تطالعك في كل مكان بمجرد وصولك إلى مداخل المدن السورية. إنها سيارات الأجرة الصغيرة والمتوسطة الحجم أو سيارات التاكسي التي تختلف في أنواعها وسرعتها وأعمارها التي يعود بعضها إلى عقود. وعلى رغم انتشارها واعتدال أسعارها بالمقاييس العربية والدولية، إلا إن الكثير من الشباب السوري لا يحب ركوبها إلا عند الضرورة. «أضطر لأستقل سيارة أجرة إلى الجامعة بسبب عدم مرور باصات النقل بجانب منزلي، لكن ما إن أصعد إلى الداخل حتى أشعر بالإحباط بسبب اللون الأصفر الفاقع»، تقول أنغام صبحي، الطالبة في كلية الطب البشري في جامعة حلب. وما يزيد الطين بلة اهتراء مقاعد بعضها لدرجة التسبب في اتساخ ملابس الركاب وخصوصاً إذا كانوا من الشباب والشابات المتأنقين. وتقول منى عنتاوي الطالبة في كلية الحقوق: «أنظر من بعيد إلى سيارة الأجرة وأتفحصها. في حال كان منظرها من الخارج نظيفاً فأشير إليها بالتوقف لأستقلها. فالمظهر النظيف يوحي بأن المضمون نظيف أيضاً». وإذ يعرف عن السائقين السوريين أنهم يحبون تزيين سياراتهم واضافة الستائر المخملية عليها، تعدى الامر عند بعض أصحاب السيارات وخصوصاً من الشباب اعتماد تلك الزينة إلى ملء جدرانها من الداخل بصور فاضحة لبعض الفنانات أو الراقصات، الأمر الذي يسبب خجل الفتيات. وتقول مريم الناعم الطالبة في قسم الرياضيات في جامعة حلب: «بعض السائقين يبدأون النظر إلي عبر المرآة ويترقبون نظراتي إذا كنت انتبه إلى الصور، وفي حال ثبتت صحة أفكارهم يبادرونني بنظرات شهوانية الأمر الذي يربكني ويجعلني أكره تلك السيارات الصفراء القبيحة». غير ان هناك من ينظر إلى «الدجاج الزراعي»، وهي التسمية التي تطلق على سيارات التاكسي الصفراء الجديدة بسبب ضعف قدرتها على تحمل الصدمات، على إنها نعمة وليست نقمة في ظل أزمة الازدحام المروري التي تعاني منها المدن الرئيسية في سورية كدمشق وحلب، فضلاً عن المنظر الحضاري و «الوجاهة» اللتين تعطيهما سيارة الأجرة لراكبها. يقول نديم حاج حمد: «أحب تاكسي الماتييز الصغيرة فعندما أنزل منها عند مدخل الجامعة الرئيسي، تكثر نظرات الفتيات تجاهي لاعتقادهن بأنني ثري». غير أن فئة أخرى على ما يبدو تفضل الصعود إلى باصات النقل العام بدلاً من التاكسي لأن بعض أصحابها من كبار السن يبالغون في تزيينها برموز دينية ويسمعون الراكب طوال الوقت أحاديث تدعوهم إلى الصلاة والصوم الأمر الذي لا يستسيغه كثيرون. كما أن عدداً لا يستهان به من سائقي التاكسي صاروا اليوم يطلقون عبارات اللوم والاستغراب، وأحياناً الاستنكار تجاه فتيات سافرات يصعدن إلى سياراتهم. وأحيانا تفاجأ الفتاة غير المحجبة بقول السائق: «الله ينجينا من الانفتاح والفجور». وارتفعت أخيراً أعداد سيارات الأجرة في سورية عموماً وفي حلب ودمشق خصوصاً بسبب الأزمة المرورية وازدياد عدد السكان، إضافة إلى إقبال الكثيرين حتى من خريجي الجامعات على اقتناء التاكسي بسبب عدم توافر وظائف لهم. لكن في الوقت الذي يزداد عدد سيارات التاكسي، فإن الطلب عليها يتراجع في ظل الأزمة المالية، وهو الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى استخدام باصات النقل العام التي يبلغ سعر بطاقتها عشرة ليرات، بينما تسعيرة السيارة تتفاوت بين 35 و50 ليرة أو أكثر أحياناً.