اعتبرت الخرطوم ملاحقتها زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل ابراهيم عبر الشرطة الدولية لتوقيفه ومحاكمته «رداً عملياً» على هجمات عسكرية على مناطق في ولايتي دارفور وكردفان، لكن إبراهيم قلل من الخطوة وهدد بتصعيد نشاطه ولوّح بتبني خيار فصل الإقليم في حال استقل الجنوب. وقال وزير الدولة للخارجية السوداني علي كرتي إن حكومته لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تمدد متمردي «حركة العدل والمساواة» لبسط سيطرتها على دارفور وتهديد إقليم كردفان المتاخم لها لتقوية موقفها التفاوضي متهماً خليل إبراهيم بمحاولة الالتفاق على «اتفاق الإطار» الذي وقّعه الطرفان في شباط (فبراير) الماضي للاستيلاء على مواقع جديدة. وانتقد زيارة إبراهيم إلى مصر وقال إنها محاولة لذر الرماد في العيون والظهور بمشهد الحريص على السلام واستقرار دارفور، واتهمه بالسعي الى ضرب اتفاقه السابق مع الحكومة عبر نقل مقر محادثات السلام من الدوحة إلى القاهرة، موضحاً أن المسؤولين المصريين رفضوا ذلك وتمسكوا بمنبر الدوحة لسلام دارفور. ونفى طلب حكومته من مصر توقيف ابراهيم الذي يزورها حالياً على رغم تزامن طلبها من الشرطة الدولية ملاحقته. وأضاف كرتي أن حكومته يمكنها العودة إلى طاولة المحادثات مع حركة خليل ابراهيم في حال اثبت جديته وتخلّى عن المطالب غير المقبولة. لكن خليل إبراهيم قلل من طلب الخرطوم من الشرطة الدولية ملاحقته واعتبرها «مهزلة جديدة» ومحاولة فاشلة للالتفاف على وضع حركته السياسي والعسكري تعكس تخبط الحكومة وإحباطها. وقال أمام حشد من أبناء دارفور في القاهرة ليل الثلثاء إن مذكرة التوقيف في حقه لن تصيبه بالخوف والقلق وإن الخرطوم لن تستطيع الوصول اليه. وأكد إبراهيم ان حركته في وضع عسكري أفضل من السابق وقادرة على توسيع المناطق التي تسيطر عليها، ولفت الى ان هجومه على أم درمان قبل سنتين كان لتغيير نظام الحكم. ورأى أن ذلك ليس اتهاماً جنائياً حتى تطلب الخرطوم من الشرطة الدولية توقيفه وإنما نشاط سياسي. وذكر إبراهيم أن مصر دولة مهمة ويجب إشراكها إشراكاً فعلياً في كل قضايا السودان، ورأى أن القاهرة تدخلت في لحظات تاريخية من أجل المساعدة في دفع العملية التفاوضية بغرض الوصول إلى سلام في دارفور، مبيناً أنه طلب من الحكومة المصرية توضيح ملابسات قتل مواطنين سودانيين على الحدود المصرية - الإسرائيلية. وذكر أن الحكومة المصرية ردت لهم بأن لكل سوداني الحق في السكن والإقامة والتصرف بحرية وفي المقابل لا بد من احترام القانون. وحذر إبراهيم من الأخطار التى تحدق بالسودان، وقال إن البلاد في مفترق طرق وتميل إلى التشظى والمزيد من الانقسامات، ورأى انه من الممكن أن يكون إقليمالجنوب أول إقليم ينفصل ولكن لا يكون آخر إقليم، ومن يسمح لانفصال إقليم لا بد أن يسمح لأقاليم أخرى. وذكر ابراهيم أن اوضاع البلاد تستدعي وحدة اندماجية بين حركات دارفور أو وحدة فى إطار التنسيق، مؤكداً التزام حركته وحدة السودان أرضاً وشعباً، وأنها جنحت نحو السلم لأن الوطن أمام أخطار جسيمة. وقال إن الحكومة السودانية لم تلتزم وقف إطلاق النار، إلا خلال فترة الانتخابات وبعد الانتخابات مباشرة شنت هجوماً عنيفاً على قواته، كما رفضت توقيع البروتوكول التفصيلي لوقف النار. وانتقد زعيم «العدل والمساواة» الوساطة القطرية، مؤكداً أن حركته لمست عدم الحياد، وقال إن الدوحة تحولت إلى ما يشبه الفوضى في التفاوض، لأن هناك مجموعة كبيرة من الأفراد، الكل يدعي بأنه حركة وتجد الاعتراف والإغراء من جهات عديدة، متهماً الحكومة السودانية بالمراوغة وإضاعة الوقت. في غضون ذلك (رويترز) حذّرت قوات حفظ السلام في دارفور من حشد الجيش السوداني وقوات المتمردين قرب بلدة استراتيجية في دارفور التي تدهور فيها الوضع الأمني بعد تعثّر محادثات السلام بين الحكومة والمتمردين. من ناحية أخرى أدت خصومات قبلية مستمرة منذ فترة طويلة في الاقليم الى اشتباكات مما أسفر عن سقوط 107 قتلى منذ آذار (مارس). وقالت القوة المشتركة لحفظ السلام بين الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد) في بيان صدر الثلثاء: «الوضع الأمني في شمال دارفور متوتر بعد تقارير عن زيادة في وجود القوات الحكومية وقوات حركة العدل والمساواة في منطقة شنجيل توباي». وكانت «حركة العدل والمساواة» إحدى جماعتين متمردتين حملتا السلاح ضد الحكومة السودانية في 2003 متهمتين اياها بحرمان دارفور من التمويل وتهميش السكان. ويواجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي لجأ إلى ميليشيا موالية للحكومة للقضاء على التمرد اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية بالتدبير لجرائم حرب في المنطقة. وقضية المحكمة الجنائية الدولية واحدة من أكبر العقبات في طريق جهود السودان لانهاء أعوام من العزلة عن الغرب. وفرضت واشنطن عقوبات اقتصادية قاسية على البلاد لاسباب منها سجل دارفور. وقال مصدران دوليان طلبا عدم نشر اسميهما إن هناك مؤشرات على أن «حركة العدل والمساواة» تتحرك صوب الجنوب الشرقي عبر دارفور في اتجاه ولاية جنوب كردفان المنتجة للنفط حيث زعمت «حركة العدل» في السابق أنها تحظى بالتأييد. وتقع شنجيل توباي وهي مستوطنة على بعد 70 كيلومتراً إلى الجنوب من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وهي معقل للحكومة ومركز لعمال الاغاثة وقوات حفظ السلام. وتقع المنطقة بين المعقل الحالي ل «حركة العدل والمساواة» في غرب دارفور وجنوب كردفان. وأكد الطاهر الفقي مسؤول «حركة العدل والمساواة» أن قوات الحركة موجودة حول شنجيل توباي وجنوب كردفان، لكنه قال إنها هناك في مهمة «ادارية» وتجري محادثات مع القيادات المحلية. ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من الجيش السوداني الذي اتهم «حركة العدل والمساواة» هذا الاسبوع بمهاجمة قرى في ولايتي غرب دارفور وشمال دارفور في الاسابيع الاخيرة لبسط سيطرتها على مساحة أكبر. ووقع الجانبان اتفاقا لوقف اطلاق النار واتفاق سلام مبدئيا في شباط (فبراير) لكن سرعان ما تعثرت المحادثات. وقالت «يوناميد» إن قتالاً اندلع بين قبيلتي المسيرية والنوايبة في غرب دارفور في آذار (مارس). وذكرت الأممالمتحدة ان حادث عنف في ما يبدو هو الذي أشعل موجة من الهجمات الانتقامية. وقال صمويل هندريكس الناطق باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية «إنه انتقام متصاعد بسبب حادث قتل ... الانتقام يخرج عن نطاق السيطرة». وقال إن الخصومة زادت تفاقما بسبب التنافس على الرعي والماء وموارد أخرى.