في الحلقة الأخيرة لحقيقةٍ ثابتة هي أنّ المواهب جميعها خارقة، وأنها توّجت سلفاً بحبّ الناس وتقديرهم. وإذا عدنا إلى الحلقات الأولى في مرحلة «الصوت وبس» لوجدنا أنّ لين الحايك لم تكن من ضمن المواهب اللافتة جداً، فلم يحقق الفيديو الخاص بمرورها ملايين المشتركين الآخرين، كالطفلة السورية غنى بوحمدان صاحبة «عطونا الطفولة» بدموعها وأدائها البريء، أو التونسية نور القمر بغنائها المبدع لأغنية أم كلثوم الصوفية «برضاي»، أو الطفل المصري أحمد السيسي وهو يُغني «دار يا دار» بصوت مبدع، على رغم أسنانه المخلوعة. لكنّ كاظم الساهر، وهو الوحيد الذي لفّ كرسيه لصوتها، أحس بموهبتها الكبيرة حين اختارت أن تغني واحدة من أصعب أغنياته «المحكمة»، فأنصفها واختارها مرحلة تلو أخرى ليكتشف المشاهدون، واللجنة أيضاً، أنها واحدة من أجمل أصوات «ذا فويس كيدز» وأكثرها ثباتاً ونضجاً. واللافت أنّ الحايك من الأطفال القليلين الذين لم يدرسوا الموسيقى، لكنّها ذكرت في أولى إطلالاتها في البرنامج أنّها أحبّت الموسيقى من صوت البحر الذي ولدت بجواره، هي ابنة المينا الطرابلسية، فجاءت موهبتها فطرية لكنها مكتملة، ومستحقة للقب «ذا فويس كيدز» والجائزة المتمثلة بأغنية خاصة ومنحة دراسية. تضمّنت الحلقة النهائية لوحات غنائية منفردة وأُخرى جمعت الأطفال ومدربيهم النجوم، إضافة إلى لوحة استعراضية شاركت فيها العراقية ميرنا حنّا والسوريان زين عبيد وأمير عموري واللبنانيان غدي بشارة والفائزة لين الحايك. وجاءت أغنية الافتتاح بعنوان «نحن الحياة» («We Are The World»)، قدّمها الملحن جان ماري رياشي رسالةَ أمل وتفاؤل في زمن الظلام والخوف. وفور انتهاء الحلقة النهائية وتتويج الفائزة، عقدت مجموعة «MBC» مؤتمراً صحافياً ضم كل من النجوم المدرِّبين الثلاثة كاظم ونانسي وتامر، إلى المتحدِّث الرسمي باسم «مجموعة MBC» مازن حايك، والطفلة الفائزة لين الحايك وأهلها، الذين شكروا القيّمين على البرنامج، وأثنوا على التجربة التي طورّت شخصية لين الفنية والإنسانية ورسخت ثقتها بنفسها. وعزا مازن حايك نجاح البرنامج إلى عوامل كثيرة، أبرزها: «الخامات الصوتية المهمة، والتي أفضت إلى تعلّق الناس بها وتعاطفهم مع القصص الإنسانية الكامنة وراءها. ثانياً، فكرة البرنامج العالمي الذي يتواجد في نحو 180 بلداً حول العالم ضمن 65 صيغة محلية. وثالثاً، القيمة الإنتاجية العالية التي نُفّذ بها عربياً عبر قناة MBC وفريق الإنتاج ولمسات المخرجة جنان منضور». ونحن نضيف إلى حايك حاجة الناس إلى كوّة تخرج منها إلى أفق أوسع وأجمل، فكانت أصالة المواهب الصغيرة سبيلَهم إلى ذلك، هرباً من واقع خانق ومظلم. في ختام الحلقة، أعلنت مقدمة البرنامج إيمي صياح عن دعوة الأطفال الموهوبين للمشاركة في الموسم الثاني من برنامج «ذا فويس كيدز»، ما استدعى سؤالاً حول مستقبل هذا البرنامج. هل ستستمرّ مفاجآت الأطفال العرب؟ هل ستكون المواهب الجديدة بمستوى نجوم الموسم الأول؟ الأسئلة كثيرة والتحدي كبير أمام قناة «أم بي سي». أما الجمهور، فلا بدّ أن ينتظر متشوقاً حتى بداية الموسم الجديد، لعلّه يندهش مرّة أخرى أمام حدث جميل ينتشله من وسط أحداث مؤلمة تُحيط بنا من كلّ حدب وصوب.