تمسك رؤساء الأقلام في مراكز الاقتراع في بيروت بأمل أن يرفع تقدم ساعات نهار الأحد من نسبة إقبال «البيارتة» على المشاركة في انتخاب مجلس بلديتهم ومخاتير أحيائهم، إلا أن كثراً خاب أملهم، وفشلت كل التحليلات عن انه «يوم راحة» و«استغراق في النوم» و «تناول غداء» و «لا بد انهم يفضلون النزول بعد الظهر»، إذ لم تتجاوز نسبة الاقتراع حتى الواحدة بعد الظهر العشرة في المئة كمعدل وسطي. فما الذي حصل كي «تتراجع» حماسة الناخبين؟ وهل أن اعتكاف مناصري «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» عن المشاركة في الانتخابات البلدية ترشحاً واقتراعاً عامل جوهري في خفض نسبة المقترعين؟ أم أن ثمة أسباباً أخرى؟. لا توحي اللافتات والصور المعلقة بكثافة في شوارع بيروت والتي لم توفر حتى أسوار المدافن، إلا بأن التنافس على أشده بين لائحة مكتملة (وحدة بيروت) ينادي المنادون بها بإنزالها كما هي «حفاظاً على العيش المشترك»، وبين لوائح متفرقة ينتمي أصحابها الى تيارات سياسية ودينية ويحاولون أن يوجدوا لأنفسهم موقعاً سياسياً حتى ولو كان عبر العمل البلدي، وتسحب هذه الحماسة نفسها على محيط مراكز الاقتراع التي زنرها مندوبو المرشحين بكل أشكال «الإغراء» للمقترعين الذين يتصيدونهم بأن يأخذوا هذه اللائحة أو هذا الاسم لإسقاطه في الصندوق. شاب رافق والده المسن الى مركز الاقتراع في ثانوية رأس النبع للبنين راح يسأل الجنود الذين يطوقون المركز المخصص لناخبي دائرة المزرعة عن مكان مدرسة عمر حمد الرسمية، لكن أحداً لم يعرف الإجابة، قال ل «الحياة» انه «المركز الرابع الذي أصل إليه أنا ووالدي ولا يكون هو المقصود، ولا أحد يعرف. في الانتخابات النيابية تعودنا على مركز واحد يبقى نفسه كل دورة لكن اليوم لا نعرف لماذا تغير، الطقس حار ووالدي تعب وسأعيده الى المنزل». وحال هذا الشاب ليست عابرة، فأمام المكاتب التي استحدثها المرشحون على عجل في الأحياء، أشخاص كثر يستفسرون عن المراكز التي يجب أن يتوجهوا إليها بحسب أرقام سجلاتهم، والمندوبون وأكثرهم من الشباب المراهقين لا يعرفون بدورهم مواقع هذه المراكز لمساعدتهم، أو انهم يقدمون معلومات مزدوجة ومتناقضة، كما حصل مع السيدة عايدة التي تقترع في دائرة المصيطبة إذ أبلغها أحدهم أن المركز في محلة وطى المصيطبة فيما قال لها مندوب آخر إن المركز يقع في برج أبي حيدر! حتى الظهر لم تتعرض لائحة «وحدة بيروت» للبلدية الى التزوير وحرص واضعوها على منع أي فراغات بين الأحرف والأسماء منعاً لأي عملية «تلغيم»، ولم يتحدث المندوبون عن مصادفتهم مثل هذه اللوائح، لكن الناخبين الذين تحدثت إليهم «الحياة» تنوعت مواقفهم بين من أسقط اللائحة «متل ما هي» وبين من «شكل لائحته الخاصة» وبين من «شطب أسماء من اللائحة لا يعتبر أصحابها «وطنيين»! وتحدثت وسائل إعلام عن تلقي مواطنين «رسائل نصية على هواتفهم الخليوية تتضمن انسحابات لمرشحين على لائحة وحدة بيروت، وأخرى تحدد مراكز اقتراع وهمية أو غير دقيقة»، ما دفع بأعضاء اللائحة الى نفي المعلومات وحذروا منها. لائحة «البيارتة» التي يرأسها غسان سوبرة لم يكن لها تمثيل ملحوظ لا على مستوى المندوبين أمام المراكز ولا على مستوى المندوبين داخل الأقلام، كما للائحة «وحدة بيروت» ومرشحي «جمعية المشاريع الإسلامية» (الأحباش) وحتى المرشحين المنفردين إن على مستوى البلدية أو المخترة. وفي فترة بعد الظهر سجلت في محيط بعض المراكز لوائح ملغومة، وارتفعت أصوات نيابية من «المستقبل» والمرشح لرئاسة البلدية بلال حمد تدعو الناخبين الى التدقيق بأوراقهم. وسجل تبادل أصوات الناخبين على المخترة والبلدية بين أكثر من طرف، إذ وزع حزب «الولاء» الكردي لائحة تتضمن اسمي مرشحيه للمخترة في دائرة زقاق البلاط الى جانب لائحة تتضمن أسماء أربعة مرشحين ينتمون ل «الاحباش» كي يدعمها مناصرو الحزب مقابل أن يوزع «الأحباش» لائحة مرشحي «الولاء» للمخترة الى جانب لائحته للبلدية، علماً أن لائحة «وحدة بيروت» خلت من أي مرشح كردي. كما وزعت لوائح ملغومة تضمنت مرشحين محسوبين على لائحة «البيارتة» وآخرين على لائحة «الأحباش» ضمن أسماء مرشحين من لائحة «وحدة بيروت»، ولوحظ توزيع لائحة «وحدة بيروت» مطبوعة بحبر داكن مختلف عن حبر اللائحة المذكورة من دون المس بمضمونها. وسرب بعض حلفاء «وحدة بيروت» إشاعات في الطريق الجديدة ودوائر عن أن المرشح المستقل عن أحد المقاعد الشيعية على لائحة «وحدة بيروت» خليل شقير ينتمي الى أحد التنظيمات فيما هو مستقل. كما وزع أحد الأطراف الذي له مرشح على لائحة «وحدة بيروت» لائحة ملغومة عليها اسم المرشح المنفرد سعد الدين الوزان بدلاً منه لإبعاد الشبهة عن الطرف الذي سرب هذه اللائحة. في مركز مدرسة خالد بن الوليد المخصص لمرشحي دائرة المزرعة قالت رئيسة القلم رقم 22 المخصص للسنة والشيعة ميرنا ضاهر أن 50 ناخباً اقترعوا فقط من أصل 448 حتى الحادية عشرة قبل الظهر، وفي قلم الاقتراع في ثانوية العاملية المخصص للروم الأرثوذكس اقترع 55 من أصل 546 ناخباً، أما في القلم المخصص للشيعة الرقم 86 فانتخب 16 من أصل 545 ناخباً، وفي القلم 89 المخصص للإسرائيليين (اليهود) والدروز والسريان الكاثوليك والسريان الأرثوذكس فانتخب 27 درزياً وأرثوذكسياً من أصل 569 ناخباً. مع تقدم ساعات النهار وارتفاع حرارة الطقس التي تجاوزت أمس، ال 32 درجة، ارتفعت حماوة الاقتراع نسبياً لكنها نسبة لم «تثلج» قلوب من بقيت أعصابهم «تغلي» حتى إقفال صناديق الاقتراع في انتظار ما ستقوله المظاريف السمر التي أسقطت في صناديق البلاستيك البيض.