وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطاب شكر وتقدير إلى المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ولأصحاب الفضيلة أعضاء الهيئة رداً على كتاب سماحته المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية عن الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة. وجاء في خطاب الملك عبدالله: «سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء سلمه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: اطلعنا على كتاب سماحتكم المرفق به قرار هيئة كبار العلماء والمتضمن تجريم تمويل الإرهاب، لما فيه من الإفساد، وزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال، والممتلكات الخاصة والعامة. ونشكر سماحتكم، وأصحاب الفضيلة أعضاء الهيئة على ما تضمنه القرار من بيان الحكم الشرعي المؤيد بالدليل والتعليل حيال هذه الجريمة النكراء، التي تقف مع الإرهاب في خندق واحد بل هي التي تغذيه، محاولة الإفساد في الأرض، وزعزعة أمننا، واستهداف مقدراتنا، والنيل من منهجنا الوسطي المعتدل، والحمدلله الذي أمكن منها، وكشف ضلالها، وجعلنا على كلمة سواء، ومحجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، نتوخى جميعاً الحق بدليله، ونسمو بالقول كما نسمو بالعمل. بارك الله فيكم وفي علمكم، وأعانكم على التصدي لأفكار الفئة الضالة وبيان كلمة الحق فيها ومن ساندها. والله نسأل أن يحفظ لنا ديننا وأمننا، ويرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود». وكان سماحة المفتي رفع إلى خادم الحرمين الشريفين كتاباً تضمن قرار الهيئة بهذا الشأن. وفي ما يأتي نص كتاب سماحته: «من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ إلى حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك الكريم عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء وفقه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأرفع لمقامكم الكريم أن هيئة كبار العلماء في جلستها الاستثنائية العشرين التي عقدت بمدينة الرياض ابتداء من تاريخ 25/4/1431ه درست موضوع تمويل الإرهاب وفق النقاط الواردة في توجيهكم الكريم رقم (3027 م ب) وتاريخ 7/4/1431ه. وقد أصدرت قرارها رقم (239) وتاريخ 27/4/1431ه، في الموضوع متضمناً تلك النقاط، أرفعه لأنظاركم الكريمة مع توجيهكم السامي، رجاء الاطلاع والتفضل بالإحاطة. وأسأل الله أن يسدد خطاكم وأن يوفقكم لكل ما يحبه ويرضاه، وأن يعينكم على الخير، إنه خير مسؤول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء. وفي ما يأتي نص قرار الهيئة: «الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن هيئة كبار العلماء في جلستها العشرين الاستثنائية المعقودة في مدينة الرياض بتاريخ 25/4/1431ه، تشير إلى ما سبق أن صدر عنها من قرارات وبيانات فيما يقوم به المفسدون في الأرض بما يزعزع الأمن، ويهتك الحرمات في البلاد الإسلامية وغيرها، كالقرار المؤرخ في 12/1/1409ه. والبيان المؤرخ في 22/6/1416ه. والبيان المؤرخ في 13/2/1417ه. والبيان المؤرخ في 14/6/1424ه . وقد نظرت الهيئة في حكم «تمويل الإرهاب» باعتبار أن الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة، كنسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعاً، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره. كما نظرت الهيئة في أدلة «تجريم تمويل الإرهاب» من الكتاب، والسنة، وقواعد الشريعة، ومن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية: أن للوسائل حكم الغايات، ولما جاء في الشريعة من الأمر بحفظ الحقوق والعهود في البلاد الإسلامية وغيرها. لذلك كله فإن الهيئة تقرر: أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعاً، سواء بتوفير الأموال أم جمعها أم المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أم غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أم غير مشروعة. فمن قام بهذه الجريمة عالماً، فقد ارتكب أمراً محرماً، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي. وتؤكد الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم، وعلاجهم، وتعليمهم لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء. وإن هيئة كبار العلماء إذ تقرر هذا فإنها توصي المسلمين جميعاً بالتمسك بالدين وهدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، والكف عن كل عمل من شأنه الإضرار بالناس والتعدي عليهم. ونسأل الله عز وجل لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية، وعموم بلاد المسلمين الخير والصلاح والحفظ وجمع الكلمة، وأن يصلح حال البشرية أجمعين بما يحقق العدل وينشر الفضل. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هيئة كبار العلماء».