أعلن في مصر أمس إغلاق باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (الغرفة العليا في البرلمان) في يوم سيطر مرشحو «الحزب الوطني الديموقراطي» الحاكم على عمليات تقديم الأوراق بعدما انتهت المعارضة من الدفع بمرشحيها في الأيام الأربعة الماضية. وذكرت مصادر أن 14 من كوادر «الإخوان المسلمين» قدموا أوراق ترشحهم في الانتخابات التي تجرى على 88 مقعداً. وعُلم أن بعض قيادات الحزب الحاكم أعربت عن غضبها لتقدم عشرات من أعضاء «الوطني» بأوراق ترشحهم خلال اليومين الماضيين مستقلين، بعدما علموا بخلو قوائم الحزب من أسمائهم، وهو ما كان الوطني يسعى إلى تلافيه عبر تقديم أوراق مرشحيه في اللحظات الأخيرة. وسعت قيادات عليا في الحزب خلال الساعات الأخيرة إلى تهدئة الأعضاء الغاضبين مع تقديم وعود بترشحهم في انتخابات مجلس الشعب التي تجرى في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل أو تعيينهم في مجلس الشورى ضمن 44 عضواً أعطى القانون الرئيس الحق في تعيينهم. والتقى الأمين العام للحزب رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف أمس الرئيس حسني مبارك بصفته رئيس الحزب، وعرض عليه تقريراً تضمن استعداد «الوطني» للانتخابات وأسماء المرشحين والبرنامج الانتخابي الذي سيعتمده. وقالت مصادر إن الحزب دفع في الساعات الاخيرة بمرشحيه للمنافسة على جميع المقاعد (88 مقعداً)، ولفتت إلى أن هناك عدداً محدوداً من الدوائر الانتخابية تُرك مفتوحاً للمنافسة بين أكثر من مرشح من أعضاء «الوطني»، لكن المصادر قالت إن الحزب سيدعم مرشحاً واحداً فقط، على أن يعتمد الآخرون في تلك الدوائر المفتوحة على أموالهم الخاصة. وأشارت المصادر إلى أن الحزب دفع بثلاثة أقباط وامرأة في الانتخابات التي تجرى مطلع الشهر المقبل، كما حجز رمزي الهلال والجمل لمرشحيه قبل تقديم أوراقهم. الجدول الزمني للانتخابات وأعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات أمس غلق باب الترشح، وأشارت إلى أنها مكنت مرشحين اثنين من «الإخوان» من تقديم أوراقهم بعدما رفضت الأجهزة الأمنية قبول طلبات ترشحهم، لترتفع أعداد من مكنتهم اللجنة من تقديم أوراقهم إلى 17 مرشحاً رفضهم الأمن. وقال رئيس اللجنة القاضي انتصار نسيم إنه سيبدأ اعتباراً من اليوم الاثنين حتى الخميس المقبل عرض كشوف المرشحين وقبول طلبات الاعتراض والتظلم، موضحاً أنه سيتم إعلان الكشوف النهائية يوم الجمعة المقبل، على أن يتم خلال الفترة من 17 إلى 19 الشهر الجاري إعداد اللجان العامة والفرعية المشرفة على الانتخابات وتعيين رؤساء تلك اللجان وأعضائها. وأشار إلى أنه تم تحديد 20 الشهر الجاري موعداً نهائياً لانسحاب المرشحين من خوض الانتخابات التي تحدد لها أول حزيران (يونيو) المقبل، فيما ستكون جولة الإعادة في 8 حزيران. إلى ذلك، أشار الشريف إلى أنه عرض على الرئيس مبارك أمس الترشيحات النهائية للحزب في الانتخابات، بعدما عقد الحزب أمس اجتماعاً لهيئة مكتبه وأجرى مناقشات مع أعضاء الأمانة العامة لاعتماد الترشيحات. ونقل عن مبارك تأكيده «ضرورة التزام كل القرارات الصادرة عن اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، وضرورة التزام الشفافية وأسلوب الدعاية الانتخابية وفق القانون». وأوضح الشريف أنه عرض مع مبارك «بالتفصيل هذه الترشيحات النهائية والمدققة التي تم التوصل إليها من خلال المجمعات الانتخابية التي شاركت فيها كل الكوادر الحزبية على مستوى القواعد في الحزب حتى تكون هناك ديموقراطية الاختيار. ونطالب بضرورة الإلتزام بهذه الاختيارات»، وإن أقر بوجود «ظروف استدعت إجراء بعض التغييرات المحدودة». شكاوى من قيود في غضون ذلك، قالت «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» إنها تلقت عشرات الشكاوى في شأن قيود واجهها عدد من المرشحين خلال عمليات تقديم الأوراق، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أنها ما زالت بصدد التأكد من صدقية تلك الشكاوى. وقال رئيس وحدة الدعم القانوني في المنظمة المحامي طارق زغلول: «تلقينا عشرات الشكاوى من مرشحي جماعة الإخوان والحزب العربي الناصري إضافة إلى أعضاء في الحزب الوطني حاولوا التقدم بأوراقهم مستقلين في شأن قيود وإجراءات منع واجهتهم خلال تقديم أوراق الترشح». وأضاف ل «الحياة»: «لدينا عدد من المستندات التي أرسلها المرشحون إلينا في شأن منعهم من تقديم أوراق الترشح... لكننا نقوم الآن بالتحقق من صدقية تلك الشكاوى». ولفت إلى أن «المنظمة تجري الآن استعدادات مكثفة للإعداد لعمليات مراقبة الانتخابات... لدينا مراسلون في جميع الدوائر تم تدريبهم في الاشهر الماضية، وسيشرفون على عملية الاقتراع». ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر في «الإخوان» أن 14 عضواً في الجماعة قدموا أوراق ترشحهم لانتخابات الشورى، لكن قبول ترشحهم ليس نهائياً. وقال مصدر إن بين المرشحين ثلاثة أعضاء في مجلس الشعب الذي ستجرى الانتخابات الخاصة به أواخر العام، هم عزب مصطفى وعلي فتح الباب وأشرف بدر الدين. وقال مراقبون إن الجماعة رشحتهم للاستفادة من حصانتهم البرلمانية في مواجهة إجراءات ممكنة من جانب الشرطة تشمل الاحتجاز لفترة يمكن أن تطول طبقاً لحال الطوارئ السارية في البلاد منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. وأضاف المصدر أن مرشحي الجماعة يمثلون دوائر في 11 محافظة. وحرصت الجماعة على تأكيد أن هذا العدد المحدود من المرشحين قصد به ألا تبدو في منافسة مع الحزب الحاكم. استعدادات الداخلية وفي ما يخص استعدادات وزارة الداخلية ليوم الاقتراع، أكد مدير الإدراة العامة للانتخابات في الوزارة اللواء محمد رفعت قمصان أن دور أجهزة الأمن في العملية الانتخابية هو «تأمين أطراف العملية الانتخابية، سواء الناخب خلال فترة إدلائه بصوته وتمكينه من ذلك بسهولة ويسر وضمان عدم تعرضه لأي ضغوط غير شرعية، أو المرشح منذ بدء تقديمه أوراق ترشحه وفترة الدعاية الانتخابية حتى إعلان النتيجة التي قد تشهد مناوشات بين المرشحين وبعضهم». وقال ل «الحياة» إن «واجبنا هو الحفاظ على كل اطراف العملية الانتخابية في مراحلها كافة إضافة إلى القائمين على العملية الانتخابية والجوانب الادارية الاخرى الخاصة بتأمين صناديق الاقتراع وتأمين تحركات اعضاء لجان الرقابة على الانتخابات». وشدد على أن الوزارة «لا تتحيز لفصيل ضد آخر ولا تمنع المواطنين من المشاركة في الانتخابات مثلما يردد معارضون، لكننا نقوم بالتنظيم والسيطرة على أطراف العملية الانتخابية ومناصريهم بحيث لا تحدث تجاوزات». وأقر بوجود أسماء متوفين في الكشوف الانتخابية، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن «الأموات لا يصوتون في الانتخابات». وقال: «بعد تطبيق بعض الضمانات في الانتخابات الماضية مثل التوقيع في كشوف مخصصة للناخبين واستخدام الحبر الفسفوري لا يوجد متوفون يدلوا بأصواتهم... أسماء المتوفين قد تكون موجودة في الجداول الانتخابية، لكن ذلك يرجع إلى عدم تقدم عائلة المتوفي بطلب لحذف اسمه من الكشوف الانتخابية، لكننا نقوم بحصر كامل لأعداد المتوفين كل ثلاثة أشهر ونقوم بحذف تلك الأسماء من الجداول الانتخابية».