يهاجم فيروس «زيكا» الخلايا الدماغية البشرية قيد النمو، وفق تحليلات مخبرية تشكل الدليل العلمي الأول على العلاقة بين الفيروس ومرض صغر الجمجمة. ولم تثبت هذه العلاقة السببية علمياً من قبل، لكن كان يُشتبه بأن الفيروس هو المسؤول عن حالات كثيرة من صغر الرأس (الصعل)، التي تنتشر خصوصاً في البرازيل. ويتجلى هذا التشوّه الخلقي الخطير والمستعصي عبر تكوّن جمجمة ودماغ صغيرين في شكل غير طبيعي عند المواليد الجدد. وفي هذا السياق، كشفت دراسة أن فيروس «زيكا» يمكنه إحداث إصابات سريعة تتلف خلايا مخ الأجنة في مرحلة النمو. وقال الباحثون إن دراستهم التي نشرت نتائجها في مجلة «الخلايا الجذعية»، لا تقدم برهاناً على العلاقة السببية المباشرة بين الفيروس وحالة صغر حجم الرأس، لكنها تحدد المكان الذي يمكن أن يسبّب فيه الفيروس أقصى درجة من الضرر لدى الأجنة في مراحل النمو الأولى. وأوضحت الدراسة أن الفيروس الذي ينقله البعوض، يصيب أحد أنواع الخلايا الجذعية العصبية التي تكوِّن قشرة الدماغ لاحقاً، وهي الطبقة الخارجية المسؤولة عن القدرات الذهنية والوظائف العقلية الأعلى. ووجد الباحثون أن هذه الخلايا - عند تعريضها للفيروس في المختبر - تصاب به خلال ثلاثة أيام وتتحول إلى «مصنع لإنتاج الفيروس» وتكاثره وتموت بمعدل أسرع من المعتاد. وقال الباحث هنغلي تانغ، كبير المشرفين على الدراسة من جامعة ولاية فلوريدا الأميركية: «توضح دراستنا أنه بمجرد دخول الفيروس إلى الدماغ، يصبح في وسعه الوصول إلى تلك الخلايا». ولفت إلى أن الدراسة تشير إلى أن في إمكان الفيروس إحداث الضرر الذي يظهر في حالة صغر حجم الرأس، التي تتسبّب بمشاكل تتعلق بالنمو. وارتبط فيروس «زيكا» بكثير من حالات صغر حجم الرأس في البرازيل، وانتشر بسرعة إلى دول في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان حال طوارئ دولية في الصحة العامة، خصوصاً أنها تتوقع انتشاراً «كبيراً» للفيروس في القارة الأميركية، وأن تبلغ الإصابات الجديدة به بين 3 و4 ملايين هذه السنة. وأكدت البرازيل وجود أكثر من 640 حالة من صغر حجم الرأس تعتبر أن معظمها يرتبط بعدوى «زيكا» لدى الأمهات. وتبحث السلطات الصحية في أكثر من 4200 حالة مشتبه بها. وقالت أميليا بونتو، الخبيرة في مجال الفيروسات في جامعة سانت لويس الأميركية: «الدراسة تتعامل مع أسئلة تتعلق بكيف يمكن فيروساً كان معروفاً أنه يسبّب مرضاً بسيطاً، أن يرتبط بحالة صغر حجم الرأس». وأضاف تانغ: «نعرف أن الناس سيهتمون بمعرفة هذه المعلومات، لكن الأمر يتطلب بذل مزيد من الجهد. وفي نهاية المطاف، يجب أن يأتي الدليل من الحقل الإكلينيكي ومن دراسات على حيوانات التجارب». ويعكف الباحثون حالياً، على زراعة «دماغ مصغر» في المختبرات يتكوّن من خلايا جذعية للتعرف الى كيفية تأثير الفيروس في وظائف النمو على مدى زمني أطول.