كان من الصعب أمس، وفي المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية اللبنانية في محافظتي بيروت والبقاع التكهن بما ستكشف عنه صناديق الاقتراع ليلاً من توجهات للناخبين الذين توزعت ميولهم في اكثر من اتجاه، وتجاوزت في احيان كثيرة الائتلافات الحزبية وتفاهم العائلات. وما زاد من صعوبة التكهن تراجع نسبة المقترعين في بيروت في فترة قبل الظهر وتحديداً في الدائرة الأولى لتتراوح بين 5 و15 في المئة، مقابل احتدام المنافسة في البقاع ولا سيما في زحلة وقرى وبلدات في البقاعين الشمالي والغربي، ترجمت احياناً بصدامات بالأيدي والعصي وحتى ب «الصدم» بواسطة السيارات، وتجاوزت النسبة 60 في المئة في راشيا. وأباح احتدام التنافس كل انواع «الأسلحة» الانتخابية من اللوائح الملغومة الى تبادل الأصوات بين جهات متنافسة، الى اطلاق الإشاعات والحض على شطب اسماء مرشحين معينين وحتى استخدام المال الانتخابي في مدينة زحلة وإنزال ناخبين الى صناديق الاقتراع ضمن مجموعات حزبية في الساعات الأخيرة قبل اقفال صناديق الاقتراع لترجيح كفة طرف على آخر. وكان وزير الداخلية والبلديات زياد بارود تابع سير الانتخابات في المحافظتين، وتحدث عن شكاوى واعتراضات تلقتها غرفة العمليات، واعتبر ان «وجود اللوائح الملغومة يؤكد طرحنا السابق ضرورة اعتماد الأوراق المطبوعة سلفاً». وفتحت صناديق الاقتراع في السابعة صباحاً لاستقبال 450840 ناخباً في بيروت أي بنسبة 13،62 في المئة من ناخبي لبنان، لانتخاب اعضاء بلدية واحدة مؤلفة من 24 عضواً من اصل 94 مرشحاً و102 مختارين لدوائر بيروت الثلاث من اصل 231 مرشحاً بعد فوز 6 مخاتير بالتزكية. وفي البقاع فتحت الصناديق امام 548967 ناخباً أي بنسبة 16،58 في المئة من ناخبي لبنان لانتخاب 111 مجلساً بلدياً بعدما فازت 44 بلدية بالتزكية و352 مختاراً بعدما فاز127 مختاراً بالتزكية. وكما شهدت المرحلة الأولى من انتخابات جبل لبنان مشاركة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في عملية الاقتراع، أدلى امس، رئيس الحكومة سعد الحريري بصوته في بيروت، واستقبل بحفاوة في مركز ثانوية الأمير شكيب ارسلان المختلطة في فردان، ووصف في تصريح اليوم الانتخابي بأنه «ديموقراطي بامتياز»، وقال: «هناك آراء سياسية مختلفة، وهذا أمر نحترمه، قد تكون المعارك في بعض الأماكن سياسية، ولكن في النهاية البلديات تهتم بشؤون المواطن في بلدته. لذلك نأمل بأن تكون هذه الانتخابات ناجحة وسيكون لبنان بألف خير». ووصف الحريري، الذي اطلع من وزير الدفاع الياس المر على الاجراءات الامنية المواكبة للانتخابات، التحالفات الحاصلة بأنها «عجيبة غريبة، ولكن هذا هو لبنان والذي نريده، الانفتاح والتضامن والحوار الذين نسعى إليه، ومن الضروري دائماً أن نقوى بوحدتنا الوطنية. الاستحقاقات الانتخابية فيها دائماً معارك سياسية وعائلية وإنمائية سواء في البلدات الصغيرة أم الكبيرة أم في العاصمة». وإذ لفت الى ان حركة «أمل» ممثلة «معنا في لائحة «وحدة بيروت»، اعتبر ان «الكلام عن معركة مذهبية خاطىء ولم أسمعه من «حزب الله». ونحن جميعاً تحت سماء واحدة ونريد الخير لهذا البلد». وعن سبب فشل التحالف مع «التيار الوطني الحر»، قال الحريري: «نحترم «التيار الوطني الحر» وآراءه السياسية، وشخصياً أحترم العماد ميشال عون ورموزه. نحن شركاء في الحكومة، قد نكون لم نوفق في التحالف هنا وقد نوفَّق في أماكن أخرى، الأمر ليس نهاية الدنيا، فهذه الانتخابات ستنتهي بعد أسابيع قليلة، قد تحصل مفاوضات وقد تنجح أو لا تنجح، ولكن هذا لا يعني أن لدينا موقفاً من التيار الوطني الحر». وأبدى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون ارتياحه الى «السياق العام لإجراء الانتخابات باستثناء حوادث طفيفة لم يترتب عليها نتائج»، آملا ب «أن يستمر الوضع على هذا النحو»، ومشدداً على «أن كثافة الاقتراع بعد الظهر تخيفنا، لأنه عندها يبدأ صب الأموال لتسكير الفروق». واذ اعتبر «أن المقاطعة هي أحياناً بمثابة موقف»، أكد «أن الاستفتاء الذي طرحه في زحلة سينجح».