انطلقت أمس جلسات اليوم الثاني لمنتدى الإعلام العربي، بجلسة حوارية عنوانها «وسائل الإعلام... أنماط وأشكال جديدة على الطريق»، وناقش المتحدثون التحولات الكبرى في أنماط وأشكال وسائل الإعلام على اختلاف أشكالها من صحف وتلفزيونات وإذاعات وإنترنت. وتنبأت الجلسة بأن التغيير سيطاول كل الوسائل، وأن بيئة المرسل والمستقبل لن تبقى على وضعها الحالي. وأثارت الجلسة تساؤلات حول مدى مواكبة قطاعات الإعلام العربي للتطورات التقنية، كما سعت إلى استشراف التطورات التقنية المتوقعة خلال السنوات القليلة المقبلة وكيف يمكن لوسائل الإعلام العربية تحمل الأعباء المالية المترتبة لمواكبة التطورات التقنية، وتأهيل الإعلاميين وتدريبهم مهنياً لمسايرة هذه الأنماط الجديدة. كما تم استعراض نماذج عالمية جديدة، ومحاولة استكشاف أي تجارب عربية يمكن الاستفادة منها. وتحدث في الجلسة التي أدارها عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في جامعة دبي الأميركية علي جابر، كل من المدير العام لشركة «أوغر تليكوم» التركية للاتصالات حكم كنفاني، ورئيس مجلس إدارة شركة «تي بي دبليو ايه رعد» للدعاية والإعلان، سامي السيد عبدالعزيز، والمدير العام رئيس عمليات مجموعة «ام بي سي» سام برنت، ورئيس «روتانا ديغتل ميديا» يوسف المغربل. وبدأت بعرض تقديمي حول الإعلام التكنولوجي ضم أرقام وإحصاءات مبهرة حول مدى انتشار استخدام منصات الإعلام التكنولوجي حول العالم. وقال سام بارنيت في بداية الجلسة: «نحن نعمل على بث محتوى إعلامي مميز يجذب الجمهور ويقدم لهم مادة إعلامية تجعلهم يواصلون متابعتهم لمحطاتنا التلفزيونية». وأثار سامي عبدالعزيز سؤالاً مهماً حول غاية استثمارات شركات الإعلام العربية، وحول ما إذا كانت هذه الشراكات ستعمل على الرقي بالمجتمع العربي أم لتعزيز حالة التشرذم الإعلامي الذي نعيشه، وأكد أن حالة الإعلام العربي ليست بحاجة إلى إحضار نموذج إعلامي كشركة نيوز كورب التي يديرها روبرت مردوخ. وأكد المتحدثون أن ثورة التغيير التي أحدثها التطور الهائل في تقنيات الاتصال ستطاول الوسائل الإعلامية كافة، ولن يبقى شكل المرسل أو المستقبل وبيئتهما على حاله، وستنشأ ثقافات وأنماط جديدة للاستهلاك الإعلامي، وربما ستختفي ممالك إعلامية وتظهر أخرى. المزاوجة بين التقليدي والرقمي مستقبل الصحافة المطبوعة من جانب آخر وفي جلسة أخرى، أكد الرئيس مدير العمليات التنفيذي، لشركة نيويورك تايمز مايكل غولدن أن القضية الرئيسية التي تواجه الصحافة المطبوعة في الوقت الحالي هي إمكان المزاوجة بين توجّه الحفاظ على استمرارها كصحافة مطبوعة، وبين توجّه التحول إلى صحيفة إلكترونية الذي يتيح لها قاعدة أعرض من الجمهور. وخلال الجلسة، التي أدارتها الأستاذ المساعد في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات الدكتورة حصة لوتاه، قال غولدن إن «نيويورك تايمز» واجهت فترة صعبة استمرت 18 شهراً قبل أن تتخذ قرارها بإصدار نسخة إلكترونية، والتي تمكنت من اجتذاب أكثر من 20 مليون قارئ، ما يعني أنه أصبح ل«نيويورك تايمز» عدد أكبر من الجمهور الحريص على متابعتها بشقيها المطبوع والإلكتروني. وأضاف في محاضرته، أن التحدي الذي يواجه الصحافة في ظل الإصدارات الإلكترونية «هو إمكان الوصول إلى هذا الجمهور العريض عبر محتوى قادر على المنافسة وعبر نموذج جديد، إذ تشهد هذه الفترة ما يمكن تسميته بالانفجار في وسائل الإعلام سواء باستخدام الهواتف المتحركة، أم الكومبيوتر المحمول، أم جهاز الآي باد من أبل، وهي الأجهزة التي توفر البيانات والمعلومات»، مشيراً إلى أن مبيعات «الآي باد» خلال شهر واحد فاقت مبيعات «الآي فون» في سنوات عدة. وحول سؤال عن إمكان إلغاء وسائل الإعلام الجديدة للوسائل القديمة، أوضح غولدن أنه كانت توجد حال من القلق «كلما ظهرت وسيلة إعلام جديدة ناتجة من مدى تأثير الجديد في الوسائل السابقة، إلا أنه من الظاهر أن الصحيفة المقروءة على الإنترنت لن تحل محل الصحيفة التقليدية، والآي باد والكتاب الإلكتروني لن يحلا محل الكتاب التقليدي، إذ إن حياة نموذج الصحيفة كوسيط لنقل البيانات طويل وليس محدوداً». وبشأن العوامل التي ستساعد الصحف في الاستمرار، ودور الصدقية والمحتوى في هذا الأمر، أشار إلى أن العالم العربي أحمد زويل فرّق في محاضرته بالأمس بين المعلومات والمعرفة، موضحاً أن ما تمثله الصحيفة هو فرصة للانتقال من البيانات والمعلومات إلى المعرفة والفهم، مشيراً إلى أن كل الوسائط التكنولوجية الجديدة التي تنقل البيانات تؤدي إلى مرحلة من تراكم البيانات ثم تصل بالقارئ إلى الفهم والوصول إلى استنتاج عبر معرفة هذه البيانات والمعلومات. أما بالنسبة إلى الصدقية، فأوضح غولدن أنها أصبحت في غاية الصعوبة مع الإنترنت والوسائط التكنولوجية والمنافسة، «إذ أصبح من الضروري التركيز على مدى دقة وصدقية المعلومات التي تشكّل المعرفة للجمهور، فمن دون الصدقية لن تحقق أي وسيلة إعلامية نجاحاً يذكر في هذا العصر». وأشار إلى أن هناك ملايين المدوّنات على الإنترنت تحمل آراء أصحابها، ويجب أن تكون هناك دقة وأمانة في نقل هذه الآراء.