دعت روسيا أمس، حلف شمال الأطلسي إلى وضع حد ل «الحرب الديبلوماسية» بين الطرفين، بعدما طردت ديبلوماسيين غربيين في «رد طبيعي» على طرد الحلف اثنين من ديبلوماسييها من مقره في بلجيكا قبل أيام. وتزامن انطلاق مناورات عسكرية يجريها «الأطلسي» في جورجيا، مع تحرك ديبلوماسي روسي واسع على جبهتي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ولم يخف الروس أمس، ارتياحهم لأن المناورات العسكرية التي أثار توقيت تنفيذها ومكانه استياء موسكو، «فقدت كثيراً من أهميتها» كما قال ناطقون روس، في إشارة إلى انسحاب ستة بلدان من المشاركة فيها. وكان ثلاثة من حلفاء روسيا هم صربيا وكازاخستان ومولدافيا اتخذوا قرارهم بالانسحاب «بعد مشاورات مع موسكو»، فيما أعلنت أرمينيا انسحابها من المناورات من دون توضيح سبب القرار. وانسحبت أيضاً أستونيا ولاتفيا «لأسباب اقتصادية» لتبقى تسعة من الدول الأعضاء في الحلف، إلى جانب أربعة دول منخرطة في برنامج «الشراكة من أجل السلام» من بينها الإمارات العربية. وعكست التطورات الداخلية في جورجيا خلال اليومين الأخيرين وخصوصاً بعد الإعلان عن محاولة «انقلابية» وتمرد قطع عسكرية، عنصراً آخر يبرز «حال الاحتقان عند الجورجيين وتراجع مواقع الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي» كما اعتبر معلقون روس. في المقابل واصل ساكاشفيلي أمس، حملته القوية على الروس وكشف عن معطيات جديدة «تدل إلى سعي موسكو لزعزعة الأوضاع في جورجيا». وقال ساكاشفيلي إن الأجهزة الخاصة في بلاده، اعتقلت جاسوساً لروسيا كان يمدها بمعلومات دقيقة وفورية عن تحركات الجيش الجورجي خلال أزمة الصيف الماضي. وأعلنت موسكو أمس، عن طرد ديبلوماسيين كنديين يعملان لدى ممثلية «الأطلسي» في روسيا. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن القرار «رد طبيعي» على خطوة «الأطلسي» طرد ديبلوماسيين روسيين من بلجيكا قبل أيام. في الوقت ذاته، أكد لافروف أن بلاده لا تسعى الى التصعيد مع الحلف الغربي وتأمل في تطبيع العلاقات بين الطرفين على رغم الأزمة الديبلوماسية الحالية. لكن الأمين العام ل «الأطلسي» ياب دي هوب شيفر أعرب في المقابل عن «أسف شديد» بصدد قرار روسيا. واعتبر أن طرد روسيا الديبلوماسيين الغربيين «ضار». وباشرت موسكو تحركاً ديبلوماسياً لشرح موقفها حيال التطورات الجارية في جورجيا ووجهة نظرها إزاء مسألة المناورات العسكرية التي يجريها الحلف الأطلسي. وأجرى نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي دانيال فريد، ناقشا خلاله الوضع الراهن في جورجيا. وأعلن الديبلوماسي الروسي أن بلاده «أبلغت واشنطن بموقفها حيال التطورات الجارية وقناعتها بأن القيادة في جورجيا تبحث عن عدو خارجي وتحاول إبراز روسيا في هذا الدور». كما أجرى لافروف في موسكو أمس، محادثات مع نظيره البولندي راديسلاف سيكورسكي أكد خلالها سعي بلاده لتعزيز التعاون الروسي – الأوروبي في كل المجالات. وحض خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الوزيران على ضرورة تفهم الموقف الروسي، مؤكداً أن «خطوة روسيا لإبعاد الديبلوماسيين الكنديين تعد رداً طبيعياً، على خطوة الأطلسي، على رغم أني لا أرى علاقة مباشرة لهذا الإجراء بمناورات الحلف في جورجيا، التي تعارضها روسيا. ولكن الواضح أن كل هذا يسير في مجرى محاولات بعض الأطراف لعرقلة استئناف التعاون الطبيعي في إطار مجلس روسيا الأطلسي». وزاد الوزير الروسي أن بلاده «بعلى رغم التطورات الأخيرة تسعى إلى شراكة ذات منفعة متبادلة مع حلف شمال الأطلسي». وأشار إلى أن «سياسة غض النظر التي ينتهجها الأطلسي عن ممارسات نظام ساكاشفيلي، تعود بالضرر على الحلف نفسه». وكان مندوب روسيا الدائم لدى «الأطلسي» ديمتري روغوزين دعا بعد إعلان طرد الديبلوماسيين الكنديين إلى «إنهاء الحرب الديبلوماسية بين الجانبين عند هذا الحد». في الوقت ذاته توجه لافروف مساء أمس، إلى واشنطن في زيارة تستغرق يومين ويشارك خلالها في اجتماع «الرباعي» الخاص بالوضع في الشرق الأوسط. وقال لافروف إنه ينوي أن يناقش مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون تطورات الموقف في القوقاز و «التصعيد الجورجي والعمليات الإستفزازية من جانب تبليسي». وزاد الوزير الروسي أن تطوير العلاقات الروسية - الأميركية في الظروف الجديدة والاستعدادات لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المقبلة الى روسيا ووضع اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، ستكون على رأس محاور الاهتمام خلال اللقاء المنتظر مع كلينتون.