ولّى عهد المذيعة المتجهمة التي تقرأ علينا أخبار المجاعات والكوارث المميتة والحروب الصغيرة والكبيرة، لتحل محلها المذيعة - النجمة، التي يمكن للفضائيات الإخبارية المتخصصة أن تتسابق إليها من طريق الرواتب المغرية والامتيازات بغية الحصول على رضاها. مذيعات تحولن من مقدمات لنشرات الطقس في بعض هذه الفضائيات إلى نجمات في فضائيات أخرى. وكثر منا يذكرون ببعض الابتسام أسماء بعينها، والمتابع المدقق يمكنه ببعض الجهد أن يطلّع على صراع هذه الفضائيات في هذا المجال. مذيعات الوفرة الفضائية الإعلانية يختلفن تماماً. شطب صورة المذيعة القديمة هو السمة الأولى المطلوبة، وإلا فإن الثورة الإعلامية من حولهن لن تكون أماً رحيمة. وهي ربما لن تسمح بتفسير «الابتسامات» التي ترافق الجيل الجديد من المذيعات وهن يقرأن الأخبار المفجعة. فما إن تنتهي إحداهن من قراءة السطر الأخير من الخبر الكارثي حتى تنهيه بابتسامة محيرة وملغزة، لا يمكن قراءتها أو استنباط مدلولاتها. والأكيد أن هكذا ابتسامة لن تدخل سوق الفن والصرعات، فليس من محلل يقدر – ربما – على تحليلها، فالحالة لا تتغير، فإن كان الخبر مفرحاً أو مؤلماً، فإن الابتسامة تظل على حالها. بالطبع يمكن القول إن ابتسامة المذيعة الجديدة تنقل كاهل علماء الاجتماع والمحللين النفسيين وهم يحاولون فك أسرار هذه الابتسامة. فما من شيء مفهوم، وما من شيء قابل للتفسير، وجلّ ما في الأمر أن انقلاباً جذرياً يحدث في الأحوال الإعلامية والإعلانية المتلفزة. ليس الإيغال في تحليل حضور المذيعة الجديدة هدفاً بحد ذاته. فمطلوب منهن امتلاك مواصفات قياسية تنافسية، وهذا قد يفسر سبب اقدام بعضهن على اعادة أداء أدوارهن في الحياة العادية التي تسبق الدخول إلى استوديو الأخبار في بعض الإعلانات التلفزيونية او إعلانات الطرقات، بحيث تجد المذيعة – النجمة نفسها بطلة اعلان عن مشروب ساخن يمكنها أن تقول لنا من خلاله إنها لا تبدأ نهارها إلا به. ونحن الذين آثرنا الاستسلام لبعض «الكسل الجميل» أثناء متابعة خبر الفاجعة، أي فاجعة، ليس لنا من منجاة في هذا الصباح بالذات إلا اللجوء إلى الكأس دائماً التي تصنع نهارات مختلفة للجميع... وهي نهارات مختلفة بالتأكيد عن النهايات التي تنهمر فيها الكوارث على رؤوس الجميع.