لم يعكس إقبال الناخبين في الدائرة الأولى لبيروت، المؤلفة من الأشرفية والرميل والمدور والصيفي وهي مناطق متلاصقة تشكل الثقل المسيحي في المدينة، حجم المنازلة بين القوى المسيحية المنضوية في اطار 14 آذار من جهة وبين «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب ميشال عون من جهة ثانية. فعلى رغم حماوة المعركة التي اقتصرت على الانتخابات الاختيارية بعد انسحاب «الوطني الحر» من الانتخابات البلدية، فإن إقبال الناخبين حتى حلول الظهيرة لم يتجاوز أكثر من 10 في المئة مع فرق واضح في أقلام كثيرة بين المقترعين في صناديق البلدية وصناديق الاختيارية. لغة شباب «القوات اللبنانية» و «الكتائب» ومناصري الوزير ميشال فرعون، لا تختلف كثيراً عن لغة قياداتهم وارتياحهم إلى مجريات المعركة التي وفق رؤيتهم ستأتي لمصلحتهم بلدياً واختيارياً، أما لغة شباب «الوطني الحر» فتتوعد الخصوم بما ستخرجه الصناديق من نتائج تؤكد عقم القانون الذي اعتمد في الانتخابات وأهمية النسبية في تظهير حجم القوى السياسية. وإذا كان الناخبون وقواهم في تلك الدوائر الأربع يسلمون بنتيجة فوز لائحة «وحدة بيروت» المدعومة من رئيس الحكومة سعد الحريري لبلدية بيروت وقوى 14 آذار، فإن خريطة الانتخابات الاختيارية في الدائرة الأولى مختلفة تماماً وهذا ما ستعكسه النتائج، خصوصاً أن كل منطقة من مناطقها الأربع ستقترع لمختاريها فقط. وعلى رغم ذلك فإن أحاديث المندوبين عن لوائح ملغومة كانت حاضرة. فالأشرفية تقترع ل 12 مختاراً، والرميل تقترع ل 12 مختاراً، والمدور تقترع ل 12 مختاراً، والصيفي تقترع ل 4 مختارين. والمعركة الاختيارية تبدو حامية في الأشرفية التي تضم أكثر من 54 ناخباً من معظم الطوائف وتتنافس فيها لائحتان الأولى مكتملة من 12 مختاراً سميت لائحة «قرار عائلات الأشرفية» المدعومة من قوى 14 آذار، ولائحة «أبناء الأشرفية» المدعومة من «الوطني الحر». أما نسب المشاركة فكانت متفاوتة. ففي «كلية علي بن أبي طالب» في حي بيضون حيث وجدت أقلام السنّة، كانت نسبة الاقتراع مرتفعة نسبياً اذ اقترع في احد الاقلام بحلول العاشرة صباحاً 70 ناخباً من أصل 577 وفي صندوقي البلدية والمخترة، أما في مركز «زهرة الاحسان» الذي كان معظم أقلامه للروم الارثوذكس فكانت النسب أقل ومتفاوتة. ففي أحد الأقلام اقترع 37 ناخباً بلدياً و60 ناخباً اختيارياً من أصل 582 بحلول الساعة 11. أما في مركز مدرسة «الحكمة» التي خصص معظم اقلامها للموارنة فكانت نسب الاقتراع أيضاً متفاوتة بين البلدية والاختيارية. واقترع في احد الاقلام 45 ناخباً بلدياً و68 ناخباً اختيارياً من اصل 550 بحلول الظهيرة. أما الأقلام الأرمنية التي وضعت في مدرسة «لور مغيزل» فكانت ضئيلة ومتساوية، واقترع 38 ناخباً بلدياً و40 ناخباً اختيارياً من اصل 580. وتحولت مراكز الاقتراع إلى محجة لمسؤولين من الطرفين أعادوا فيها تصريحاتهم المتضاربة، اضافة إلى دعوتهم الناس الى المشاركة في العملية الانتخابية. فوزير الدولة ميشال فرعون لفت الى ان الائتلاف في لائحة بيروت البلدية بعث على الارتياح لدى الناس من خلال شعورهم بأن المعركة منتهية، مشدداً «على اهمية التصويت الكثيف للائحة «وحدة بيروت»، والوقوف الى جانبها». ودعا الناس الى «الاقبال على الاقتراع في المعركة الاختيارية التي تأخذ طابعاً اهلياً انمائياً مع القليل من السياسة»، لافتاً الى ان «المعركة الاختيارية بدأت من الرابية وليس من شوارع بيروت». وقال: «مخاتير بيروت يحملون تراث العاصمة وحضارتها وتاريخها وهم مسؤولون عن التعبير عن آراء الناس». ووصف عضو كتلة «الكتائب» النائب نديم الجميل المعركة ب «السياسية بامتياز، لأن هناك من حاول الهروب من موقع الى موقع آخر وتحول من الانتخابات البلدية الى الانتخابات الاختيارية وربما لاحقاً الى تعيين ناطور». وقال: «زعامة النائب ميشال عون المسيحية سقطت منذ فترة في كسروان واليوم في بيروت، وتبين أن النهج الأقوى هو نهج قوى 14 آذار والمزاج الشعبي عاد الى جذور السيادة والاستقلال». واعتبر أن «مشكلة التيار الوطني الحر ليست مع فريق 14 آذار بالذات انما داخل التيار الذي لا يقدر على الاتفاق مع أحد». وأضاف: «نريد أن نلغي روح حزب الله عند العماد ميشال عون لأن انطباع التيار بصورة الحزب الإلهي غير مقبولة عند المسيحي واللبناني ككل». ولفت الى أن «المخاتير على لائحة قوى 14 آذار هم أباً عن جد على تواصل مع أبناء الأشرفية والرميل والصيفي»، وقال: «لدي شعور بأن لوائحنا ستفوز ولن نسمح لأحد بالتفريط بالفوز الذي حققناه في حزيران 2009». في المقابل، قال القيادي في «الوطني الحر» زياد عبس: «ان صوتنا يجب ان يكون اعتراضياً على الهيمنة والاستئثار في بيروت». وأضاف: «حتى لو فزنا بمختار واحد في بيروت سنكون حققنا فوزاً». واعتبر ان «معركة النيابة في العام 2009 كان فيها غش والناخب في بيروت اصبح اليوم واعياً»، مشيراً إلى «استمرار معركة تعديل القانون بعد الانتخابات».