بقيت الهدنة السورية هشة على رغم خرق الطيران الروسي والقوات النظامية وفصائل أمس اتفاق «وقف العمليات العدائية» في اليوم الثاني لتنفيذه في سورية وسط استمرار الخلاف الأميركي - الروسي حول خريطة مناطق الهدنة، لكن جميع الأطراف المعنية، بما فيها المعارضة أكدت التزامها الاتفاق وإن كانت اشتكت دمشقوموسكو الى الأممالمتحدة. وحذرت «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة من أنها ستلجأ الى «حماية الشعب السوري» ومقاطعة المفاوضات في جنيف المقرر في السابع من آذار (مارس) المقبل. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مع نظيره الدنماركي كريستيان ينسن في الرياض أمس: «ثمة خروقات للهدنة من الطيران الروسي ومن طيران النظام ونحن الآن نتشاور في هذا الموضوع مع دول مجموعة دعم سورية». وأضاف: «الصورة ستكون أكثر وضوحاً في الأيام المقبلة حيال ما إذا كان النظام وروسيا جادين في عملية وقف إطلاق النار أم لا»، مشيراً إلى أن بلاده على تشاور مع دول أخرى لمعرفة نيات دمشقوموسكو. وأكد أنه في حال عدم التزام النظام وحلفائه الهدنة «هناك خيارات أخرى». وأوضح: «كما ذكر السيد وزير خارجية الولاياتالمتحدة (جون كيري) هناك «خطة - ب»، إذا اتضح أنه لا توجد جدية لدى النظام السوري أو لدى الحلفاء، فالخيار الآخر وارد وسيتم التركيز عليه». وكان المنسق العام ل «الهيئة التفاوضية» رياض حجاب بعث رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قال فيها إن «القاذفات الروسية شنت أمس 26 غارة ضد مناطق تابعة للمعارضة الملتزمة بالهدنة» وانه «من المؤسف ان تنشر وزارة الدفاع الروسية خريطة حول مناطق النفوذ السياسي وتوزيع القوى على الأرض وأن تنسبها الى الأممالمتحدة لأغراض سياسية وعسكرية مبينة فيها استثناء مناطق منال هدنة والاستمرار في القصف الممنهج». وكانت موسكو وضعت في خريطة رسمية معظم محافظتي إدلب وحماة ضمن السيطرة الكاملة ل «جبهة النصرة» المستثناة من الهدنة لتبرير قصفها. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان أمس ب «تنفيذ طائرات حربية لم يعرف ما إذا كانت روسية أم تابعة لقوات النظام، غارات عدة على ست بلدات» في ريف حلب الشمالي والغربي وثماني غارات على بلدة حربنفسه في ريف حماة الجنوبي، اضافة الى ثلاث غارات على مناطق في مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وإطلاق قوات النظام قذائف على ريف حمص وسط البلاد. كما تحدثت «وكالة الانباء السورية الرسمية» (سانا) عن سقوط قذائف على مناطق في اللاذقية غرب البلاد، متهمة «إرهابيين» بإطلاقها، الأمر الذي نفاه معارضون. وأقر مسؤول أميركي بأن «التعقيدات قائمة (في الهدنة) ولا يمكن تجنبها. وحتى في أفضل الحالات لم نكن نتوقع أن يتوقف العنف على الفور». وأضاف: «في الواقع نحن متأكدون من أن المعارك ستتواصل... انه اتفاق سيكون من الصعب تطبيقه، ونعلم أن العقبات كثيرة»، معتبراً «أن من مصلحتنا ومن مصلحة الشعب السوري خصوصاً، أن نعطي فرصة لهذه العملية. إنها فرصة حقيقية للحد من العنف الذي يعانيه الشعب السوري منذ فترة طويلة جداً». من جهة أخرى، أعلن الجنرال سيرغي كورالينكو رئيس المركز الروسي للمصالحة السورية من مقره في مطار حميميم في اللاذقية غرب سورية: «خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية تم تسجيل تسعة خروق لوقف الأعمال العدائية... لكن في شكل إجمالي فإن وقف إطلاق النار في سورية يطبق». وقال حجاب من جهته: «استمرار النظام وحلفائه في ارتكاب الجرائم في حق الشعب سيقوض الجهود الدولية لاستمرار الهدنة (...) وعدم تحقيق أي تقدم سيدفعنا للبحث عن سبيل تأمين الحماية للشعب السوري وقف الانتهاكات التي ترتكب بحقه، بوسائل اخرى». وزاد انه لا يمكن المضي في عملية سياسية «يتم من خلالها استخدام معاناة الشعب سلاحاً لتحقيق المكاسب العسكرية والسياسية، الأمر الذي يجعل استئناف المفاوضات في مثل هذه الظروف أمراً متعذراً»، علماً ان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا حدد السابع من الشهر المقبل موعداً لاستئناف المفاوضات في جنيف. وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند: «أصر الروس على منح أنفسهم حق مواصلة قصف مواقع جبهة النصرة. لكن في عدد من الأنحاء تقاتل وحدات النصرة على مقربة شديدة من وحدات المعارضة المعتدلة. وإذا استخدم الروس هذا كذريعة لقصف المعارضة المعتدلة لا يمكن أن نتوقع تطبيق وقف إطلاق النار ولا يمكن أن نتوقع استمراره. إذاً كل شيء يعتمد الآن على السلوك الروسي اليوم وغداً وفي اليومين المقبلين. وسنراقب عن كثب لمعرفة ما إذا كانوا مستعدين لكبح جماح أنفسهم من أجل تطبيق وقف إطلاق النار على الأرض».