انضمت سلوفينيا رسمياً الى معركة انتخاب الأمين العام المقبل للأمم المتحدة، خلفاً للكوري الجنوبي بان كي مون الذي تنتهي ولايته نهاية السنة، وذلك من خلال ترشيح رئيسها السابق دانيلو تورك الى المنصب، وسط تحفّظ على ترشيح المديرة العامة ل «يونسكو» آرينا بوكوفا. وعلى رغم وجود ثلاثة مرشحين آخرين، وتكهنات حول مرشحين غير رسميين، إلا أن الترجيحات تتّجه نحو تولي شخصية من أوروبا الشرقية مقعد الأمين العام المقبل، للمرة الأولى، مع تقبّل واسع لضرورة حدوث تغيير تاريخي وتولي امرأة المنصب الذي شغله ثمانية رجال خلال العقود السبعة الماضية. وأشار ديبلوماسيون الى أنهم التقوا أخيراً مرشحين لتولي المنصب، في نيويورك وعواصم دولهم، خلال «مشاورات تسويق لأنفسهم، في زيارات صامتة الى دول وازنة سياسياً، دولياً وإقليمياً». وكان تورك واحداً من المرشحين الذين زاروا بعثات ديبلوماسية في نيويورك. وتتصدر بوكوفا لائحة المرشحين غير الرسميين، وهي سياسية بلغارية صاحبة باع في نشاط الأممالمتحدة، لجهة المناداة بالمساواة بين الجنسين. ونالت بوكوفا قبل يومين دعم حكومتها لشغل المنصب، بعد منافسة مع غريمتها كريستالينا جيورجيفا، وهي بلغارية أيضاً ومعروفة جداً في بروكسيل، حيث توّلت مناصب بارزة في الاتحاد الأوروبي. ولفت ديبلوماسي في نيويورك الى أن بوكوفا «تتمتع بخبرة مهمة، وهي ممثلة ممتازة لرسالة المساواة بين الجنسين»، مستدركاً أنها «خريجة معهد الدولة للعلاقات الخارجية في موسكو عام 1976، وكانت عضواً نشطاً في الحزب الشيوعي البلغاري، حتى انهيار الكتلة الشرقية، ما يطرح أسئلة عن مدى تقبّل الولاياتالمتحدة لها». كما أن «انضمام فلسطين الى يونسكو سبّب جفاءً أميركياً مع المنظمة، بلغ حد وقف تمويلها». بين المرشحين أيضاً وزير الخارجية الصربي السابق ياك جيريميتش، لكنه فشل في تقديم صورة جيدة عن نفسه، خلال رئاسته الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل سنتين، لا سيّما لجهة «فظاظته وقلّة خبرته» في العمل الديبلوماسي المتعدد الطرف، كما قال ديبلوماسيون. ورشحت كرواتيا وزيرة خارجيتها السابقة فسنا بوسيك، لكن الحكومة الكرواتية انهارت أخيراً، ما عطّل عملية ترشيحها، وليس واضحاً هل ما زالت تحظى بدعم حكومة بلادها. كذلك رشحت مقدونيا وزير خارجيتها السابق سيرجيان كريم، ومونتينيغرو وزير خارجيتها إيغور لوكشيك. ووجّه وزير الخارجية السلوفيني كارل إرجافيك الى رئيسَي مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، رسالة حول ترشيح تورك، ورد فيها أن الأخير «شخصية سياسية دولية معروفة، وديبلوماسي وبروفسور في القانون الدولي وذو خبرة سياسية ودولية مرموقة». وذكّر بأن تورك «تولى منصب مساعد الأمين العام للشؤون السياسية بين عامَي 2000 و2005، أثناء ولاية الأمين العام السابق كوفي أنان». وتورك الآن عضو في «نادي مدريد» للرؤساء ورؤساء الحكومات السابقين المنتخبين ديموقراطياً، ويرأس «اللجنة الدولية العليا لشؤون المياه والسلام» في «مجلس مديري المبادرة الدولية للعدل» (مقرها واشنطن)، كما أنه أستاذ قانون زائر في جامعة كولومبيا في نيويورك. وتتسم عملية انتخاب الأمين العام المقبل بطابع جديد، مع مطالبة أقوى من الجمعية العامة ومنظمات المجتمع المدني، بتنظيم انتخابات شفافة، بحيث لا تكون الكلمة الفصل فيها للدول الكبرى في مجلس الأمن فقط، كما حدث سابقاً. شفافية وأسّست الأممالمتحدة للمرة الأولى أخيراً، موقعاً الكترونياً (www.unelections.org) لنشر أسماء المرشحين والبيانات المتعلقة بعملية الانتخاب، في خطوة قوبلت بترحيب من منظمات مدنية، إذ إن الترشيحات كانت تتم سراً منذ تأسيس المنظمة الدولية قبل 70 سنة. ودرجت آلية انتخاب الأمين العام على تداول الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، أسماء مرشحين والتوافق على أحدهم، ليُطرح على بقية أعضاء المجلس غير الدائمين، ثم يُحال اسمه على الجمعية العامة التي تضمّ كل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية (193)، لتصوّت على انتخابه في شكل آلي. ولم يسبق أن قدّم مجلس الأمن الى الجمعية العامة أكثر من مرشح واحد لتولي المنصب. لكن منظمات أهلية طالبت بأن يقدّم المجلس أكثر من مرشح، بحيث تكون الدول الأعضاء في الأممالمتحدة قادرة على الاختيار بين مرشحَين أو أكثر. وأعلن رئيس الجمعية العامة الدنماركي موغينز ليكتوف أنه سيطلب سيرة شخصية من كل مرشح لمنصب الأمين العام، على أن يبدأ درسها الربيع المقبل، في جلسة علنية «لمن يرغب»، أي قبل انطلاق المداولات في مجلس الأمن في تموز (يوليو) المقبل. وعلى رغم التطلّع الى مزيد من الشفافية في عملية الانتخاب، أشار ديبلوماسيون الى أن «الشكل لن يطغى على المضمون»، في تذكير بقوة نفوذَي واشنطنوموسكو في المسائل الكبرى في الأممالمتحدة، علماً أن روسيا ستتسلم رئاسة مجلس الأمن في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وسيكون رأيها «مهماً» في اختيار الأمين العام المقبل، بسبب نفوذها التاريخي في أوروبا الشرقية.