كشفت أوراق ثبوتية عرضتها أمس محكمة مصرية تنظر في قضية «خلية التكفير والجهاد» المتهمة بالقتل والسطو المسلح والتخطيط لهجمات إرهابية، أن فلسطينياً بين المتهمين في القضية يدعى تامر موسى أبو جزر كان أحد عناصر جهاز الاستخبارات التابع للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة. وواصلت محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ أمس النظر في القضية التي تضم 25 متهماً، بينهم فلسطينيان، نسبت الأجهزة الأمنية إليهم «الاتصال بتنظيم القاعدة واستهداف الأقباط والتخطيط لاستهداف السياح الأجانب والسفن العابرة الممر الملاحي لقناه السويس بعمليات عدائية». وأكد تقرير الكشف الطبي على عناصر الخلية عدم تعرضهم للتعذيب، فيما أرجأت المحكمة في اختتام جلسة أمس النظر في القضية إلى غدٍ الاثنين لاستكمال الاستماع إلى شهود الإثبات وإعادة عرض المتهمين على الطب الشرعي بعدما طعنت هيئة الدفاع في التقارير السابقة واتهمت الادعاء ب «التواطؤ» مع الأجهزة الأمنية للتأثير في قرار المحكمة. وقدمت نيابة أمن الدولة العليا إلى المحكمة مذكرة رسمية من مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون تفيد بأن جميع المتهمين منذ إلقاء القبض عليهم تم إيداعهم سجن الاستقبال في مزرعة طرة، خلافاً لما يردده دفاعهم عن احتجازهم في مقرات مباحث أمن الدولة غير المخصصة للاحتجاز. لكن منسق هيئة الدفاع المحامي محمد شبانة طعن بالتزوير في المذكرة، متهماً النيابة ب «التواطؤ». وقال ل «الحياة»: «لدينا أوراق تلقيناها من نيابة أمن الدولة خلال فترة التحقيقات تفيد بأن المتهمين محتجزون في أحد مقرات جهاز مباحث أمن الدولة. وخاطبنا مصلحة السجون في وقت سابق وأكدت آنذاك عدم علمها بمكان وجود المتهمين وأنهم لا يقبعون في أحد السجون الرسمية التي تشرف عليها». وأضاف: «قدمنا تلك الأوراق إلى هيئة المحكمة أمس وطعنا بالتزوير في المذكرة التي قدمتها النيابة». وقدمت النيابة مذكرة رسمية أخرى من مصلحة الطب الشرعي قالت إن «توقيع الكشف الطبي على المتهم الأول في القضية محمد فهيم حسين (زعيم الخلية) أكد أن جسده خالٍ تماماً من السموم أو أية عقاقير طبية أو مخدرة»، إذ جاء الكشف عليه بناء على طلب دفاعه الذي اتهم الأجهزة الأمنية في الجلسات السابقة بحقنه بمواد وعقاقير جعلته مسلوب الإرادة لدفعه إلى كتابة إقرار يحمّل فيه زملاءه مسؤولية ما هم فيه، ويؤكد أنهم خططوا لارتكاب اعتداءات إرهابية. لكن شبانة أشار إلى أن «أجهزة الأمن أرسلت فهيم إلى اللجنة للكشف عليه بعد الجلسة بنحو أسبوعين، ومن المعروف أن جسم الانسان يتخلص من آثار العقاقير المخدرة بعد ثلاثة أيام». وأشارت النيابة إلى أن «بقية المتهمين الذين تم عرضهم على اللجنة الطبية ثبت أنهم لم يتعرضوا لأي تعذيب أو إصابات»، مشيرة إلى أن «عدداً من المتهمين رفض الامتثال لقرار المحكمة بالعرض على اللجنة من دون إبداء أي أسباب، على رغم كون ذلك بناء على طلب دفاعهم». وعزت هيئة الدفاع امتناع بعض المتهمين عن العرض على الطب الشرعي إلى أن «اللجنة الطبية الثلاثية التي أمرت المحكمة بتشكيلها، تضم في عضويتها عدداً من الأطباء ممن باشروا مناظرة المتهمين وكتابة تقارير طبية في شأنهم إبان مرحلة التحقيقات معهم، وانتهت تقاريرهم أيضاً إلى خلو أجسادهم من أية إصابات وخلو دمائهم من أية عقاقير أو سموم». واعتبرت أن «بعض أعضاء اللجان الطبية غير محايدين في تقاريرهم، وعملية توقيع الكشف الطبي تتم في وجود عدد من عناصر أجهزة الأمن بالمخالفة لقواعد المناظرة الطبية». وأكد شبانة ل «الحياة» أن «أجهزة الأمن ترفض الامتثال لقرار المحكمة السماح للمتهمين بلقاء محاميهم منفردين، ومناقشتهم في الاعترافات التي أدلوا بها خلال التحقيقات التي أجريت معهم». واستمعت المحكمة إلى شهادة الرائد في جهاز مباحث أمن الدولة حسن عبدالباقي الذي قال إن دوره في القضية كان القبض على اثنين من المتهمين وهما أحمد السيد ناصر وإبراهيم السيد طه، بناء على تكليفات وأوامر شفهية من قياداته في جهاز مباحث أمن الدولة في محافظة الدقهلية، مشيراً إلى أن تفتيش مسكنيهما أدى إلى عثوره على مضبوطات «بينها كتب تتعلق بالجهاد المسلح وتطبيقه في الدول الإسلامية، ونظرية الولاء والبراء، وغيرها». وقالت مصادر قضائية ل «الحياة» إن المحكمة أمرت مجدداً باستدعاء 11 شاهد إثبات بينهم ستة ضباط ممن قاموا بمتابعة وتوقيف المتهمين، إضافة إلى 5 من أهالي القرى التي ضبط فيها المتهمون للمثول أمام المحكمة في جلستها غداً. ولفتت إلى أن «المحكمة ستستمر خلال الأيام المقبلة في مناقشة شهود الإثبات وعرض تقارير الطب الشرعي، ثم تقوم بإرجاء النظر في القضية إلى الشهر المقبل للسماع إلى مرافعة النيابة التي ينتظر أن يطلب الادعاء فيها بتوقيع أقصى عقوبة ضد المتهمين وهي الإعدام». في غضون ذلك، أرجأت أمس محكمة جنح قصر النيل إلى السبت المقبل النظر في محاكمة الناشط في حركة «6 أبريل» المعارضة أحمد سعد أبو دومة الذي تتهمه أجهزة الأمن بالتعدي على أحد ضباط الشرطة خلال تظاهرة نظمتها الحركة مطلع الشهر الجاري للمطالبة بإجراء إصلاحات دستورية في البلاد. وتزامن مع جلسة المحاكمة تظاهر عشرات من ناشطي الحركة أمام ساحة المحكمة في وسط القاهرة للمطالبة بالإفراج الفوري عن أبو دومة. واستدعت المحكمة شهود الإثبات في القضية لمناقشتهم خلال الجلسة المقبلة، فيما دفعت هيئة الدفاع عن أبو دومة ببراءته من الاتهامات التي وجهتها إليه الأجهزة الأمنية.