أشاد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ب «الاستقرار السياسي الذي تحقق في لبنان»، ملاحظاً ان «ما يشهده لبنان الشقيق من حركة تنموية واسعة ونهضة شاملة، وعمل دؤوب لإعمار ما دمرته الحروب الاسرائيلية، وما صاحب ذلك من وفاق وطني بين صفوف الشعب اللبناني، كان محل تقدير الجميع»، مؤكداً «موقف الكويت الداعم للجمهورية اللبنانية الشقيقة، ومساهمتها الفعالة في تمويل العديد من مشاريع وبرامج التنمية القائمة ودعم الاقتصاد الوطني اللبناني». وأكد الشيخ صباح في اليوم الثاني لزيارته الرسمية للبنان، ان «الكويت ولبنان بلدان شقيقان، وما يربطنا بلبنان من وسائل القربى والمصير المشترك والعلاقات المميزة تقتضي منا مواصلة اللقاءات وتبادل الزيارات على مختلف المستويات، ويجب على هذه اللقاءات ان تدفع العلاقات بين البلدين وخصوصاً في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، ولتفعيل الاتفاقات الثنائية المبرمة بين البلدين لتظل هذه العلاقات نموذجاً يحتذى به ولا سيما في اطار التفاهم القائم بين بلدينا الشقيقين ووحدة رؤاهما ازاء قضاياهما المشتركة». وكان الامير يتحدث خلال مأدبة الغداء التكريمية التي اقامها رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري على شرفه في عين التينة، وحضرها رئيس الحكومة سعد الحريري والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري وعدد كبير من الوزراء والنواب وقائد الجيش العماد جان قهوجي والسفراء ورؤساء الهيئات القضائية والنقابية. وقال الشيخ صباح: «لا يسعني الا ان اشيد بروح التفاهم التي سادت محادثاتنا، والتي ابرزت تطابق وجهات النظر ازاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك سواء على المستوى العربي ام الاقليمي، وخصوصاً ما يتعلق منها بالعلاقات الثنائية المتميزة، وعلى ما جرى تأكيده من مواصلة العمل على تعزيز وتدعيم اواصر التعاون القائم بين بلدينا الشقيقين لما يحقق مصالحهما المشتركة، متمنين للبلد الشقيق وشعبه الكريم المزيد من الرفعة والرقي والازدهار». بري ونوه بري ب «حبيب لبنان وشقيق لبنان، امير الديبلوماسية واستاذها طوال عهود، الذي انتهج الاعتدال والانفتاح والتواصل طريقاً، والايمان بالصداقة والسلام مبدأ، والتنمية والرخاء هدفاً، وحمل اوجاع الامة في فلسطين ولبنان في القلب، ولم يتعب». وشكر للضيف «مساهماته لوقف الفتنة في لبنان، وانحياز الكويت الى لبنان في كل المحافل العربية والاقليمية والدولية، ومساندة بلدكم بكل مؤسساته الرسمية والشعبية للبنان لازالة اثار الحرب الاهلية وحروب اسرائيل على ارضنا واحتلالها، ولا بد ان اذكر المساعدات الكويتية الى لبنان منذ مطالع الستينات لمشاريع التنمية واغاثة المناطق المتضررة من العدوان الاسرائيلي، ودعم قوات الردع العربية واقامة المتحف التاريخي لمدينة بيروت، وانشاء مشاريع زراعية وسندات خزينة والودائع المالية في البنك المركزي لدعم النقد اللبناني». وتمنى على امير الكويت «اطلاق تنفيذ مشروع ري الضفة الجنوبية لنهر الليطاني، الذي كانت الكويت مولت مخططاته ورصدت الاعتمادات لاطلاقه». وانتقد بري «اسرائيل النووية التي تملك احدث ترسانات الاسلحة التقليدية، وتحاول اقناع العالم بأن التوازن في الشرق الاوسط اهتز بعد اتهام المقاومة في لبنان باقتناء صواريخ مركزة بعيدة المدى». وقال: «نرى اسرائيل تحاول تحويل الانتباه الى لبنان، فيما تقوم بهدم المساجد في الضفة والقطاع، والاعتداء على الاوقاف الاسلامية وبناء كنيس الخراب عليها والحفريات اسفل المسجد الاقصى، والاستيطان وتهديد الفلسطينيين بترانسفير جديد». وقدم بري للشيخ الصباح درع المجلس النيابي. وكان أمير الكويت وضع صباحاً اكليلاً من الزهر على نصب الشهداء في وسط بيروت، في احتفال رسمي حضره وزير الداخلية والبلديات زياد بارود ورئيس بعثة الشرف المرافقة للامير الصباح ووزير الدولة عدنان السيد حسين، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، ومحافظ مدينة بيروت ناصيف قالوش، ورئيس مجلس بلدية بيروت بلال حمد. محادثات مع الحريري وزار الرئيس الحريري صباحاً أمير الكويت في مقر إقامته في فندق «حبتور»، في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي محمد صباح السالم الصباح ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية والتنمية الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح ووزير المال مصطفى الشمالي ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ورئيس الهيئة العامة للاستثمار بدر السعد ومدير الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية عبد الوهاب البدر وسفير الكويت عبد العال القناعي. وحضر عن الجانب اللبناني الوزير عدنان السيد حسين ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري والمستشار هاني حمود. وقال الحريري بعد اللقاء انه شكر للشيخ الصباح «كل ما قدمته الكويت الى لبنان»، مشيراً الى اتفاق سيوقع مساء لانشاء «لجنة عليا مشتركة بين لبنان والكويت لمتابعة كل الأمور الاقتصادية والسياسية بما يفيد البلدين في كل المجالات». واذ اشار الى «أن المصالحات العربية بدأت في الكويت»، اكد ان الشيخ الصباح «كان واضحاً (في تأكيده) أن وحدة العرب هي التي تؤسس لموقف أقوى في وجه كل التهديدات التي تواجهها المنطقة. وأنا معه في هذا المنطق، لأننا كلما توحدنا كعرب وأصلحنا من أنفسنا، كان موقفنا أقوى مما هو عليه اليوم». ولفت الى انه بحث مع امير الكويت «في تفاصيل ما توصلت إليه في زيارتي لكل من المملكة العربية السعودية وسورية، ونحن نحاول أن نواجه التهديدات والتحديات ضد المنطقة بصلابة موقفنا كعرب». ومساء، اقام الحريري مأدبة عشاء على شرف الضيف الكويتي في السراي الكبيرة بعد جلسة محادثات تركزت على «المستجدات الإقليمية والدولية وسبل تطوير العلاقات الثنائية»، ثم جرى التوقيع على الاتفاق المذكور. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان والشيخ صباح توافقا ليل اول من امس، خلال المحادثات التي عقدت بينهما في قصر بعبدا «على أهمية توسيع أطر التعاون القائم بين لبنان والكويت في مختلف المجالات، مثمنين مواقف كل من البلدين في دعم قضاياهما العادلة وحقوقهما المشروعة». وأكد الشيخ صباح أن بلاده «تؤمن أن لبنان هو البعد والمرجع العربي الحضاري والثقافي الذي تحرص على حمايته وازدهاره وتقدمه»، مشدداً على أنه «من دواعي سرور الكويت أن تكون في طليعة الدول الداعمة للبنان من خلال ما قدمته وتقدمه من عون ومساعدة وتمويل للمشاريع التنموية». ودعا «إلى الارتقاء بمجالات التعاون المشترك إلى مجالات أرحب»، وحيا «اجواء الوفاق الوطني التي تسود في لبنان والتي تسمح بطرح الأفكار والتصورات المشتركة». وشدد سليمان على «ضرورة التنسيق الدائم مع دولة الكويت وتغليب الحلول الديبلوماسية في شكلٍ عام بعيداً من منطق العنف والحرب». وأكد «أن لبنان سيجهد من خلال عضويته غير الدائمة في مجلس الأمن من اجل احلال سلام عادل وشامل في الشرق الاوسط ضمن مهل زمنية، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا على قاعدة قرارات الشرعية الدوليّة ذات الصلة ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام بجميع مندرجاتها، لا سيما تلك المتعلقة بمصير اللاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى ضرورة متابعة العمل على الصعيد الدولي، لإلزام إسرائيل تطبيق القرار 1701 بكامل بنوده، مع احتفاظ لبنان بحقّه في تحرير أو استرجاع ما تبقى من أراضيه المحتلة، بالطرق المتاحة والمشروعة، بالتزامن مع سعيه للتوافق من طريق الحوار على استراتيجية وطنية دفاعية». الحريري يلتقي مبارك السبت الى ذلك، أعلن سفير لبنان لدى مصر ومندوبها لدى الجامعة العربية خالد زيادة أن الرئيس الحريري سيزور مصر السبت المقبل، ويلتقي الرئيس حسني مبارك ويبحث مع «العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع على الساحة العربية، قبل زيارة الحريري الى أميركا في 24 الجاري.