أعلن وزير الاتصالات اللبناني بطرس حرب أمس أن وزارته كما استلمها «تعمل خارج القواعد القانونية التي ترعاها، ما جعلها بعيدة كل البعد عن الأصول القانونية وعن أصول الحاكمية الرشيدة التي يجب أن تكون العمود الفقري للعمل الحكومي»، مضيفاً في مؤتمر صحافي: «فوجئت بأن السياسة التي كانت معتمدة في الوزارة خلال السنوات الأربع الماضية قامت على وضع قانون الاتصالات رقم 431 الصادر عام 2002 في الأدراج، وخلال هذه السنوات، اعتُمدت سياسة مناقضة تماماً للقانون 431 وللنماذج العالمية وللمعايير الفضلى المطبقة في هذا المجال». وقال: «بدل السير في نهج تحرير سوق الاتصالات كما ينص القانون، وُضعت قيود تستبعد تحرير هذه السوق وتُخضعها للقرار السياسي»، لافتاً إلى أن «القانون 431 ينص على تحرير سوق الاتصالات وإدخال المنافسة الحقيقية فيها وتأمين قيام منافسة شريفة وتقديم الخدمة بسعر متدنٍ وبجودة عالية»، مضيفاً أن «تحرير سوق الاتصالات يستهدف الوصول إلى اتخاذ القرار بصورة لامركزية بعيداً عن البيروقراطية الإدارية وعن حصرية اتخاذ القرارات بالمرجعيات العليا». وأشار حرب إلى «إنفاق مبالغ هائلة في السنوات الأخيرة قاربت 650 مليون دولار في الشبكة الخليوية، ونحو 100 مليون دولار أو أكثر في الشبكة الثابتة، وعلى رغم هذه المبالغ لم يلمس المواطن أي تحسن في جودة خدمات الاتصالات، كما أن مخالفة الرؤية الإستراتيجية التي حددها القانون 431 أدت إلى عرقلة المشاريع الجديدة على الشبكة الثابتة على رغم إطلاقها عام 2010، وأدت مخالفة القانون إلى تردي نوعية الخدمة التي يحصل عليها المواطن بدلاً من تحسينها»، مشدداً على «رفضه لاستمرار الأمور على ما هي عليه، فهناك قانون نافذ يجب احترامه». وشدد على أن «الشؤون السياسية وصراعاتها ستبقى خارج أبواب وزارة الاتصالات كونها لخدمة جميع المواطنين من دون استثناء أو تمييز»، قائلاً: «لن أسمح بأن يصدر أي قرار بدوافع سياسية». وأضاف: «سأعمل على محورين أساسيين، المحور الأول مرتبط بورشة إصلاحية من ضمن الوزارة وفق القانون 431 والمحور الثاني مرتبط بتحسين الخدمات للمواطنين في مهلة لا تتجاوز الشهرين». وأشار حرب إلى «أن هناك علاقة إيجابية ومباشرة بين تطور سوق الاتصالات وزيادة الناتج المحلي. لذلك، فإن وضع سوق الاتصالات على المسار الصحيح سيؤدي حكماً إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب، وإلى الحدّ من هجرة الأدمغة، واجتذاب استثمارات جديدة، وإلى حفز كامل للاقتصاد اللبناني، كون الاتصالات هي الديناميكية الترابطية التي تطاول المجتمع بأكمله، من قطاع التعليم والاستشفاء والصناعة والسياحة والزراعة والتجارة والمصارف إلى الخدمات على أنواعها. فخدمات الاتصالات، من الهاتف إلى الإنترنت، لم تعد من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها، بل أصبحت من الضروريات الحياتية كالماء والهواء بل وحقاً أساسياً للإنسان لأن حرية التواصل والاتصال هي من الحريات الأساسية للإنسان». ووعد بإعادة النظر في أسعار خدمات الاتصالات الثابتة والخلوية والإنترنت والبريد للوصول إلى وضع أسعار مستندة إلى الكلفة الفعلية، من خلال تطبيق إعادة التوازن في الأسعار، وصولاً إلى خفض حقيقي لتعرفة الخدمات، ومنها خفض كلفة المخابرات الدولية 50 في المئة وتفعيل استخدام البطاقات المسبقة الدفع مع خفض تكاليفها من 30 إلى 50 في المئة، وتحويل العائدات الحديثة للبلديات على الهاتف الثابت، والتعاون مع وزارة المال ووزارة الداخلية والبلديات للإفراج عن حصة البلديات من واردات الهاتف الخليوي للفترة من 2010 إلى 2013 ضمناً، بعد تجميدها في حساب خاص غير منتج وتستفيد من هذا التدبير 900 بلدية بمبالغ مجموعها 257 بليون ليرة (171 مليون دولار). وأكد حرب أن أولى المشاكل التي واجهها عند تولي الوزارة كانت إيجاد حل لعقدة انتهاء عقود تشغيل قطاع الهاتف الخليوي في 31 آذار (مارس) الجاري، والذي لم تكن الوزارة اتخذت أي تدبير بخصوصه أو وضعت تصوراً له. وقال: «نظراً إلى عدم قدرة الوزارة على إجراء مناقصة دولية في الفترة المتبقية للعقدين المنتهيين، قررتُ إجراء مفاوضات مع شركتي الخليوي الحاليتين لتمديد العقدين لثلاثة أشهر تسمح لنا بتحضير دفاتر الشروط لإجراء المناقصة المذكورة، وانتهت المفاوضات بخفض قيمة الأتعاب التي كانت الشركتان تطالبان بها للأشهر الثلاثة المقبلة بنحو 5.5 مليون دولار، بالإضافة إلى الاتفاق على عدم دفع الوزارة مبلغ مواز تطالب الشركتان بدفعه عن الأشهر الأولى من 2014، بما مجموعه 11 مليون دولار أميركي».