«كلمة احترام تستحق أن تستخدم في كرة القدم وهي كانت في صلب حملة الرئيس جياني إينفانتينو»، كما أكد عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم البلجيكي ميشال دوغ، في معرض تعليقه على فوز السويسري برئاسة «فيفا». غير أن هذا التعليق يحمل في طياته تحديات كثيرة تنتظر «البرغماتي الخبير والقانوني الهادئ المتأني والدقيق في ما يتولاه وينفّذه»، كما يصفه عارفوه ومقرّبون منه، والذي حظي بداية بدعم نجوم للعبة حاليين وسابقين. فالرئيس التاسع ل «فيفا» يعرف جيداً أسرار بيته الجديد وخفاياه، وأين يعشش «عنكبوت الفساد» في زواياه، لاسيما أنه أحد أعضاء لجنة الإصلاحات، التي أقرّت الجمعية العمومية بنودها أول من أمس. وشدد إينفانتينو شخصياً على أن الأهم من خطوة الموافقة عليها تطبيقها، ليستعيد «فيفا مكانته ومصداقيته»، بعد عواصف الفضائح، وذيولها القضائية التي تكلّف «فيفا» 10 ملايين دولار شهرياً. وبعيداً من بيانات التهنئة والتأييد وتحليل نتائج الانتخابات التي أصبحت من الماضي، سيعكف إينفانتينو على إطلاق «إصلاحات الحوكمة» لأنها «أولوية وتعدّ خطوة رائدة»، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن 69 في المئة من الذين شاركوا فيها لا يثقون ب «فيفا»، لكن هناك بصيص أمل لأن 50 في المئة منهم اعتبروا أن المنظمة الكروية تملك فرصة تلميع صورتها التي شوّهت بسبب تهم رشى وفساد طاولتها، وأدت إلى إيقاف 39 من مسؤوليها ومن بينهم رئيسها السابق السويسري جوزف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني. كما أشار استطلاع أجرته «مجموعة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد» إلى أن 43 في المئة من الذين شاركوا فيه، اعتبروا أن ما يحصل في «فيفا» يؤثّر سلباً في استمتاعهم باللعبة الشعبية الأولى في العالم. ورأى أكاديمي سويسري أن الطريق طويلة وشاقة، باعتبار أن «ثقافة الفساد متجذّرة في منظمات دولية عدة ومنها فيفا»، وشبّه ما يحصل من فضائح في الاتحاد الدولي بشجرة تُرشق بحجارة فتطير عنها العصافير هرباً، ثم لا تلبث أن تعود لتحطّ على أغصانها. من هنا، فإن جهات ستراقب كيف سيسيّر إينفانتينو النزيه الأمور في «فيفا» قبل أن تقرر تجديد تعاونها، وفي مقدّمها شركات ارتبطت بعقود رعاية معه مثل «فيزا» للبطاقات الائتمانية التي جددت مطالبتها ب «مراقبة مستقلة للإصلاحات» لأنها الاستراتيجية المُثلى لتحقيق تغيير حقيقي. وتعهّد إينفانتينو أن يأتي ب «أصوات مستقلة ومحترمة» إلى «فيفا»، لكنه لم يعطِ تفاصيل. وهو ينتظر دعم أهل البيت بداية، أي الاتحادات القارية، لأنه «مرشّح كرة القدم». وأعرب رئيس الاتحاد الآسيوي البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، الذي خسر سباق الرئاسة، عن ثقته بأن الرئيس الجديد «سيؤّمن القيادة ليعكس تنوّع عالم كرة القدم وشموليته، فضلاً عن بقية الإصلاحات التي هناك حاجة ماسة لها». والتركة الثقيلة لا تقتصر على ورشة الإصلاحات، بل تشمل أيضاً مزاعم الفساد، في ملفي استضافة مونديالي 2018 و2022، والتي وضعت السلطات السويسرية يدها عليهما. ويتوقع باتريك نالي، أحد أبرز مديري التسويق الرياضي الخبير في شؤون «فيفا»، أن تشكل التحقيقات في شأن الملفين تحدياً إضافياً لإينفانتينو، «لاسيما أنه يحتاج إلى مراجعة سريعة ومستقلة لملف بطولة 2022. وأعتقد أنه سيكون معقّداً ومكلفاً بالنسبة ل «فيفا» أن يسحب البطولة من قطر»، معتبراً أنه يحتاج حينها إلى اعتماد مبدأ «المسامحة والنسيان وجعل هذه النهائيات ناجحة، والتركيز على أشياء أفضل للمستقبل». ولعّل من راقب كيف أدار إينفانتينو حملته وتفوّق في نهايتها على ماكينة الكويتي أحمد الفهد الصباح عضو «فيفا» ورئيس اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية،والذي دعم الشيخ سلمان، يبدي ارتياحه سلفاً لما ستؤول إليه الأمور. وفي إطار «تحليل اتجاه الأصوات»، كانت صحيفة «نيويورك تايمز» أوردت صبيحة الانتخابات سيناريو هوليوودياً مفاده أن إينفانتينو سيجيّر أصواته إلى الأردني الأمير علي بن الحسين في الجولة الثانية، في ما يشبه مفاجأة، غير أن المفاجأة كانت حسمه النتيجة بفارق مريح عن الشيخ سلمان. وسخر مطلعون من «الوساطة» الروسية التي سعى إليها وزير الرياضة فيتالي موتكو، وعرضه «ترتيبات» أن يتولّى إينفانتينو الأمانة العامة ل «فيفا» والشيخ سلمان الرئاسة، مذكّراً برفضه الصفقات وإخلاصه وتفانيه ورصانته في كل ما سعى إليه.