اختارت الجزائر أن تجدد طلبها باعتذار فرنسي عن جرائم الاستعمار بمسيرة حاشدة وسط مدينة سطيف (300 كلم شرق العاصمة)، إحدى أكثر المناطق تسجيلاً للشهداء خلال مجازر ذكرى أيار (مايو) 1945. وتخليداً لهذه الذكرى، شارك قرابة 25 ألف مواطن في مسيرة «الوفاء» في سطيف، معيدين التذكير بمسيرة عام 1945 عندما خرج آلاف الجزائريين عقب نهاية الحرب العالمية الثانية يترقبون وفاء فرنسا بوعدها بمنح الجزائر استقلالها. ورعت الحكومة الجزائرية احتفالات تاريخية في سطيف أشرف عليها وزير المجاهدين محمد الشريف عباس الذي اعتبر ما حصل من قمع في عام 1945 إحدى «الحلقات الأكثر دموية في مسيرة الكفاح الطويلة والمعاناة والبطولة التي عاشها الشعب الجزائري من أول يوم للاحتلال إلى غاية تحقيق النصر» عام 1962. ووصف الوزير في كلمة ألقاها بجامعة سطيف، عشية المسيرة، الأحداث الدامية ب «الوحشية» التي «تحول فيها حفل الاحتفال بانتصار الحلفاء على النازية في 8 أيار (مايو) 1945 وبعد ذلك طيلة شهر كامل إلى حمام للدم». وقال عباس الذي فجّر خلافاً قبل ثلاثة أعوام بين الجزائر وباريس بسبب حديثه عن «أصول الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) اليهودية»، إن «فرنسا التي كانت تتفاخر وتدعي بأنها واحة حقوق الإنسان كانت في تلك الفترة قوة للشر»، مشيراً إلى أن الشعب أدرك أن لا بد من «استعمال البندقية» لتحرير الوطن. وأطلق بدوره الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين سعيد عبادو ما يشبه الشروط لبناء شراكة من أجل التعاون بين الجزائروفرنسا، إذا قال: «إن على فرنسا أن تقدم مبادرة تتضمن مراجعة سياستها المعتادة تجاه القضايا ذات الصلة بالفترة الاستعمارية». وأضاف أن فرنسا «لا بد من أن تفهم جيداً ما تريده أو تطلبه الجزائر بطريقة شرعية، فهي لا تقبل بإنكار حقيقة أو تجاهل ولا سقوط بالتقادم على رغم مرور عشرات السنين» على ما قام به الاستعمار. كذلك أعلن حزب جبهة التحرير الوطني (صاحب الغالبية البرلمانية)، في بيان، أنه «لن يكل ولن يمل من المطالبة بالاعتراف بحقيقة الجريمة الاستعمارية وبالاعتذار الرسمي العلني وبالتعويض وهو السبيل الأمثل والأقصر». وأضاف أنه «لن يتوقف في هذه المناسبة عند ترديد المطالب المشروعة للشعب الجزائري بتجريم الظاهرة الاستعمارية».