ظهرت مؤشرات متفرقة الى تحرك دولي واسع لرسم خطوات إحياء عملية سلام شاملة في الشرق الأوسط خلال الشهور الثلاثة المقبلة. وفي وقت تحدثت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن «سلسلة متشعبة» من المشاورات الأوروبية والأميركية مع إسرائيل والدول العربية لوضع خطة عمل لاتفاق سلام «متكامل»، توقع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير أن تعلن خطة جديدة للسلام في المنطقة خلال أسابيع. (راجع ص 4) وقالت المستشارة الألمانية بعد اجتماعها مع العاهل الأردني في برلين أمس، إن «الشهور الثلاثة المقبلة ستكون مهمة» لبلورة هذه الخطة الشاملة، فيما أشار ضيفها إلى أن هذه الاتصالات تشمل أيضاً سورية ولبنان. وقال إن «ما نبحثه حالياً هو جمع العرب والأوروبيين والأميركيين في فريق واحد لخلق الظروف الملائمة خلال الشهور القليلة المقبلة لجلوس الإسرائيليين والفلسطينيين معاً، وكذلك اللبنانيين والسوريين والدول العربية للخروج بخطة عمل مشتركة». وأضاف أنه يعتقد بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما «سيعرض خطة العمل المشتركة بعد زيارة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو لواشنطن في الأسابيع المقبلة، على أن يجتمع الأوروبيون والعرب والأميركيون بعد ذلك للبحث في كيفية دفع العملية إلى الأمام». ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن بلير قوله ان الإدارة الأميركية تتولى إعداد الخطة الجديدة بمساعدة أطراف أخرى، متوقعاً أن تحيي الأمل بالسلام. وأضاف: «نحن بصدد بلورة إطار عمل جديد... لكنني لا أملك سوى تكهنات عن مضمونه، وإن كنت أعتقد بأن هناك دافعاً للتفاؤل لأن هذه الإطار يتم صوغه على أعلى مستوى في الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي». وأشار إلى أن اللجنة الرباعية ستجتمع في واشنطن لمناقشة الاستراتيجية الجديدة وتقديمها، بعد لقاءات أوباما مع نتانياهو والرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس، «وستكون لديكم صورة واضحة للخطة خلال الأسابيع الستة المقبلة». وفي سياق موازٍ، ناقش الرئيسان الفلسطيني والمصري في القاهرة أمس زيارتي كل منهما للولايات المتحدة، بهدف «تنسيق ما سنقوله للرئيس أوباما». وقال عباس: «رتبنا الأمور في ما بيننا جيداً ليكون هناك تناغم في الموقف العربي، والعاهل الأردني قام أخيراً بزيارة لواشنطن باسم العرب، ونحن نريد تقديم مشروع متكامل لحل قضية الشرق الأوسط، وليس فقط قضية فلسطين». وأُعلن في القدسالمحتلة أن نتانياهو سيزور مصر الاثنين المقبل «لإجراء محادثات مع الرئيس مبارك في شرم الشيخ»، في زيارته الأولى إلى الخارج منذ توليه منصبه في 31 آذار (مارس) الماضي. لكن نتانياهو اعتبر أمس حل الدولتين «غير قابل للتطبيق في المستقبل المنظور»، طارحاً فكرة «الحكم الذاتي» عوضاً عنه. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أنه سيبلغ الرئيس الأميركي خلال لقائهما أن حكومته تدعم منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في الضفة الغربية، وأنه يجب العمل تدريجاً من أجل بناء قاعدة التسوية الدائمة «من أسفل إلى أعلى»، في شكل يقود إلى بناء كيان يتطور في المستقبل إلى كيان يتمتع بالسيادة، على أن يتم تعريفه لاحقاً. من جهة أخرى، أعلن عباس أن حكومة سلام فياض «ستعود في وقت قريب بعد إدخال إضافات عليها»، مستبعداً أن تؤثر هذه الخطوة في سير الحوار الفلسطيني الذي سيستأنف في القاهرة منتصف الشهر الجاري. وقال رداً على سؤال ل «الحياة» إن «الحكومة قدمت استقالتها قبل فترة، ولم تُقبل هذه الاستقالة. وبالتالي، ستعود في وقت قريب، ويكون هناك نوع من الإضافات عليها، وهذا لن يؤثر إطلاقاً على الحوار الوطني الفلسطيني، بمعنى أنه في أي وقت نتفق على حكومة توافق وطني، ستكون الأمور ممهدة لذلك». وفي نيويورك، أعلن الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رفضه تقرير التحقيق في الحرب على غزة الذي دان إسرائيل لتعمدها استهداف مدارس ومواقع المنظمة الدولية في القطاع، واصفاً التقرير بأنه «شنيع». وقال خلال مؤتمر صحافي رداً على سؤال عما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية تقبل حل الدولتين، إن «الحكومة الحالية أعلنت أنها ستحترم قرارات الحكومات السابقة التي قبلت بخريطة الطريق التي قدمتها اللجنة الرباعية. وفي هذه الخريطة إشارات واضحة إلى حل الدولتين». وتحركت المجموعة العربية لدى الأممالمتحدة أول من أمس بهدف صوغ بنود مشروع قرار حول التقرير الذي سلم بان جزءاً منه إلى مجلس الأمن. وقالت المصادر إن المجموعة العربية طلبت من وفدي ليبيا وفلسطين صوغ مشروع قرار والعودة إليها لتقرير الخطوات اللاحقة وآلية التحرك. وأفادت أن السفراء العرب لدى الأممالمتحدة «مستاءون جداً» من مشروع البيان الرئاسي الذي جهزته روسيا لعدم تضمنه أي اشارة إلى اسرائيل أو الاحتلال أو الاستيطان.