للمرة الثالثة على التوالي، تطرح حركة «حماس» قانوناً مثيراً للجدل على جدول أعمال المجلس التشريعي في قطاع غزة يتضمن عقوبات بالاعدام، و»اقامة الحدود» وفقاً للشريعة الاسلامية. وانتقدت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» سعي نواب حركة «حماس» في المجلس التشريعي لإقرار هذا القانون. وقال قياديون في حركة «حماس» ومسؤولون في المجلس التشريعي إن مسودة قانون العقوبات قيد الدرس والمناقشة حالياً. وأعلن أمين سر المجلس التشريعي في غزة المستشار نافذ المدهون أن «المجلس بصدد إقرار قانون عقوبات جديد بديلاً من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936» الذي تم اقراره ابان الانتداب البريطاني على فلسطين. وقال المدهون في تصريحات صحافية آخيراً إن «القانون الجديد سيحمل في مواده عقوبة الجلد التي تبدأ من 80 جلدة متواصلة بالنسبة للقضايا الجنائية، و20 جلدة كحد أدنى بالنسبة للجنح» وكذلك المخالفات بحد أقصى 20 جلدة. ولفت المدهون الى أنه «سيتم إقرار القانون بعد صدور الملحقات والتوصيات الخاصة التي سترفع للجهات المعنية والمناقشة العامة» في المجلس التشريعي. ومنذ الانقسام في عام 2007 يُعقد المجلس بحضور أعضاء كتلة التغيير والاصلاح التبعة لحركة «حماس» فقط في غزة. واعتبر قانونيون وسياسيون ومسؤولون في منظمات المجتمع المدني في فلسطين جلسات المجلس غير شرعية نظراً لانتهاء ولاية المجلس قبل أربع سنوات، وعدم اكتمال النصاب القانوني للجلسات. وسن نواب الكتلة وعدلوا أكثر من 50 قانوناً خلال السنوات الماضية من عمر الانقسام. من جهته، أعلن المستشار محمد فرج الغول رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي أن المجلس «بصدد إقرار قانون جديد للعقوبات كبديل ومعِدل قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936». وقال الغول إن هناك «حاجة إلى تغيير وتعديل قانون العقوبات، نظراً لواقع الجريمة في المنطقة. وهناك جرائم حديثة لا يوجد لها عقوبات تفصيلية في القانون الحالي كالجرائم الإلكترونية، وأغلب دول الجوار العربي والإسلامي غيرت في قانون العقوبات البريطاني الحالي، وعدلت من مواده، بما يتوافق مع واقعها ورغبتها». وأضاف الغول في تصريحات صحافية آخيراً أن «مشروع العقوبات الجديد قيد الدرس في أروقة المجلس التشريعي». وقال مصدر في منظمات المجتمع المدني ل»الحياة» أمس إن حركة «حماس» أبلغتهم أن «القانون الجديد لن يرى النور ولا نية لدى الحركة لاقراره». وكانت الحركة طرحت مسودة القانون للنقاش مرتين للنقاش قبل ذلك. وانفردت «الحياة» بنشر مقتطفات من المسودة، للمرة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) 2008. ثم عادت الحركة وطرحته للمناقشة للمرة الثانية في آذار (مارس) 2013، قبل أن تعيد طرحة للمرة الثالثة قبل أيام قليلة. ووصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «محاولات تمرير هذا القانون» بأنها «غير قانونية، حيث أن المجلس التشريعي في غزة غير مخول بإصدار هكذا قوانين في غياب الصيغة القانونية لعمله، واعتماده على كتلة برلمانية واحدة، فضلاً عن انتهاء المدة الدستورية التي تخوّل المجلس إصدار هكذا قوانين، وهذا من شأنه أن يعزز الانقسام ويكرسه في الساحة الفلسطينية». واعتبرت «الشعبية» في بيان صحافي أمس أنه «لا يمكن تبرير إصدار هكذا قوانين بالقضاء على الجريمة وردع المجرمين، حيث ثبت بالملموس أن تحسين حياة المواطنين والعمل على زيادة معدل التنمية كفيل بتراجع حدة هذه الجرائم، بخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها أبناء القطاع في ظل تزايد معدلات الفقر وتفشي البطالة وتأخر صرف الرواتب، وتداعيات الحصار الخانق المفروض على القطاع». ورأت أن «الحكومة القائمة في غزة فشلت بعد ثمان سنوات من الحكم في حل هذه الأزمات المتلاحقة»، مشددة على أن «تغيير قانون العقوبات وتعديله يجب أن ينبع من أهمية أن يأخذ طابعاً مدنياً صرفاً، استناداً إلى قوانين تنسجم مع الواقع الراهن، لذلك فإن إقرار عقوبات مثل الجلد يمس هذه الخصوصية، وفيه محاولة لفرض أيديولوجية معينة على مجتمع متعدد الثقافات». وقالت إن «حاجتنا لإقرار قانون عقوبات جديد بديلاً من القانون السابق يتطلب من الجميع الإسراع في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة يشارك فيها جميع أطياف المجتمع السياسية والاجتماعية وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، ومن ثم يُخول المجلس الجديد بإقرار قانون عقوبات جديد توافقي بين الجميع، يتزامن مع جهود للقضاء على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية آنفة الذكر». وعبرت «الشعبية» عن «رفضها الشديد إثارة هكذا موضوعات هدفها محاولة فرض أيدلوجيات خاصة»، مطالبة حركة «حماس» ب»التراجع عن هذه المحاولات امتثالاً للمصلحة الفلسطينية». وتضمنت مسودة القانون ثلاثة أنواع من الجرائم هي الجنايات والجنح والمخالفات. ووردت عقوبة الجلد في الجنايات والجنح والمخالفات في المواد التاسعة والعاشرة والحادية عشر من مسودة القانون.