اخترق «داعش» محيط بغداد أمس بهجوم شارك فيه عشرات الانتحاريين، وتصاعدت المخاوف من تسلله إلى العاصمة في محاولة لفك الحصار المفروض عليه في الفلوجة منذ أسابيع، وأعلن مسؤوليته عن تفجيرين انتحاريين آخرين في مدينة الصدر راح ضحيتهما أكثر من 70 قتيلاً من المدنيين. وصعد التنظيم وتيرة هجماته خلال الأسبوعين الماضيين، وأصيب العشرات بتفجير في مسجد شيعي في منطقة الشعلة قبل أيام، واعتقلت قوات الأمن أمس مسلحين هاجموا نقاط تفتيش في قضاء المدائن. وقال ضابط كبير في غرفة العمليات ل «الحياة» إن عشرات العناصر من «داعش شنوا هجوماً فجر أمس على أبو غريب، مستغلين ضعف الإجراءات الأمنية في القضاء وانشغال الجيش في أماكن أخرى». وأضاف أن «قوات الأمن تشارك منذ شهور في عمليات الأنبار، في إطار خطة لحماية العاصمة»، لكن عناصر «داعش تسللوا أمس من الفلوجة عبر قضاء الكرمة وقتلوا وأصابوا عدداً من أفراد الشرطة في أبو غريب، قبل أن تصل تعزيزات إلى المنطقة وتجبر المهاجمين على الاحتماء في منطقة خان ضاري بعد قتل عدد منهم». إلى ذلك، أوضح عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي ل «الحياة» أن «الهجوم وقع في منطقة الهيتاويين والعبادي المحاذية لأبو غريب فهناك ثغرات يسعى الجيش إلى سدها بسور أمني سبق للحكومة أن أقرت إنشاءه». وتكمن خطورة الفلوجة بارتباطها الوثيق مع بغداد عبر طرق زراعية وعرة يمتلك «داعش» خبرة في جغرافيتها، فمن بلدة الكرمة، شمال المدينة، يستخدم طريقاً يمتد من قرى إبراهيم بن علي وسبع البور للوصول إلى التاجي والطارمية. ومن المنفذ الشرقي يتسلل عبر قرى زوبع والزيدان والهيتاويين وصولاً إلى منطقة أبو غريب، غرب العاصمة، ومن منطقة الرفوش يتسلل إلى صدر اليوسفية وجرف الصخر، وكلها قرى وبلدات قريبة من العاصمة. ويعتقد خبراء عسكريون أن الهزيمة التي تلقاها «داعش» في الرمادي، واقتراب معركة تحرير الفلوجة ستدفعه للتسلل إلى بغداد وتنفيذ هجمات انتحارية لتشتيت جهود قوات الأمن، ويؤكدون أن بدء عملية برية لتحرير المدينة محفوفة بالمخاطر إذا لم تؤمن العاصمة أولاً. ويبدو أن العاصمة لم تؤمن. وقال ضابط برتبة عقيد إن «70 شخصاً قتلوا وأصيب 64، جراء انفجار عبوة ناسفة اعقبها هجومان انتحاريان استهدفا مدنيين قرب سوق شعبية في مدينة الصدر»، شرق بغداد. وأوضح أن «العبوة انفجرت حوالى الرابعة بعد الظهر قرب سوق مريدي الشعبية ثم فجر انتحاريان يرتديان حزامين ناسفين نفسيهما وسط تجمع المدنيين بعد ذلك». وأكدت مصادر طبية في مستشفيي الصدر والإمام علي الحصيلة. وفي وقت لاحق، أعلن «داعش» في بيان مسؤوليته عن الهجوم «بتفجير فرسان الشهادة أنفسهم وسط جموع الرافضة المشركين»، في إشارة إلى الشيعة. ومدينة الصدر، أكبر الأحياء الشيعية في بغداد، وهي المعقل الرئيسي للغالبية العظمى من فصائل «الحشد الشعبي» الذي يقاتل إلى جانب الجيش ضد «داعش».