خلص تقرير اقتصادي متخصص إلى ارتفاع معدل التضخم الشامل السنوي في السعودية بشدة إلى 4,3 في المئة في كانون الثاني (يناير)، مسجلاً أعلى مستوى له في خمس سنوات، إذ تسببت زيادة أسعار الطاقة في ارتفاع واضح في تضخم فئتي «السكن والمياه والكهرباء والغاز» و«النقل». ويشبه تأثير الارتفاع الأخير في أسعار الطاقة على التضخم ما جرى في حالات ماضية شهدت تطبيق إجراءات مشابهة. وارتفع التضخم في فئة «السكن» من 4 في المئة، على أساس سنوي، في كانون الأول (ديسمبر)، إلى 8,3 في المئة في كانون الثاني (يناير)، مسجلاً أعلى مستوى له في خمس سنوات، وذلك نتيجة لزيادة تعرفة خدمات الكهرباء والماء كسبب رئيس. وسجل التضخم في فئة «النقل» ارتفاعاً حاداً من 1,3 في المئة في (ديسمبر) إلى 12,6 في المئة في (يناير)، مسجلاً أعلى معدل له في 21 عاماً، نتيجة تأثره المباشر بارتفاع أسعار الوقود. وكان العام 1995 شهد ارتفاعاً مشابهاً في الأسعار أدى إلى ارتفاع سنوي في أسعار النقل بنسبة 15 في المئة. وارتفع التضخم الأساسي إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات، ليصل إلى 3,7 في المئة، على أساس سنوي، في (يناير)، مقارنة ب1,8 في المئة في (ديسمبر)، وذلك لتأثره بالارتفاع في تضخم فئة «النقل». وسجلت فئات التضخم الأساسي الأخرى نتائج متباينة، وشهد التضخم في فئة «الصحة» ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة لزيادة كلفة خدمات المستشفيات. وارتفع التضخم في فئة «الأغذية» بنسبة 1,3 في المئة، على أساس المقارنة السنوية، في (يناير)، متباطئاً بدرجة طفيفة عن مستواه في الشهر الماضي، لتأثره جزئياً باستمرار المسار النازل للأسعار العالمية للغذاء. وبالنظر إلى المستقبل، توقع التقرير ازدياد الضغوط التضخمية المحلية خلال 2016 نتيجة لتأثيرات الجولة الثانية من تعديلات أسعار الوقود التي تم تطبيقها أخيراً، مع توقعات بتشديد الحكومة لإجراءاتها الرقابية لمنع أي زيادات غير مبررة في أسعار المواد الغذائية والسلع. وأظهر التقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار أن فئة «الصحة» شهدت تسارعاً ملحوظاً في الأسعار، مع ارتفاع أسعار الأغذية بنسبة 1,3 في المئة، على أساس سنوي. إذ تباطأ التضخم بدرجة طفيفة عن مستواه في الشهر الماضي، متأثراً بصفة جزئية باستمرار المسار النازل للأسعار العالمية للغذاء. أما على أساس المقارنة الشهرية، فتراجعت أسعار الأغذية بنسبة 0,7 في المئة في (يناير)، مقارنة بمتوسط ارتفاع شهري عند 0,1 في المئة لعام 2015 ككل. ويعود ذلك التراجع إلى انخفاض الأسعار في جميع مكونات فئة «الأغذية» تقريباً. وينتظر أن تؤدي زيادة أسعار الطاقة وارتفاع كلفة النقل بالنسبة للأنشطة الأخرى إلى بعض الارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية، التي ستضغط بدورها على المكونات الأخرى لمؤشر كلفة المعيشة. ومع ذلك، توقع التقرير أن تكثف الحكومة إجراءاتها الرقابية على أي زيادات غير مبررة في الأسعار. وبالفعل بدأت وزارة التجارة والصناعة جولات تفتيشية، وستتخذ الإجراءات القانونية ضد أي تلاعب في الأسعار أو احتكار للسلع، وستتواصل هذه التدابير على الأرجح لضمان بقاء الأسعار مستقرة. كذلك، نتوقع أن يكون لزيادة أسعار الطاقة تأثير سلبي على الإنفاق الاستهلاكي في شكل انخفاض في حجم الدخل المتاح للإنفاق، والذي سيقود إلى خفض أي ضغوط سعرية على السلع الأخرى. ويتوقع التقرير أن تتواصل الزيادة المطردة في تضخم فئة «السكن»، مدفوعة بصورة أساسية بقوة الطلب المحلي على الوحدات السكنية. كما رجح أن يبقى إسهام العوامل الخارجية في التضخم ضعيفاً، وخصوصاً أن تعزيز قيمة الدولار وضعف احتمالات نمو الاقتصاد العالمي سيؤديان إلى انخفاض كلفة الواردات والأغذية. ونتيجة لتلك العوامل مجتمعة، إضافة إلى التوقعات باستمرار تباطؤ مؤشر التضخم الأساسي، وأبقت «جدوى للاستثمار» توقعاتها بأن يكون متوسط معدل التضخم السنوي للعام 2016 عند 3,9 في المئة.