ما مقدار احترامنا للأرض؟ وهل نعتبرها كائناً حياً يتنفس ويمكن خنقه، بما في ذلك انعكاس أحوالها على أحوالنا؟ الأرض لدينا لا تخرج عن دائرة الاستغلال سكناً وانتفاعاً وسياحة، ربما يكون للمساحة المترامية مقارنة بضالتنا دور في تحديد القيمة، أما أنها كائن حي له أوردة وشرايين ورئة فهذا من الخيال. في حائل (شمال السعودية) وقرب مطارها الإقليمي غاص قطيع من الأغنام في بحيرة أسفلت ساخنة، وتعرّض الراعي عند محاولته إنقاذ بعضها إلى حروق، الأسفلت الساخن هو من بقايا أعمال مقاولات فضّلت الشركة المقاولة رميه في الصحراء، إنها الصحراء أكبر مرمى للنفايات في العالم للشركات، حرارة الشمس أذابت الأسفلت فتحوّل إلى بركة حارقة مغطاة بطبقة رقيقة من التراب فكان فخاً حارقاً. صور الحادثة المشوية كانت تدور على الإنترنت من خلال الرسائل منذ فترة لا بأس بها تنتظر من يحقق، وقبل عشرة أيام نشرت «عكاظ» خبراً صغيراً مع صورة عن القضية ثم انتهى الأمر عند هذا الحد فقط لا غير. لا شك في أن الأغنام لا تقارن بالغزلان، استناداً لقانون الندرة والجمال... مع أن الجنس واحد، تعوّد الإنسان أن يسترخص ما يقع تحت يده ويرفع قيمة ما هو بعيد عن المتناول، وإلا لو جئت للمنفعة فالأغنام أكثر منفعة من الغزلان ولا مقارنة، يكفيها أنها العنصر الأساس في المأكل وموائد الضيافة، كم من وجه حفظت ماءه وشارب دسمت أطرافه، ورجل غضب مستشعراً تقليلاً من قيمته لأنها لم توضع أمامه، هذا العطاء لم يشفع لها بشيء يسير من الاهتمام. ضع مقارنة - على المستوى الإعلامي والرسمي بين الاهتمام بهذه القضية وقضية صيد الغزلان التي شُهّر بالشاب المتهم بها لأيام بما صاحبها من تضخيم، فلم ينتصر أحد حتى للراعي المسكين ولا لصاحب الأغنام، فهل سنرى صحيفة أو جهة رسمية مثل مصلحة الأرصاد وحماية البيئة أو حماية الحياة الفطرية تبحث عن هذه الشركة لتضع صورة شعارها فقط لا أقول مهندسها أو لقطة لسيارة من مركباتها يظهر فيها نصف الشعار، لتحقق معها عن دورها في تدمير البيئة وإصابة إنسان وقتل قطيع، ثم تُلزم بالكشف عن خريطة لكل برك الأسفلت المخبأة الآن في الصحارى تلك الشراك التي تنتظر ساخنة أو باردة صاحب حظ عاثر. لا أتوقع شيئاً من ذلك لأنه لم يسبق لنا العلم بقضية رفعت ضد شركة دمرت أو لوثت الأرض أو إلزام أخرى بتنظيف نفايات طمرتها، العادة المعتادة طمر هذه القضايا، لا أتوقع شيئاً من ذلك - أيضاً - لأن العنز تقع في مستوى أقل من الغزال... مثلها مثل الأرض. www.asuwayed.com