فرحت لوطني... من أجل وطني، فرحت لطي الورقة الأهم من أوراق الفساد، والذهاب بها إلى طاولات التحقيق والحساب، فرحت لأنه لا أجمل من «العدالة»، وفرحت لأنه أغلق ملف «سيول جدة» ومعه ملفات الفاجعة بما يبهج ويقنع. الملاحقة القانونية والشرعية للفسادين المالي والإداري ولمن تهاون بالوطن والمواطن هو انطلاقة صارمة لعملية التصحيح الجذرية لمهزلة «الفساد» ومكاشفة الرؤوس وجهاً لوجه حتى تختنق. في الأمر الملكي الإثنين الماضي، رست معايير حق، ومفاهيم عدالة، على أرض واقع، كان يحمل في أسطره إبراءً لذمة ولي أمر، وانتصاراً لحق وطن ومواطن، بين طياته كانت إشارة قوية جادة إلى أنه لا أحد سيهرب من العدالة إذا أخذت مجراها. هذه المرة سيحال متهمون إلى مؤسسات تحقيق عامة حتى يستقيم أي معوج ويحاسب كل على قدر عمله، لتنكشف الأقنعة وتظهر الوجوه على حقيقتها، وفي هذه الإحالة الضرورية إراحة لكثير من الضمائر، وجبر للكسور التي خلفها صمت سابق. كانت اللحظة المنتظرة على قدر توقعات أهل هذه الأرض الطيبة، جاءت حاسمة حازمة ضربت بيد من حديد، عبر إصلاحات جوهرية تسعى لخلق انضباط مختلف ومعايير جديدة تكون من بعدها كل نقطة على الحرف المناسب، وتنكشف بها مكامن الضعف والخلل بلا تداخل لمسؤوليات واضطراب في الرؤى والقناعات. وطني اليوم عبر قائده الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز يفتح صفحة جديدة مهمة من صفحات كتاب محاربة الفساد، هي بالفعل الأكثر حساسية في ما مضى من وقت، لكونها منعطفاً لفاجعة كانت تنتظر قراءة مختلفة ورؤية جادة وحساباً يتوازن مع حجم ما تركته في الأنفس وطبعته في ذاكرة لن تنسى بسهولة. الأمر الملكي كان بحجم الحدث، أراح وأفرَح، برأت معه الذمة، وستقفز معه الطموحات، سنتعامل من اليوم مع الأرقام بحرص ونعرف أين وكيف ذهبت؟ ويعرف الضمير أنه سيحاسب في أي لحظة، هو حضور علني أول جاد لإيقاف المستهتر والمتهاون والغافل، وإزاحته بالكلية عن طريق الإصلاح والعمل الجاد، هو حد فاصل بين الاجتهاد والفساد، بين الزمن الذي مر ونحن نزرع بساتين من ورد التنمية، وماء العمل وظل النماء، وبين نباتات الفساد التي تسلقت بسمها لتقتل أو تحبط كل البساتين وتوقف الماء وتغيب الظل، كان رد فعل وطنياً على الفعل قوياً مفرحاً، فعدو التنمية والإصلاح والرقي والحفاظ على ممتلكات وطن وروح إنسان ومن اشترى كل شيء بثمن بخس لم يعد مستتراً متمترساً في الخلف بلا حساب أو متابعة، سيكون عرضة للتحقيق والمساءلة، والأهم أن يحسب الفسادان المالي والإداري جريمة لا تغتفر وغير مشمول بعفو حتى لا نمنحه ثغرة يمكن أن يدخل من خلالها. بالأمر الملكي نحن نحضر قولاً وفعلاً طاولات التحقيق لمن يستحقها، ونوزع أوراق العمل وأجندة التصحيح على المؤسسات ذات العلاقة ونرسم ملامح العمل المقبل للجميع لكي نتفادى فاجعة جديدة، وكل ذلك بحق خطوة جبارة سيقف من أجلها الكل احتراماً لصدق «الملك عبدالله بن عبدالعزيز» ومسيرته للقضاء على مأساة «الفساد». [email protected]