تعتبر القارة الأفريقية غنية بالقوى الكامنة وتشكل تربة ساخنة خاصة للاستثمار، تميّزها وفرة الموارد الطبيعية وأسواقها الشاسعة. وتشكّل البلدان الأفريقية في مجال بناء المنشآت الأساسية، وإعادة بناء الطرق والسكك الحديد والمطارات والموانئ وإمداد الماء والكهرباء ومنشآت أساسية أخرى، اتجاهاً للتنمية الفضلى الخاصة بإنعاش اقتصادها. ويؤكد رئيس وزراء مصر أحمد نظيف، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أفريقيا سجلت 88 بليون دولار العام الماضي. ويتحدث عن مجالات جديدة للاستثمار في أفريقيا مثل الزراعة والطاقة والبنية الأساسية، ويشير إلى أن القارة الأفريقية حققت معدل نمو بلغ في المتوسط 5 في المئة في حين بلغ المتوسط العالمي نحو أقل من 2.1 في المئة «ما يشير إلى أننا نخطو على الطريق الصحيح لكن ينبغي أن نضع نصب أعيننا أهمية التصدي لمناقشة القضايا الحيوية والعاجلة بالنسبة للقارة ومعالجتها». ويشير نظيف إلى التعاون المثمر بين مصر والسودان لإنجاز مشروع الطريق بين «أرقين» على الحدود المصرية - السودانية ودنقلة جنوب السودان بمسافة 390 كيلومتراً، إضافة إلى 70 كيلومتراً طرقاً جانبية تربط الطريق الرئيس بنهر النيل، و280 كيلومتراً لفتح طريق ساحلي إلى الجنوب الأفريقي وطريق مواز للحلم الأفريقي «طريق القاهرة - كيب تاون»، بحيث يساعد في تنمية حركة النقل والتشييد وتطوير مشاريع زراعية وخدمية وسياحية. مقوّمات الاستثمار وأكد وزير الاستثمار المصري محمود محيي الدين ل»الحياة»، أن القارة الأفريقية تمتلك مقومات تؤهلها لجذب الاستثمارات بخاصةٍ في ظل تأمين الموارد الطبيعية والبشرية. ولفت إلى أهمية الاستثمار في العنصر البشري والتوجه إلى الخارج لجذب مزيد من الاستثمارات وزيادة النمو. وشدد محيي الدين على أهمية البحث عن أفكار جديدة لجذب الاستثمارات من خلال التركيز على نقل الثقافات والمعارف من الدول التي سبقتنا. وأشار إلى أهمية زيادة معدلات الادخار في الداخل والخارج لتمويل مشاريع الاستثمار. وأضاف محيي الدين أن عالم ما بعد الأزمة المالية يحتاج إلى مزيد من التركيز على الفرص المتاحة بخاصة في مجالات الطاقة، إضافة إلى أهمية أن يتوازى زيادة معدل الاستثمارات مع توزيع عادل لها. وأشار وزير الاستثمار إلى أهمية العمل المشترك وتحقيق التكامل الإقليمي بين دول القارة الأفريقية من خلال التعاون لتحقيق الاستقرار السياسي ومحاربة الفساد، وزيادة الاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية التي تخلق البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات خاصة في المشاريع كثيفة العمال، إضافة إلى تحقيق الاستقرار الكلي. قطاعات تتميّز بالفرص وأكد رئيس مجلس إدارة شركه القلعة للاستثمارات أحمد هيكل في تصريح خاص إلى «الحياة» أن العالم النامي يحتاج إلى روافد لزيادة نمو الاقتصاد العالمي، وبناء عليه بدأ التوجه لأفريقيا بخاصة أنها تتميز بالكتل السكانية الكبيرة ووفرة المواد الأولية. وأشار هيكل إلى وجود قطاعات تتميّز بالفرص وطاقات النمو الهائلة إلا أنها قد لا تتوافر فيها مشاريع مناسبة، إما لعدم وجودها من الأساس أو أنها غير متاحة للاستثمار سواء بسبب ملكية الدولة لها أو بسبب ملكية شركات عائلية لا ترغب في دخول مستثمرين من خارج العائلة بحصص حاكمة، ونحن لا ندخل إلا بحصص حاكمة، وبالتالي نلجأ في أحيان إلى تأسيس الاستثمارات والمشاريع الجديدة. وأشار إلى أن المنهج الاستثماري لشركة القلعة يعتمد على محاور، وان كانت من أهمها قدرة الشركة على انتقاء المشاريع المتعثرة التي تستحق إمكاناتها وأصولها تطبيق برامج وإعادة هيكلة مالية وإدارية، ومشاريع في إمكانها أن تستفيد من عمليات الدمج وتطوير الصناعات من دمج الشركات الأصغر حجماً في كيان إقليمي واحد لإيجاد اقتصادات قويه، فضلاً عن الدخول في مشاريع جديدة. وأضاف أن السودان من أصلح الأماكن للزراعة، بما يمتلكه من موارد طبيعية حيث يتمتع بنهر النيل في الشمال والأمطار الوفيرة في الجنوب، وهو قادرٌ أن يكون سلة الغذاء للعالم. وأوضح أن استثمارات القلعة في السودان تغطي قطاعات متنوعة تضم الزراعة، والنقل والدعم اللوجيستي، والخدمات المالية، والأسمنت، والبترول والتعدين، من خلال شركاتها. وتعتبر القلعة في مقدمة المستثمرين العرب في السودان حيث تجاوزت استثماراتها 900 مليون دولار. وأضاف هيكل أن «القلعة» أسست بداية 2010 شركة «وفرة» لتصبح ذراعها الاستثماري في السودان بهدف التوسع في الاستثمار الزراعي. وتمتلك «وفرة» عقوداً لاستثمار 560 ألف فدان من الأراضي الزراعية من خلال شركاتها التابعة وهي شركة «سابينا» (254 ألف فدان شمال السودان)، والشركة السودانية المصرية للمحاصيل الزراعية «سياك» (250 ألف فدان) ومزرعة الرز باسم شركة النهضة للحلول المتكاملة (60 ألف فدان). وأشار هيكل إلى أن شركة «طاقة عربية»، الذراع الاستثماري لشركة القلعة في قطاع توزيع الطاقة، نفّذت اتفاقية بمشاركة «أسيك» للأسمنت وصندوق المعاشات السوداني تؤسّس بموجبها محطة «بربر» للطاقة الكهربائية بقدرة 42 ميغاوات، ما يؤمن احتياجات الطاقة لمصنع أسمنت التكامل التابع ل»أسيك» للأسمنت وبطاقته الإنتاجية 1.7 مليون طن سنوياً. وترى شركة القلعة من خلال وجودها في أفريقيا وأيضاً من خلال ما تتضمنه تقارير منظمة «تجمع شرق أفريقيا»، أن تكلفة النقل تشكل عائقاً رئيساً أمام النمو في المنطقة، بحيث يؤدي إلى انخفاض المستوى التنافسي للاستثمارات والشركات الأفريقية. وأوضحت الدراسات أن تكاليف النقل في شرق أفريقيا من أعلى الأسعار في العالم، بسبب الاعتماد الكبير على النقل البري في الشاحنات، إلى ضعف تشغيل شبكات السكك الحديد ما تسبب في انحسار نصيبها من أسواق النقل في المنطقة إلى أقل من 10 في المئة. وأوضح هيكل أن الطاقة الاستيعابية للسكك الحديد في كينيا وأوغندا لا تتعدى مليون طن سنويا من أصل 16 مليوناً تتداولها ميناء مومباسا سنوياً، وأن تنفيذ مشروع التطوير تحت منهج إداري متطور يرفع الطاقة الاستيعابية إلى 5 ملايين طن خلال السنوات الخمس المقبلة. وعن الاستثمار في مشاريع السكك الحديد قال إن القلعة نفّذت منذ بداية 2010 عملية حصلت بموجبها على 49 في المئة في شركة «شيلتام» المستثمر الرئيس في شركة السكك الحديد «ريفت فالي» التي تمتلك امتيازا حصرياً لمدة 25 عاماً لإدارة خط السكة الحديد بطول 2000 كيلومتر يربط ميناء مومباسا على المحيط الهندي في كينيا والمناطق الداخلية في كينيا وأوغندا بما فيها العاصمة الأوغندية كامبالا. وتمتد استثمارات القلعة في أنحاء 14 دولة وتنتشر في 15 مجال صناعي متنوع، تحتل مقدمة المستثمرين في السودان بحيث يتوقع تعدي قيمة استثماراتها بليون دولار. الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وذكر الأمين العام والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا في تصريح خاص إلى «الحياة» عبد الله جانيه أن الفرص «التي توجد في قطاعات رئيسة مثل الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يجب أن تستغل على أكمل وجه». وأضاف جانيه: « يتطلب خلق فرص العمل وتعزيز التنمية في جميع المجالات، تغييراً في طبيعة البلدان الأفريقية، مع تحسين القدرة على إيصال الخدمات، وتنفيذ السياسات جيداً». ومنذ العام 2008، تعقد لجنة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة واللجنة الاقتصادية لأفريقيا اجتماعاتها السنوية المشتركة، بهدف التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه القارة، من خلال التكتل جبهة واحدة. البنك الدولي يتوقع 4.6 في المئة نمواً لأفريقيا في 2011 يتوقع البنك الدولي تعافي صافي تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى الدول النامية إلى ما بين 3.5 وأربعة في المئة من الناتج المحلي في 2010 وما بين 4 و5 في المئة في 2011. وقال أحد مديري البنك الدولي أندرو بيرنز ل «الحياة»: « يتوقع البنك نمواً اقتصادياً يبلغ 4.6 في المئة في 2011 في حين يقدر نمو المنطقة بين واحد و1.1 في المئة في 2009». وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن دولاً نامية أخرى ستحقق نمواً بمعدل متوسط يبلغ 5.2 في المئة في 2010 و5.7 في المئة في 2011 ، وقال بيرنز إن دول جنوبي الصحراء لن تشعر بتأثير التعافي في اقتصادات عالمية أخرى لأنها أقل اعتماداً على التصدير، وتعتمد على السلع الأولية وليس على التصنيع على رغم أنها ستظل مرتفعة مقارنة بتسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة». ويتوقع البنك الدولي تعافي صافي تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى الدول النامية ليصل إلى ما بين 3.5 وأربعة في المئة من الناتج المحلي في 2010 وما بين 4 و5 في المئة في 2011.